غدير عدنان نصرالدين- خاصّ الأفضل نيوز
السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، تاريخٌ شكّل نقطة تحول في السياسات الإقليمية وما تبعها من تداعيات وحروب على لبنان التي لم تنته بشكل جذري، وصولًا إلى الحرب الحالية بين إيران وإسرائيل، إذ يبدو المشهد أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
هذه المواجهة ليست مجرد صراع عسكري، بل هي امتداد لتفاعلات سياسية ألقت بظلالها على منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
تُعتبر هذه الحرب كما الأحداث الأخيرة مليئة بالتعقيدات، حيث تتداخل فيها المصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية بشكل يُعيد تشكيل خارطة المنطقة. فبين التصعيد العسكري والتهديدات المتبادلة، تبرز تداعيات واسعة النطاق لا تقتصر على طرفي النزاع، بل تمتد لتشمل دولًا أخرى، خصوصاً لبنان، الذي يجد نفسه أمام تحديات جديدة قد تؤثر على استقراره الداخلي واقتصاده الهش.
في ظل هذه الأوضاع، يبقى التساؤل مفتوحًا حول مستقبل هذه المواجهة وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على المنطقة، وخصوصاً على لبنان، وسط مخاوف من امتداد التصعيد إلى الداخل الذي لازالت جراحه لم تندمل بعد جراء الحرب الأخيرة.
وفي سياقٍ متصل، أوضح المحلل السياسي روني ألفا، في حديثٍ لـ "الأفضل نيوز" أنّ الحرب بين إيران وإسرائيل قد تؤدي إلى تعقيد المشهد السياسي والأمني في لبنان. في حال استمرار الحرب مدة طويلة، سيجد لبنان نفسه في موقع حساس، وقد يتحول إلى ساحة من ساحات المواجهة بين الطرفين، وإذا شارك حزب الله في الحرب سيؤدي ذلك إلى تصعيد ميداني في الجنوب، وربما إلى ردود فعل إسرائيلية عنيفة تطال مناطق واسعة من البلاد، مما يزيد الضغط على الدولة اللبنانية. كما فسّر ألفا أنه على الصعيد السياسي، فسيشتدّ الانقسام بين القوى اللبنانيّة حول دور حزب الله، مما يهدد بتفكك إضافي في المشهد السياسي وتعطيل أي محاولات للإصلاح أو الإنقاذ الاقتصادي، كما قد يؤدي إلى تدهور في علاقات لبنان مع بعض الدول العربية والغربية، مُشيراً إلى أن حزب الله -في غالب الظن- لن يشارك وسيبقى ملتزمًا بدعم الدولة في مطالبتها بتحرير أراضيها وسيكون دعمه في الإعلام والسياسة ما لم تعمد إسرائيل إلى اجتياح الأراضي اللبنانية ما سيدفع بالحزب إلى الدفاع عن لبنان بعودة المقاومة المسلحة.
أما في ما يخص التخوف من امتداد التصعيد العسكري إلى الداخل اللبناني، لفت ألفا إلى أن دخول حزب الله بشكل مباشر في المواجهة أو عدم دخوله فالخشية موجودة، موضحاً أن المناطق الحدودية مع الكيان الصهيوني ستكون عرضة للاستهداف المكثف، ما يهدد بتهجير سكانها وتكرار سيناريو حرب تموز 2006 والحرب الأخيرة، شارحاً أنّ لبنان هَشّ أمنيًا ومخروق إسرائيليًا ومنقسم طائفيًا، ما قد يفتح الباب أمام فوضى أمنية أو مواجهات داخلية، مشيراً إلى أنه يمكن توقع أي سيناريو من تفجيرات أو عمليات أمنية في العمق اللبناني سواء كردود فعل انتقامية أو في إطار توسيع جبهة المواجهة.
وبعد التخوّف من تأثير الحرب الواقعة بين إيران وإسرائيل على توازن القوى في الشرق الأوسط، شدَّد ألفا على أن تأثير الحرب سيكون عميقًا وواضحًا بما يعيد تشكيل موازين الردع والتحالفات الإقليمية، فإذا نجحت إيران وحلفاؤها في إثبات قوة الردع ضد الكيان، سيؤدي ذلك إلى تعزيز نفوذ المقاومة في المنطقة، وتراجع فاعلية الحماية الأميركية لإسرائيل بالدرجة الأولى، خصوصاً إذا فشل ترامب في إعادة إيران والكيان إلى طاولة المفاوضات.
في المقابل، إذا تمكنت إسرائيل من إضعاف إيران وقلب نظامها أو فرض شروط تفاوضية غير سيادية عليها قد يؤدي ذلك إلى انهيار المنظومة القيمية والسياسية للمقاومة في المنطقة ، وإلى فرض الدور الإسرائيلي في معادلات الردع الإقليمية، كما أضاف أنه من شأن استمرار الحرب زمنيًا التأثير على أمن الملاحة والطاقة في المنطقة، ما سيزيد الضغوط الاقتصادية على العديد من الدول ويعيد خلط أوراق الصراع العربي-الإسرائيلي واتفاقيات التطبيع التي لن تكون مجدية للطرف العربي.
في المحصلة، الشرق الأوسط حالياً في منعطف حساس، والأحداث السياسية والعسكرية تتداخل بطريقة تعيد رسم خريطة التوازنات فيها، إذ إن تداعيات الحرب المحتملة بين إيران وإسرائيل لم تتضح بعد، لكنها من المُحتمل أن تؤثر على لبنان من الناحية الأمنية والاقتصادية… ووسط المخاوف والرهانات، يبقى الغموض هو السمة الرئيسية للمرحلة القادمة.