إسلام جحا - خاصّ الأفضل نيوز
في البقاع، لم تعد السنابل تنتظر موسم الحصاد، بل تسقط ضحية الجفاف القاتل قبل أوانها. الأرض العطشى تنادي، والمزارعون يرفعون أبصارهم نحو سماء كانت شحيحة بالأمطار هذا العام، فيما الآبار تنضب والمحاصيل تذبل. يُدق ناقوس أزمةٍ موسميةٍ ليست عابرة، بل حلّت كإنذار أخير يهدد لقمة العيش ويضرب الأمن الغذائي في صميمه. فهل تتدارك الدولة الموقف قبل أن تتحوّل مواسم أمل المزارع اللبناني إلى رماد؟
في ظل موسم استثنائي من الجفاف يضرب الأراضي الزراعية في لبنان، أطلق نقيب مزارعي القمح والحبوب في البقاع نجيب فارس صرخة استغاثة باسم المزارعين، دعا خلالها الحكومة إلى "وضع خطة طوارئ زراعية عاجلة تنقذ ما تبقّى من موسم الحبوب، لا سيما المزروعات البعلية التي تتعرض لخطر الانقراض بسبب تراجع كميات الأمطار".
وأشار فارس في حديث خاص لـ"الأفضل نيوز" إلى أنّ "الحقول المزروعة بدأت باليباس المبكر، نتيجة الجفاف غير المسبوق الذي يسيطر على مناطق واسعة في البقاع الغربي وراشيا، والبقاعين الأوسط والشمالي وصولًا إلى بعلبك - الهرمل". وأكد أنّ "الأزمة تفاقمت مع انتشار حشرتي السونا والصدأ، ما ينذر بكارثة زراعية واقتصادية تطال آلاف العائلات".
وقال: "منذ أكثر من شهر، نطالب الجهات الرسمية بالتحرّك، ولكن لا حياة لمن تنادي. المزارعون يحاولون إطلاق الخرطوشة الأخيرة، لعلّ أحدًا يسمع"، مشددًا على ضرورة دعم المزارعين عبر توفير المبيدات والأسمدة والمحروقات، وتقديم تعويضات عن كل دونم متضرر بشكل عادل.
كما شدّد فارس على أهمية أن "تتحرّك الحكومة بشكل فوري لشراء القمح من المزارعين بأسعار مدعومة، ما يساهم في دعم هذا القطاع الاستراتيجي وحماية الأمن الغذائي اللبناني، الذي بات في مهبّ الريح".
وحذّر من أنّ "لبنان لا يملك أي خطة زراعية لتكثيف الإنتاج، ولا توجد حتى مخازن احتياطية للقمح، في وقت من المحتمل أن ترتفع فيه أسعار الطحين عالميًا إذا ما طال الجفاف دول إنتاج القمح"، مؤكدًا أن "الأزمة لن تطال القمح فقط، بل ستمتدّ إلى البطاطا والخضروات البعلية".
أما في ما يخصّ وضع الآبار، فكشف فارس أن "منسوب المياه انخفض بشكل ملحوظ، إذ إنّ البئر الذي كان يضخّ 50 بخاخًا بات بالكاد ينتج 40، ونحن لا نزال في بداية الموسم، ما يعني أن الوضع مرشّح للأسوأ مع دخول الصيف".
وفي انتظار السماء، تبقى أعين المزارعين معلّقةً بقرارات قد لا تأتي، فيما الحقول تموت بصمت... فهل من يُنقذ الموسم قبل أن يُكتب على السنابل النعي الأخير؟.