رنا نحلة - خاصّ الأفضل نيوز
في أعقاب الحروب، حين يسود الصمت الموجع ويغمر الرماد الأرض، يبقى العمل هو الجسر الوحيد بين الألم والأمل. عيد العمال، في زمن ما بعد الحرب، لا يُحتفل به بأناشيد الفراغ أو بكلمات رسمية جوفاء، بل يُحتفل به بعيون متعبة وأيادٍ مشققة، تحمل آثار المعاناة وشوقًا للحياة.
العامل بعد الحرب ليس فقط من يبني الجدران أو يُصلح الآلات، بل هو من يعيد تشكيل الوطن، قطعةً قطعة، وذكرى ذكرى. في كل ضربة مطرقة، في كل رفعة مجرفة، هناك رسالة خفية: “ما زلنا هنا… وسننهض”. هؤلاء العمال لا يحملون فقط أدواتهم، بل يحملون الوجع، الفقد، والرجاء.
يأتي عيدهم بعد الحرب مختلفًا؛ لا تُرفع فيه الرايات فخرًا بالماضي فقط، بل تُرفع إيمانًا بالمستقبل. العمال الذين بقوا رغم الدمار، والذين عادوا رغم الفقد، هم أبطال غير معلنين، بنوا البلاد بعرقهم حين تكسّرت الأقلام وسكتت المدافع.
في عيد العمال بعد الحرب، تتوقف الكلمات وتتكلم الصور: يد تمسح جبينًا مبللًا بالعرق، ظهر منحنٍ يحمل الحجارة، وطفل يلوّح لأبيه من بين الركام. هذه اللحظات الصغيرة هي التي تشكّل عظمة العمل، وتمنح هذا العيد بُعدًا وجدانيًا لا يمكن تجاهله.
فلنقف في هذا اليوم وقفة تقدير، لا بالشعارات، بل بالاعتراف. الاعتراف بأن كل حجر في طريق العودة، كل نافذة تُرمم، وكل نبضة تعود إلى قلب الوطن، وراءها عاملٌ لم يستسلم.