نوال أبو حيدر - خاصّ الأفضل نيوز
تفاجأ المواطنون في لبنان بارتفاع كبير في أسعار المحروقات، مقارنةً بالمعدلات الأسبوعية المعتادة. ولكن، وبمجرّد إقرار مجلس الوزراء فرض ضريبة جديدة على المحروقات، وقبل أن تتضح تفاصيل هذا القرار لأصحاب المحطات والعاملين في القطاع، وما إذا كان فيه ظلم أو ضرر لهم، سارعت نقابة أصحاب المحروقات إلى الاعتراض، وقامت برفع أسعار البنزين والمازوت فوراً. وبعدها أصدرت وزارة الطاقة جدولاً جديداً لأسعار المحروقات تضمّن ارتفاعاً كبيراً، إذ ارتفع سعر صفيحة البنزين 98 أوكتان بمقدار 101,000 ليرة، و95 أوكتان بمقدار 100,000 ليرة، بينما سجّل سعر صفيحة المازوت زيادة قدرها 174,000 ليرة.
وقد تمّت هذه الزيادة استناداً إلى قرار صادر عن مجلس الوزراء، من دون أن يتم توضيح الأسباب الكامنة وراءها بشكل صريح، أو الأخذ بعين الاعتبار تداعياتها المباشرة على حياة المواطنين. فارتفاع أسعار المحروقات يؤدي بلا شك إلى ارتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات، كما ويؤثر على قطاعات حيوية عديدة، ما أثار الكثير من التساؤلات.
الكثير من التبريرات لم تلقَ قبولاً لدى المواطنين، ولا سيّما العسكريين والموظفين، خاصة بعد التداول بأن الحكومة تسعى لفرض ضريبة على أرباح أصحاب المحطات، أو لتوفير تمويل للزيادات التي أُقرّت للعسكريين في الخدمة الفعلية والمتقاعدين. فقد وافق مجلس الوزراء على منح مالية للعسكريين تصل إلى 14 مليون ليرة شهريًا لمن هم في الخدمة، و12 مليونًا للمتقاعدين. ومع ذلك، وبصرف النظر عن المبررات المقدّمة، فإن المواطن هو من سيتحمّل عبء الزيادة مباشرة من خلال التسعيرة الجديدة، فيما يُلزَم أصحاب المحطات بالتقيّد بالأسعار الرسمية الصادرة في جدول تركيب الأسعار.
رُفعت الأصوات في الشارع اللبناني، فالمواطن بات عاجزًا عن تحمّل المزيد من الضغوط الاقتصادية. وأصبح من البديهي تطرح الأسئلة التالية: هل كان قرار مجلس الوزراء مدروسًا ومنصفًا؟ وهل تعتمد الدولة فقط على إيرادات المحروقات لتأمين التمويل؟ وأين هي الوعود بالإصلاح والتغيير، في ظل سلطة لا تزال تفرض الأعباء على المواطن، بدل أن تؤمّن له الحماية والدعم؟
في حديثٍ خاص مع ممثل موزعي المحروقات، فادي أبو شقرا، يقول لـ"الأفضل نيوز": "نؤكد أنه بعد صدور قرار من قِبل مجلس الوزراء برفع أسعار المحروقات تحركنا فوراً وأجرينا عدّة اتصالات كما وإننا كنا قد شاركنا في اجتماع لوزارة الطاقة التي بدورها كانت تجهل أن هذا الارتفاع سيحصل وأن هذا القرار سيصدر من مجلس الورزاء". معتبراً أن "هذا الأمر بحوزة رئيس الحكومة نواف سلام لا غير، الذي طرح هذا الملف على الطاولة وكان خارج جدول الأعمال".
ويوضح أبو شقرا أن " جدول التسعير الجديد تضمّن ارتفاعًا في أسعار البنزين والمازوت والغاز. وأوضح أن هذه الزيادة تعود إلى الضرائب التي أقرتها الدولة، في محاولة منها لتأمين موارد مالية إضافية للخزينة".
ويشدّد على أن "ما نشهده اليوم يتطابق مع أن الدولة اللبنانية تعطي الراتب باليمين وتأخذه من المواطن بالشمال. وعلى الرغم من كل ذلك نريد الدولة و نعمل تحت سقفها، لأن قرار الارتفاع طبّق والأمر يعود للدولة اللبنانية وللنقابات وللاتحاد العمالي في أي قرار يتم اتخاذه".
وفي ظل هذا الواقع المأزوم، يبدو أن الدولة اللبنانية اختارت الطريق الأسهل لسد عجزها المالي، وهو تحميل المواطن الفقير المزيد من الأعباء، بدل أن تلاحق مكامن الهدر والفساد. فبدل أن تكون الحامية له، أصبحت عبئاً عليه، تاركة إياه يواجه وحده أزمات لا تنتهي. فأين العهد الجديد من الإصلاح والتغيير في ظل حكومة لبنانية يترأسها رئيس يطالب ويوافق على رفع أسعار المحروقات؟
في وقت يُفترض فيه أن تحمي الدولة مواطنيها، تتحمل الفئات الأكثر ضعفًا تبعات قرارات تزيد من أعبائهم، مما يطرح تساؤلات جدية حول جدية هذه الحكومة في تحقيق الإصلاح الحقيقي والتغيير المنشود.