ليا منصور - خاص الأفضل نيوز
في خضم التصعيد الإقليمي المتسارع، وتحديدًا على جبهة المواجهة بين إسرائيل وإيران، يصل وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيير لاكروا، إلى بيروت غداً في زيارة رسمية تستمر أيامًا، سيتخللها لقاءات مع كبار المسؤولين اللبنانيين، بالإضافة إلى جولة ميدانية تشمل مقر قيادة اليونيفيل في الناقورة وثكنة الجيش في صور.
ورغم أن هذه الزيارة كانت مقررة قبل اندلاع الحرب الأخيرة، إلا أن توقيتها الآن يفرض عليها أبعادًا تتجاوز مهمتها التقنية، إذ تتزايد المؤشرات حول إمكانية تعديل تفويض القوة الدولية في جنوب لبنان، وتوسيع نطاق مهامها وصلاحياتها في القرار المرتقب لمجلس الأمن بعد نحو شهرين.
وبحسب مصادر متابعة، فإن مشاورات مجلس الأمن المقبلة قد لا تقتصر على التمديد التقليدي لليونيفيل، بل قد تشهد طرحًا غربيًا واضحًا لتعديل قواعد الاشتباك، بما يسمح للقوات الدولية بحرية تحرك أكبر وتنفيذ عمليات استكشافية دون الحاجة لتنسيق مسبق مع الجيش اللبناني، وهو ما تعتبره أطراف لبنانية، وفي مقدمتها حزب الله، مساسًا بالسيادة الوطنية وتجاوزًا للخطوط الحمر المرسومة منذ اتفاق العام 2006.
وبحسب ما تسرب من مصادر مقربة من الثنائي الشيعي، فإن أي توجه دولي لتعديل تفويض اليونيفيل يثير قلقًا شديدًا عند حزب الله، خشية أن يتحول الجنوب إلى منطقة مفتوحة بالكامل أمام القوات الدولية،ويعتبر أن أي قرار بهذا الاتجاه سيعد خرقًا لتفاهمات القرار 1701.
ولذلك فإن لبنان الرسمي أمام تحدٍّ دقيق: فمن جهة هناك ضغوط دولية متصاعدة أميركية على وجه الخصوص لقبول التعديلات المقترحة على مهمة "اليونيفيل"، ومن جهة أخرى يتطلب الأمر مراعاة مواقف الداخل.وهنا تسعى الحكومة إلى تثبيت صيغة تحفظ التعاون مع الأمم المتحدة وتحمي تفويض اليونيفيل، من دون الانزلاق إلى مواجهة سياسية محلية، في وقت لا يحتمل فيه لبنان مزيدا من التوترات الأمنية أو الانقسامات الداخلية.
وتقول أوساط سياسية أن بعض تصرفات وحدات اليونيفل في الفترة الأخيرة قد أثارت حساسية في البيئة المحلية، الأمر الذي أدى إلى توترات ميدانية مع السكان. ومن هنا، يتضمّن الموقف اللبناني توصية واضحة بضرورة الفصل بين الدور العسكري الميداني لهذه القوات وبين أي نشاط سياسي أو تحليلات تتجاوز حدود التفويض الدولي. وهذا الموقف يعكس رغبة الدولة اللبنانية في الحفاظ على علاقة متوازنة مع اليونيفل، بما يضمن استمرار دورها كعامل استقرار ، مع التأكيد على أولوية التنسيق الكامل مع الجيش واحترام خصوصية المجتمع المحلي في مناطق انتشارها.
وفي السياق كان نائب حزب الله علي فياض أكد ضرورة المعالجة الهادئة والحكيمة والمسؤولة لأي احتكاك أو توتر يحصل بين أهالي الجنوب وقوات اليونيفيل الذين يدخلون القرى والبلدات والأملاك الخاصة من دون تنسيق أو حضور الجيش في الوقت الذي لا يلمسون أثرًا لدور اليونيفيل في معالجة استمرار احتلال العدو الإسرائيلي لأراضٍ لبنانية، والقيام بعمليات توغّل والإمعان بالاغتيالات والأعمال العدائية في منطقة عمليات القوات الدولية وفقا للقرار 1701". وأكمل: "على الرغم من ذلك نحن نتطلع إلى علاقةٍ إيجابيةٍ بين الأهالي والقوات الدولية، حيث من المفترض أن تكون العلاقة مبنية على الثقة والاطمئنان والأمان لا على الشك والارتياب والشعور بالانحياز.، مؤكداً أهمية وجود قوات اليونيفيل في الجنوب في إطار تنفيذ القرار 1701 بالتنسيق مع الجيش اللبناني، وضمن دورها المحدّد في منع الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية، ومساعدة الدولة اللبنانية في بسط سيادتها.
وليس بعيداً، تشير الأوساط نفسها إلى أن زيارة لاكروا الميدانية إلى الناقورة وصور، فضلًا عن لقاءاته السياسية، تحمل مؤشرات واضحة على أن الأمم المتحدة تسعى إلى تقييم ميداني معمق، قبل رفع تقرير شامل إلى مجلس الأمن والذي قد يشكّل القاعدة لأي قرار جديد يتخذ بشأن طبيعة وانتشار اليونيفيل. وفي ظل الحديث عن احتمال توسيع مهام القوات الدولية، خلال اجتماع مجلس الأمن في آب المقبل، تبدو جميع الأطراف المعنية في حالة ترقب، لما قد يحمله المستقبل من تغييرات في ميزان القوى القائم على الحدود الجنوبية ربطا بالمشهد الجديد في الشرق الأوسط.