كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
بدأ النُّزوح السُّوري إلى لبنان، يلقى اهتمامًا أكثر من دول "الاتحاد الأوروبي"، ما بعد سقوط النِّظام السُّوري السَّابق برئاسه بشار الأسد ووصول سلطة جديدة سيطرت عليها "هيئه تحرير الشام" برئاسة أحمد الشرع.
فقبل سقوط النِّظام، كانت الدول الأوروبية وأميركا والأمم المتحدة، تشجِّع على بقاء النَّازحين السُّوريين حيث هم، وذريعتهم أنَّ لجوءهم أمنيّ، وأيَّة عودة يجب أن تكون طوعيَّة، وتأثَّر لبنان بذلك، وهو أكثر بلد وصل إليه من النَّازحين أسوة بدول الجوار كتركيا والأردن، إذ بلغ عددهم نحو أكثر من مليونين قبل انهيار النِّظام السَّابق، وزاد عددهم بعد حصوله لأسباب اقتصادية، لما تركته الحرب الداخليَّة بين النِّظام ومعارضيه على الوضع المالي والاقتصادي وتعرُّض سوريا للقانون الأميركي المسمَّى "قيصر" من حصار اقتصادي ومالي، إضافة إلى العقوبات.
فظروف النُّزوح التي كانت سياسيَّة وأمنيَّة لم تعد موجودة، وبقيت الأسباب الاقتصادية، التي لا يمكن للبنان تحمُّل وجود أكثر من عدد سكانه فيه، يشكِّلون عبئًا ماليًّا واقتصاديًّا إضافة إلى الفوضى الأمنيَّة وحصول أعمال إجرام وسرقة واتّجار بالمخدِّرات وتعاطيها.
من هنا فإن موضوع النازحين السوريين عاد إلى الواجهة، وعقد رئيس ًالتيار الوطني الحرً جبران باسيل مؤتمرًا عامًّا، أعلن فيه فتح معركه احتلال "النازحين السوريين" للبنان، فاستبدل الاحتلال العسكري والأمني أيَّام وجود الجيش السوري باحتلال بشري، ويخوض "التَّيار الحرّ" الانتخابات البلدية والاختيارية، متزامنًا مع تحذيره من خطر "الاحتلال النُّزوحي السُّوري".
وفي هذا المجال فإنَّ الحكومة اللبنانيَّة لا تغفل هذا الموضوع، وسبق لحكومات سابقة أن حاولت معالجته، وكلَّف الأمن العام اللُّبناني بمتابعته، ونجح في عهد مديره العام الأسبق اللِّواء عباس ابراهيم في تنظيم حملات للعودة الطَّوعيَّة، وهو ما تابعه المدير العام السَّابق اللِّواء الياس البيسري ويستكمله المدير الحالي اللواء حسن شقير، وجرى بحثه في أثناء الزِّيارة التي قام بها رئيس الحكومة نواف سلام إلى سوريا ولقاء رئيسها أحمد الشرع الذي سبق وربط عودة النازحين بأموال المودعين السوريين في المصارف اللبنانية، وتقدَّر بمئات ملايين الدولارات، حيث فاجأ الشرع رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي عند اجتماعه به في دمشق لتهنئه بما أنجزته "الثَّورة السُّورية".
إلَّا أنَّ اللافت في موضوع النَّازحين السُّوريين إلى لبنان، هو تراجع الاتحاد الأوروبي عن تمويلهم في لبنان، الذي كان يطالب بذلك منذ سنوات بعيدة، وتحديدًا من الأمم المتحدة التي كانت تدعم ماليًّا عبر هيئة خاصَّة، تعليمهم واستشفاءهم وبدلًا شهريًّا لمعيشتهم، وبمبلغ يتركهم لا يعودون إلى سوريا.
فالاتحاد الأوروبي بدأ يتفهَّم مطلب لبنان بأن تتم مساعدة النازحين في سوريا، وهذا ما لم يكن متوفرًا قبل أشهر قليلة، وهذا ما تبلَّغه مسؤولون لبنانيُّون من ممثِّلة الاتحاد الأوروبي في لبنان، الذي يعمل لتقتنع الأمم المتحدة بذلك وتؤمن كل مستلزمات الحياة لهم في بلادهم، لأن لبنان ومنذ نحو ١٥ عامًا، لم يعد قادرًا على الإنفاق عليهم، إذ تقدَّر تكاليف ما صرفه على النازحين بحوالي أربعين مليار دولار، لبلد ينوء تحت دين عام يصل إلى نحو مئة مليار دولار والخدمات فيه معدومة من مياه وكهرباء وطرقات وبنى تحتيّة.
فهل يفتح توجُّه الاتحاد الأوروبي بمساعدة النازحين السوريين في بلدهم الطَّريق لحلّ قضيَّتهم في لبنان؟.