طارق ترشيشي - خاص الأفضل نيوز
تنتظر الأوساط السياسية اللبنانية ترجمة نتائج المواقف التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول لبنان في خلال جولته الخليجية والتي أكد فيها دعمه للسلطة اللبنانية الجديدة لتحقيق السلام في لبنان على رغم من مهاجمته حزب الله وتحميله المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع اللبنانية وذلك في سياق هجوم شنه على إيران من دون أن يقفل الباب أمام إمكانية التوصل إلى اتفاق معها حول برنامجها النووي في المفاوضات الجارية بين الطرفين برعاية سلطنة عمان.
وقالت مصادر رسمية لبنانية لموقع "الأفضل نيوز" أن الجانب الأميركي مغتبط هذه الأيام بمئات المليارات من الدولارات التي حصل عليها من خلال جولة ترامب الخليجية، ولكنه يمارس في المقابل ضغوطًا على إيران لفرض اتفاق نووي عليها بشروطه تحت طائلة اللجوء إلى الخيار العسكري ضدها إن لم تقبل بهذه الشروط.
وفيما أعلن ترامب رفع العقوبات الأميركية عن سوريا قبل أن يجتمع بالرئيس السوري أحمد الشرع في حضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورعايته يحاول الجانب اللبناني استكشاف مدى استفادة لبنان من هذا القرار الأميركي وتحديد مستقبل العلاقة بينه وبين سوريا الذاهبة إلى ورشة اعمارية كبرى يمكن أن يكون شريكا في الاستثمار فيها.
ويعتبر لبنان في هذا السياق أن أول اختبار لجدية ترامب في دعمه يتمثل في أنه يتاح له بعد هذا القرار الحصول على الكهرباء الأردنية والغاز المصري الموعودين أميركيًّا منذ أيام السفيرة السابقة في بيروت دوروثي شيا التي وعدت يومها بتسهيل هذين الأمرين لكنها لم تفعل شيئًا عمليًّا منذ ذلك الحين بحجة وجود "قانون قيصر" الذي يحاصر سوريا اقتصاديًّا وسياسيًّا، ويمنع عنها أي دعم أو مساعدة عربية أو أجنبية.
وفي هذا السياق تساءلت المصادر الرسمية نفسها: هل أن واشنطن ستسهل فعلًا أمر الغاز المصري والكهرباء الأردنية للبنان؟ أم أنها ستربطهما بموضوع نزع سلاح حزب الله؟ وقالت "إذا حصل هذا الربط فإن ذلك سيخلق مشكلة كبيرة في لبنان لا يمكنه أن يتحمل تبعاتها ونتائجها لأن موضوع السلاح أمر حساس جدًّا ولا يمكن أن يعالج إلا بحوار داخلي وهو الأمر الذي يعمل له رئيس جمهورية العماد جوزف عون من خلال الاتصالات والمشاورات التي يجريها مع قيادة حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري عبر أقنية مختلفة في ظل وعي الطرفين لخطورة هذا الأمر وحساسيته وتجنب الدخول فيه في هذه المرحلة، ولذلك فإن لبنان لن يدخل في الأمر وهو يطلب من الأميركيين وغيرهم أن لا يضغطوا عليه إلى حد الاختناق.
وتقول المصادر أن لبنان قد أنجز ما عليه بموجب وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار الدولي 1701 في جنوب الليطاني الذي أصبح خاليًا من أي سلاح لحزب الله في ظل انتشار الجيش اللبناني وقوات "اليونيفل" في تلك المنطقة، فيما إسرائيل لم تنفذ المطلوب منها وتواصل انتهاك وقف النار باعتداءات يومية منذ التوصل إليه في 27 تشرين الثاني الماضي.
أما في ما يعلق بموضوع السلاح شمال الليطاني فإن السلطة اللبنانية عازمة على معالجته بطريقتها في ظل تعاون كبير يبديه حزب الله في هذا الصدد، وبالتالي لا يمكن لبنان تحمل أي ضغط خارجي إضافي في هذا الاتجاه.
أما في ما يتعلق بملف عودة النازحين السوريين ربطًا بالقرار الأميركي فإن الجانب السوري كان يرهن هذه العودة برفع العقوبات الاقتصادية الأميركية والغربية عن سوريا ولكن بعد أن رفعت هذه العقوبات بات عليه تحمل مسؤولياته في هذا المجال لأنه لم يعد لديه أي حجة للإبقاء على النازحين السوريين في لبنان الذي تكبد ولا يزال يتكبد تكاليف باهظة جدًّا عليهم في ظل اقتصاده المنهار وهو لم ينل من الدعم الأممي والدولي لهذا الغرض إلا بضعة مليارات من أصل نحو 42 مليار من الدولارات تكبدها في خدمة النازحين السوريين حتى الآن.
وتشير المصادر الرسمية نفسها إلى أن رئيس الجمهورية لم يترك مناسبة منذ انتخابه إلا وطالب فيها برفع العقوبات عن سوريا وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم ، إلى درجة أنه سبق القيادة السورية وكثيرًا من القادة العرب في المطالبة بهذا الأمر.
وتختتم المصادر بالقول أن لبنان اليوم يقف في حالة انتظار واختبار لمعرفة كيف سيترجم الرئيس الأميركي كلامه عن دعمه في ضوء شهادته الكبيرة المشيدة برئيس الجمهورية وبحكومة الرئيس نواف سلام، فلبنان يأمل في أن يترجم هذا الدعم بلا أي شروط مسبقة يدرك الجانب الأميركي أن لا قدرة لدى السلطة اللبنانية على تلبيتها، أقله في هذه المرحلة بالذات.