منال زعيتر - خاصّ الأفضل نيوز
للمرة الأولى بعد انتهاء عدوان أيلول، لم تكن زيارة السفير الأميركي في تركيا، والمبعوث الخاص إلى سوريا توماس باراك ، إلى لبنان، من أجل نزع سلاح حزب الله، بل جاءت برسالة تحذيرية واضحة جدا من أن تدخل حزب الله في الحرب بين إيران وإسرائيل سيكون "قراراً سيئاً للغاية"، بالطبع لم تبعث واشنطن بهذه الرسالة حبا بحزب الله بل تعبير عن ذعر أميركي كما تصفه مصادر سياسية عليمة من الاتي:
أولا: إن دخول حزب الله إلى ساحة الحرب يعني فتح جبهة الشمال الإسرائيلي، وهذا سيستدرج تدخلات إضافية (سورية، عراقية، يمنية)، مما يُنذر بحرب متعددة الجبهات لا تملك إسرائيل ولا واشنطن السيطرة عليها.
ثانيا:إن أي انخراط لحزب الله في حرب مباشرة مع العدو الإسرائيلي بغطاء إيراني سيدمّر صورة الردع الأميركية في المنطقة، ويهدد أمن إسرائيل ووجودها السياسي.
في المقابل، لم يتأخر الرد من محور المقاومة ممثلا بحزب الله في لبنان، فتصريح الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم حول عدم وقوف الحزب على الحياد في الحرب بين إيران وإسرائيل ، لم يكن إعلان حرب بطبيعة الحال ، لكنه قطع الطريق وفقا للمصدر على أي رهان بأن الحزب قد يلتزم الحياد في لحظة اشتعال الجبهة أكثر، وجاء الموقف كدعامة سياسية للمحور الذي يعتبر أن المعركة مع إسرائيل ليست قضية وطنية تخص أي بلد ضمن المحور بحد ذاته، بل هي صراع وجودي استراتيجي يشمل إيران، والعراق واليمن ، والمقاومة في لبنان وفلسطين وكل حركات المقاومة في العالم.
واعتبر المصدر أنه حين يقول حزب الله إنه "ليس على الحياد"، فهذا يعني أن خياراته مفتوحة، وأن الدخول إلى ساحة المعركة ليس محسوماً زمنيا، لكنه محسوم مبدئياً في حال تعرُّض إيران لعدوان كبير، والرسالة الأهم التي أراد الحزب إيصالها للعدو والصديق في آن: "لا تراهنوا على سكوتنا".
وشدد المصدر على أن الحزب لا يقول بموقفه إنه سيدخل الحرب غداً، لكنه يترك الباب مفتوحاً لتدخل مدروس وفي توقيت مناسب، وهذا الموقف يربك واشنطن وتل أبيب لأنه يفقدهما القدرة على التنبؤ، فيما بات مؤكدًا أن الحزب قد حسم خياره، ورتب أموره، وتجهز للحرب.
واللافت هنا، أن كلاً من الموقف الأميركي وموقف حزب الله رغم اختلافهما الجذري في الخلفية ، يلتقيان في الإقرار بحساسية المرحلة، وهذا التلاقي يؤكد أن لبنان في لحظة حساسة ومصيرية، وكل الأطراف تتعامل معه كساحة متقدمة في الحرب المقبلة.
من هنا، بات واضحا أن واشنطن كشفت عبر مبعوثها أن الحرب الإقليمية الكبرى قد تنطلق شرارتها من الجنوب اللبناني ،لا سيما إذا ما دخل حزب الله في مواجهة مباشرة إلى جانب إيران.