عبد الله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
سادت حالة من الجدل خلال الساعات الماضية، إثر تداول معلومات عن “تشنج” بين حزب الله والجيش اللبناني، بسبب رفض الحزب السماح للجيش بالتحرك نحو الموقع الذي استُهدف لاحقًا بغارة إسرائيلية في منطقة الحدث.
وبحسب معلومات “الأفضل نيوز”، فإن المعطيات الحالية تشير إلى أن فوج التدخل الرابع، المسؤول أمنيًّا عن منطقة الضاحية، لم يُسيّر أي دوريات باتجاه الموقع المذكور خلال الفترة التي سبقت الغارة، مما يشير بوضوح إلى عدم تلقي الجيش “توجيهات” بهذا الخصوص من لجنة الإشراف الثلاثية. كذلك، لم يتحرك مكتب أمن الضاحية التابع لمديرية المخابرات. لكن المصدر أبقى جانباً من الموضوع مبهماً، حين قال إن الجيش يتحرك عادةً بناء على معطيات ترده بمعزل عن أهمية الموقع المذكور، من دون أن يفصح عن تفاصيل إضافية بشأن ذلك.
وتفيد المعلومات أن الجيش نفذ خلال الأسابيع القليلة الماضية عدة عمليات دهم استهدفت مواقع تابعة لحزب الله في الضاحية، بناءً على بلاغات من “الآلية الثلاثية” (mechanism)، وجرى تحويلها إلى الوحدات الميدانية. من أبرز هذه المواقع، موقع في منطقة الشويفات — التي سبق للعدو أن كثّف استهدافه لها خلال الحرب الأخيرة — وآخر في محيط بلدة كفرشيما عند الجانب الغربي من طريق صيدا القديمة، إضافة إلى تحركات محدودة داخل الضاحية. ولم تُسجّل أي احتكاكات مع حزب الله، الذي بدا متعاونًا، ضمن إطار “آلية تنسيق ومتابعة” قائمة بين الطرفين.
وتشير مصادر مطلعة إلى أنه فور تلقي تهديدات من العدو الإسرائيلي باستهداف موقع محدد في الحدث، أجرت قيادة الجيش اتصالات دقيقة مع الجهات المعنية، وأوعزت بتحريك دورية. وبالفعل، توجّهت دورية من فوج التدخل الرابع بمؤازرة أخرى من مكتب أمن الضاحية إلى الموقع المستهدف، حيث تم الإبلاغ عن وجود صاروخ غير منفجر في قاع الخيمة التي استهدفت.
وبعد انتهاء أعمال الإغاثة وإخماد النيران ليلاً، دخلت دورية الجيش وأجرت مسحًا دقيقًا للمنطقة. ولاحقًا، وفي وقتٍ مبكر من الفجر، تمكنت الفرق المختصة من الوصول إلى موقع الصاروخ غير المنفجر بعد عمليات حفر دقيقة، وعملت على تفكيكه وسحبه من المكان. إلا أن بعض وسائل الإعلام سوقت هذه الأمور على أنها دليل على وجود صاروخ باليستي قام حزب الله بإخفائه أسفل المباني، ما منح العدو ذريعة لاستهداف الموقع.
اللافت في هذه القضية هو تراكم الروايات المتضاربة. ففيما تحدث الخطاب الإعلامي عن وجود سلاح، أشارت تسريبات أخرى إلى أن الهدف كان أموالًا يُزعم أن حزب الله خزّنها.
وتداولت إحدى وسائل الإعلام فرضية مفادها أن الحزب تمكن من إخراج خزائن أموال من خلال أنفاق أسفل المباني. لكن المعطيات الميدانية تنفي ذلك، حيث أدت الغارة إلى انهيار جدران المستودعات وتراكم الركام الذي فصل بين أجزاء الموقع، فيما الصاروخ المستخدم كان خارقًا للتحصينات، قادرًا على تدمير أي نفق أو ملجأ على عمق يصل إلى 20 مترًا.
وعليه، لا يبدو أن الهدف من الغارة كان تنفيذ ضربة عسكرية مباشرة ضد قدرات حزب الله، بقدر ما كانت تهدف إلى فرض ضغوط سياسية في ظل تصاعد الأصوات الداخلية المطالبة بنزع سلاح الحزب. وتستفيد إسرائيل من هذا الجو السياسي، محاولة فرض قيود على حزب الله، ودفعه إلى تقديم تنازلات، تحت طائلة تكرار الضربات العسكرية.
من الواضح أن هذا الخطاب المتصاعد يصب في مصلحة العدو الإسرائيلي، ويمنحه هامشًا أوسع في استهداف الحزب سياسيًّا وعسكريًّا، معتمداً على روايات تصور المقاومة وكأنها مستمرة في تكديس السلاح بين المدنيين، في محاولة لإثارة نقمة داخل بيئتها الحاضنة.