مارينا عندس - خاصّ الأفضل نيوز
في ظل الانهيار المالي الحادّ الذي يعصف بالبلاد، أصبح من الضروري إعادة التفكير في نمط العمل الأنسب للفرد. وهنا السؤال يطرح نفسه: أيّ حلٍ هو الأنسب اليوم؟ الدوام الكامل أي الوظيفة الثابتة، الدوام الجزئي، أو العمل الحر؟ ولماذا؟
العمل الحرّ ينمو سريعًا في لبنان
بعد أن لامس الدّولار ما يقارب المئة ألف ل.ل.، وتدهورت قيمة العملة اللبنانية أمام الدولار، تدنّت رواتب قطاعي الخاص والعام، وأصبح من البديهي التفكير بالعمل الحرّ سيّما مع ارتفاع الغلاء والمصاريف والبنزين. فوفقًا لتقريرٍ صادرٍ عن شركة "Revelio Labs"، يُعتبر لبنان من الدول الرائدة عالميًا في نسبة العاملين في مجال العمل الحر، حيث بلغت هذه النسبة 2.4% من إجمالي القوى العاملة في البلاد. كما تشير دراسة أُجريت عام 2023 إلى أن حوالي 6% من الشباب اللبناني يعملون في مجال العمل الحر، مقارنة بـ 1.3% عن عام 2009.
فما هي الدوافع وراء الانتقال للعمل الحرّ؟
أبرز الأسباب التي دفعت اللبنانيين لترك وظائفهم بدوام كامل والانتقال للعمل الحر هي: تدنّي الرواتب بالليرة اللبنانية مقابل ارتفاع تكاليف المعيشة، البحث عن دخل بالدولار الأميركي من خلال العمل مع عملاء من دول الخليج أو الغرب، الرغبة في مرونة أكبر في ساعات العمل والموقع، والاستقلالية في اختيار المشاريع والعملاء.
ولكن، من عيوبه أنّ دخله غير ثابت، لا يوجد ضمان اجتماعي أو تأمين صحّي ويتمتّع بمسؤولية ذاتية (ضرائب، تنظيم الوقت، ...). كما برز هذا العمل الحر Freelancing تحديدًا للـGen Z الذين غالبًا ما يقضون وقتهم على الإنترنت ويكتسبون منه آلاف المهارات. وأبرز من استفاد من هذا النمط، العاملون في مجال التصميم، الترجمة، كتابة المحتوى، الإعلام الرقمي، التسويق الرقمي، التعليم عن بعد والبرمجيات.
أرقام حول مغادرة اللبنانيين لوظائفهم بدوام كامل
بحسب مركز "الدولية للمعلومات"، غادر لبنان حوالي 34,500 لبناني خلال الأشهر العشرة الأولى عام 2018، ولم يعودوا، بزيادة نحو 14,000 شخص عن نفس الفترة من العام السابق. وعام 2023، توقعت "الدولية للمعلومات" أن يتجاوز عدد المهاجرين والمسافرين 100,000 شخص، وهو الرقم الأكبر خلال العشر سنوات الأخيرة. كما خسر لبنان حوالي 5% من سكانه بين عامي 2019 و2023، مع غلبة للشباب في الفئة العمرية بين 25 و40 عامًا. وتُظهر البيانات أنّ حوالي 70% من المهاجرين تتراوح أعمارهم بين 25 و40 عامًا، مما يشير إلى أن الفئات الشابة هي الأكثر مغادرة.
هذه الإحصاءات جاءت لتدلّ على أنّ اللبنانيين لم يعد باستطاعتهم تحمّل الأعباء المالية في البلد، فمنهم من هاجر ومنهم من بقي واختار العمل الحرّ أو الجزئي. والنتيجة واحدة، الاستغناء عن المؤسسات والبحث عن فرصٍ أفضل.
غياب الأمان الوظيفي
بينما لا توجد حلول أفضل للعيش برفاهية، بات من الواضح أنّ الجيل الجديد يفضّل العمل الحرّ وعدم التقيّد بمؤسسة تحدّ من قدراته بدل العكس. لذلك، انتقل البعض إلى العمل الجزئي. وللأسف الراتب لا يُنصف مجهود وتعب الموظّف اليوم، لذلك غاب الأمان الوظيفي وازدادت الأعباء ليصبح الفرد one man show خلال دوامه وأحيانًا كثيرة يلبّي طلبات مديره في فترة فرصته. لذلك، بات الدوام الجزئي حلًا عمليًا ومرنًا، يمكّن الأفراد من التّكيّف مع الأزمة وتحقيق نوع من الاستقرار المعيشي بعيدًا عن قيوم الوظائف الثابتة.