ميشال نصر - خاصّ الأفضل نيوز
فيما المراوحة بدأت تترسخ والإصلاح يتأجل، وسط انتقادات دولية، لبطء دوران عجلة الدولة وتعثرها أحيانا، تزداد المخاطر وتتراكم، وآخرها إعلان المفوضية الأوروبية ضم لبنان إلى اللائحة السوداء للدول العالية المخاطر في مجال غسل الأموال.
فكيف تقرأ هذه الخطوة؟ وما تأثيرها في الاقتصاد اللبناني؟
بداية، هنا لا بد من التوضيح أن المفوضية الأوروبية استندت في قرارها إلى التوجيه الأوروبي رقم 849/2015 في شأن مكافحة تبييض الأموال، وتحديداً تعديله الخامس، وليس إلى تصنيفات "فاتف" المعروفة باللائحة البيضاء أو الرمادية أو السوداء. ووفق هذا التوجيه، تجري المفوضية تقييماً شاملاً للدول غير الأعضاء، وتدرج تلك التي تشكل خطراً على النظام المالي الأوروبي ضمن قائمة "الدول العالية الأخطار"، مما يستدعي تطبيق شروط عناية مشددة عند التعامل المالي معها، بمعنى أن التصنيفات المعتمدة من مجموعة العمل المالي "فاتف" تختلف عن تصنيفات المفوضية الأوروبية، على رغم التقاطع في المعايير المعتمدة.
عليه وبكل بساطة، ومن دون "فذلكة وفلسفة" وتبسيط وتسخيف، على الطريقة اللبنانية الرسمية، يمكن التوقف عند أبرز النقاط التالية:
-يزيد من انكشاف القطاع المصرفي اللبناني أمام المؤسسات الدولية، فالبنوك الأوروبية ستمارس رقابة مشددة وصارمة على جميع التحويلات المالية من وإلى لبنان، أيا كان نوعها، ما يعني تلقائيا، خلق صعوبات أكبر في مسالة فتح حسابات مصرفية للمؤسسات أو الأفراد اللبنانيين في الدول الأوروبية.
-رفع كلفة المعاملات المالية على أنواعها، بسبب الإجراءات والوثائق والمستندات الإضافية المطلوبة للتحقق من مصادر الأموال.
-عزلة مالية إضافية للبنان عن النظام المصرفي العالمي، ما سينتج عنه حتما مزيد من الضغط على التعاملات الدولية للشركات، وعلى حركة الاستيراد والتصدير، التي ستواجه تأخيرات ومشاكل إضافية في إنجاز معاملاتها.
-تراجع اهتمام المستثمرين بالسوق اللبناني، مع ارتفاع تقييم المخاطر المرتبطة بأي شراكة تجارية أو مالية مع جهات لبنانية، في وقت أشد ما يحتاج فيه الاقتصاد اللبناني إلى اتخاذ إجراءات لتحفيز الاستثمار.
-التأثير المباشر على مشاريع الدعم والتعاون والمساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي، على الصعيد الإنمائي، حيث يرجح تعليق بعضها أو تجميدها تحت ذريعة ضعف الضمانات.
وقائع تفرض على المسؤولين، ضرورة تحويل الوعود إلى أفعال في أقرب وقت، تترجم إنجازا للإصلاحات الجدية، من خلال تحديد الفجوة المالية وتوزيع الخسائر، وإقرار إعادة هيكلة المصارف، لانتظام عملها كمدخل أساسي وإلزامي للحد من "الكاش ايكونومي"، وتجفيف مصادر تمويل الإرهاب وجماعات الجريمة المنظمة، فضلا عن التهرب الضريبي والجمركي، بعدما تحول لبنان إلى ملاذ آمن لتلك الجماعات والنشاطات.
صحيح أن ثمة من يعتبر من المراقبين أن النتائج السلبية للقرار، ستبقى محدودة نسبيا، نظراً إلى أن عدداً من المصارف اللبنانية أسست فروعاً مستقلة قانونياً في دول الاتحاد الأوروبي، وهي غير خاضعة مباشرة للتصنيف الجديد، إلا أن لبنان على بضع خطوات من أن يصبح على اللائحة السوداء، التي تمنع التواصل مع البنوك المراسلة، وهنا بيت قصيد، العزلة المالية الحقيقية.