محمد علوش - خاص الأفضل نيوز
في مشهد يعكس تحولاً جيوسياسياً عميقاً، شهدت المنطقة قمة ثلاثية جمعت سوريا بالسعودية والولايات المتحدة، بينما غاب لبنان الذي كان يُفترض أن يكون طرفاً أساسياً فيها. هذا الغياب ليس تقنياً، بل هو مؤشر على تراجع الدور اللبناني في المعادلات الجديدة. فبينما تسارع المملكة العربية السعودية خطاها نحو رسم مسار سوريا الجديد، يبدو لبنان عاجزاً عن تحديد موقعه، أسيراً لتناقضاته الداخلية والضغوط الخارجية.
بحسب مصادر سياسية متابعة فإن الرسالة كانت واضحة هي أن لبنان لم يعد لاعباً رئيسياً في الملفات الإقليمية، بل تحوّل إلى مجرد "ورقة تفاوض" في صراعات أكبر. فمن جهة، تريد واشنطن تحييده كساحة للصراع مع العدو الإسرائيلي عبر نزع سلاح حزب الله، ومن جهة أخرى، يصر الحزب على ربط أي خطوة أمنية بانسحاب إسرائيل أولاً. وفي المنتصف، تقف الدولة عاجزة عن فرادة قرارها، بينما تُترك، حتى اللحظة، خارج غرف صنع القرار.
في قلب الأزمة اللبنانية يكمن السؤال الأمني المصيري: هل يمكن إيجاد الحل لسلاح حزب الله دون تصادم داخلي، ودون انسحاب إسرائيلي ووقف الخروقات والاعتداءات؟
ترى المصادر أن الجيش اللبناني حقق تقدماً ملحوظاً في تفكيك البنية العسكرية للحزب جنوب الليطاني، لكن الأميركيين يُريدون المعركة شمال النهر، وهذا ما ستشدد عليه نائب المبعوث الأميركية للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس في زيارتها المقبلة إلى بيروت.
هنا تتصادم الرؤى، فبحسب المصادر، إن الرؤية الأميركية تُصر على أن نزع السلاح يجب أن يسبق أي تفاهمات سياسية، بل إن واشنطن تربط أي دعم اقتصادي للبنان بهذا الشرط، بينما رؤية حزب الله تعتبر أن السلاح ضمانة ضد التهديد الإسرائيلي، وأن أي حديث عن تسليمه يجب أن يأتي في إطار استراتيجية دفاعية شاملة تشارك فيها الدولة، بعد الانسحاب الإسرائيلي.
وتُشير المصادر عبر "الأفضل" إلى أن الرؤية اللبنانية الرسمية تحاول المناورة بين المطرقة الدولية وسندان الحزب، من خلال حوارات هادئة لكنها غير حاسمة حتى الآن، علماً أنه بحسب الأميركيين فإن المشكلة تكمن بأن الوقت ليس في صالح لبنان. فبينما تتسارع المفاوضات الإيرانية-الأميركية، قد تُفرض حلول جاهزة من الخارج، تُترك للدولة اللبنانية مهمة تنفيذها بثمن سياسي باهظ.
إن هذا الواقع يضعنا بحسب المصادر أمام ثلاثة سيناريوهات محتملة في الأشهر المقبلة التي ستشهد تكثيفاً للضغوط السياسية والاقتصادية وربما العسكرية، انطلاقًا من ركوب سوريا قطار التفاوض مع إسرائيل، الأول هو التسليم للضغوط الدولية، وتفكيك سلاح حزب الله تدريجياً تحت غطاء "الاستراتيجية الدفاعية"، والحصول على دعم اقتصادي مقابل ذلك، علماً أن هذا السيناريو يحمل مخاطرة تفجير الصراع الداخلي، خاصة إذا شعر حزب الله بأنه مستهدف بشكل أحادي.
السيناريو الثاني هو التصعيد من خلال رفض الحزب أي حديث بالسلاح قبل تحقيق الأولويات، ما قد يرفع من وتيرة العمل العسكرية الإسرائيلي، و هذا المسار قد يعيد لبنان إلى زمن الحروب، أو يتمكن لبنان الرسمي من فرض وجهة نظره على الأميركيين بأن الاولوية للانسحاب ومن ثم يُحل ملف السلاح بالحوار والهدوء وهو موقف تؤيده روسيا، ويمكن لرئيس المجلس النيابي نبيه بري أن يعمل عليه انطلاقاً من اتفاق الهدنة عام 1949، أما السيناريو الثالث فهو انتظار المفاوضات الإيرانية - الأميركية ، ورهن القرار اللبناني بنتائج الحوار بين طهران وواشنطن، وهذا المسار يعتمد على الحظ أكثر من التخطيط، وقد يُبقي لبنان في حالة غموض لشهور أو حتى سنوات.
في الخلاصة لبنان اليوم دخل دائرة الانتظار، وأصبح في موقع المتلقي للحدث، والخيارات أمامه محدودة، والمخاطر كبيرة، فالوقت يدق، والمنطقة تتغير، ولبنان على المحك.