خضر رسلان - خاصّ الأفضل نيوز
في ظل انطلاق الانتخابات البلدية في لبنان، نشهد من جديد تكرار المشهد التقليدي الذي بات مألوفًا في كثير من قرانا وبلداتنا: لوائح مبنية على الاعتبارات العائلية، وتحالفات تُصاغ وفق العصبيات لا وفق معايير الكفاءة والخبرة. وكأننا لم نتعلم بعد أن البلدية ليست منبراً للوجاهة الاجتماعية، بل مساحة للعمل التنموي الحقيقي.
البلديات، اليوم أكثر من أي وقت مضى، تقف في موقع مفصلي. هي الجهة الأولى المسؤولة عن تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين: من البنية التحتية إلى الصرف الصحي، من الكهرباء والمياه إلى المشاريع الزراعية والتنموية. وفي ظل هذه التحديات، لا يمكن التعامل مع الانتخابات البلدية على أنها مباراة بين العائلات، أو استعراض للقوى التقليدية.
في القرى الجنوبية التي دفعت ثمناً باهظاً بفعل العدوان الإسرائيلي، الحاجة مضاعفة. هناك بلدات ما زالت تنتظر إعادة إعمار حقيقية، وأخرى تبحث عن بصيص أمل في مشاريع تنموية مستدامة. كل هذا يتطلب مجالس بلدية متماسكة، يقودها أشخاص يملكون رؤية وخبرة والتزاماً، لا فقط ألقاباً وولاءات.
إن مسؤولية التغيير تبدأ من الناس أنفسهم. كل عائلة وكل فرد مدعو اليوم لأن يراجع خياراته، وأن يسأل: من الأجدر، من الأقدر، من الأنظف يدًا؟ ومن لديه القدرة على إدارة شؤون البلدة لا من يكتفي برفع الشعارات أو استغلال العواطف؟ لقد آن الأوان لنقول بوضوح: العصبيات لا تبني مستقبلاً، والكفاءات وحدها هي التي تحمي الحاضر وتصنع الغد.
لن نخرج من أزمتنا البلدية إلا حين نتحرر من ذهنية "ابن العائلة أولى"، وننتقل إلى ثقافة "الأكفأ أولى"، لأنها وحدها القادرة على صناعة تغيير فعلي في حياة الناس، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.