نوال أبو حيدر - خاص الأفضل نيوز
تُعدّ الأسعار المرتفعة للسلع والمواد الغذائية من أبرز التحديات التي تواجه لبنان في الوقت الحالي. وعلى الرغم من التوقعات بوجود انخفاضات في الأسعار نتيجة للعديد من العوامل الاقتصادية المحلية وبفضل وعود رئاسية وحكومية، إلا أن الواقع لا يعكس هذه التوقعات، حيث لا يزال المواطن اللبناني يعاني من ارتفاع مستمر في التكاليف الحياتية اليومية.
من هنا، تبرز تساؤلات عدة حول الأسباب التي تحول دون انخفاض الأسعار، في ظل ما يشهده لبنان من تقلبات اقتصادية وأزمات سياسية، والتي قد تساهم في خلق حالة من اللامبالاة من قِبَل المعنيين تجاه هذا الأمر. فلماذا لا ينعكس تراجع أسعار المحروقات في لبنان على انخفاض أسعار السلع والمواد الغذائية؟
في هذا السياق، تقول مصادر مطلعة عبر "الأفضل نيوز" إن "التراجع المستمر في أسعار المحروقات كان من المفترض أن يساهم في خفض تكاليف النقل والتوزيع، وبالتالي يؤثر إيجابياً على أسعار السلع في السوق. لكن الواقع لا يعكس ذلك، وهذا يعود لأسباب وعوامل عديدة منها، التحديات الاقتصادية إذ يعاني لبنان من أزمة اقتصادية منذ عدة سنوات، وما زالت تؤثر بشكل كبير على مختلف الجوانب والأبعاد، إلى جانب التضخم المرتفع، تدهور قيمة الليرة اللبنانية، وتزايد معدلات البطالة. ورغم تراجع أسعار المحروقات، تبقى هذه الأزمات الهيكلية قائمة، مما يعيق انعكاس التحولات في أسعار المحروقات على الأسعار بشكل واضح".
وتتابع: "التلاعب أو الاستغلال من قبل بعض التجار لزيادة هوامش ربحهم، خاصة في ظل غياب رقابة فعالة على الأسواق، إلى جانب ضعف الرقابة الحكومية على السوق، وغياب آليات فعالة تراقب وتنفذ سياسات تسعير عادلة، جميعها تؤدي إلى استمرار التفاوت بين الأسعار الفعلية التي يدفعها المستهلكون وبين التكلفة الحقيقية للمنتجات".
وفي السياق عينه، تشرح المصادر نفسها أن "السوق يعاني من نقص في المنافسة أو حتى احتكار لعدد قليل من الشركات الكبرى التي تحدد الأسعار وفقًا لمصالحها الخاصة، ما يؤدي إلى إبقاء الأسعار مرتفعة رغم انخفاض التكاليف التشغيلية، بالإضافة إلى عامل مهم جداً وهو أن السوق اللبناني لا يزال يعتمد بشكل كبير على الدولار في تسعير السلع والمنتجات. لذا، فإن تقلب سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار يمكن أن يظل عاملًا رئيسيًّا في إبقاء الأسعار مرتفعة، حتى في حال انخفاض تكاليف بعض المواد".
وتختم المصادر: "إن تراجع أسعار المحروقات في لبنان لا يمثل الحل الشامل لمشكلة ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية. فالأزمة الاقتصادية المستمرة، والتحديات المتعلقة بالعملة، والاحتكار، وضعف الرقابة الحكومية جميعها تساهم في تعقيد الوضع المعيشي للمواطن. ولتحقيق تغيير حقيقي في خفض الأسعار، يتطلب الأمر استراتيجية متكاملة ورؤية شاملة تركز على تحسين الرقابة على الأسواق، تعزيز المنافسة، وتحقيق استقرار اقتصادي. من دون معالجة هذه المواضيع بشكل جذري وعميق، ستظل الأسعار في السوق تتأثر بعوامل متعددة تبقى بعيدة عن متناول التغيرات في أسعار المحروقات".