نوال أبو حيدر - الأفضل نيوز
لطالما كان لبنان بلداً يجمع بين جمال الطبيعة وتراث الحضارات، وقد جذب عبر عقود طويلة ملايين السياح من جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن لبنان اليوم يواجه تحديات غير مسبوقة نتيجة لتصاعد التوترات الإقليمية بين إيران وإسرائيل، والتي تسببت في موجة من الضربات العسكرية المتبادلة على مقربة من أراضيه. هذا التصعيد لم يؤثر فقط على الأمن والاستقرار الداخلي، بل كان له انعكاسات عميقة على حركة السياحة والوافدين إلى البلاد، التي كانت تشكل مصدراً مهماً للدخل ودعماً للاقتصاد اللبناني.
في ظل هذه الأوضاع المتشابكة، تتعرض السياحة اللبنانية لضغوط متزايدة أدت إلى تراجع أعداد الزوار وتأجيل الكثير من الرحلات، ما أثار مخاوف كبيرة حول مستقبل القطاع السياحي في لبنان. وبينما تستمر الأزمات الاقتصادية والسياسية في فرض نفسها، يصبح السؤال الأبرز: كيف يمكن للسياحة أن تتجاوز هذه المرحلة الصعبة؟ وما هي الأبعاد التي ستشكل مصير الوافدين إلى لبنان في ظل هذه المواجهات الإقليمية؟
تأثير الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل على السياحة في لبنان؟
من هذا المنطلق، تقول مصادر مطلعة عبر "الأفضل نيوز" إن "الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل أدّت إلى زيادة حالة عدم الاستقرار الأمني، مما دفع الكثير من السياح الأجانب إلى تأجيل أو إلغاء زياراتهم إلى لبنان. كما أثرت هذه الأوضاع على حركة السفر من وإلى البلاد، وأضعفت أعداد الوافدين، مما تسبب في تراجع الإيرادات السياحية بشكل ملحوظ".
كيف يمكن للسياحة في لبنان أن تتجاوز المرحلة الصعبة؟
على صعيدٍ متصل، ترى المصادر عينها أن "قطاع السياحة في لبنان يمرّ بمرحلة حرجة نتيجة التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، وتداعياته المباشرة على الوضع الأمني في البلاد. ولتجاوز هذه المرحلة، لا بد أولًا من العمل على تعزيز الاستقرار الأمني والسياسي، لأن أي تقدم في السياحة لن يتحقق دون بيئة آمنة وجاذبة.
إلى جانب ذلك، يمكن التركيز على تشجيع السياحة الداخلية وزيارات المغتربين، كونهم أكثر ارتباطاً بالوطن وأقل تأثراً بالمخاوف الأمنية مقارنة بالسياح الأجانب".
وتتابع: "كذلك، من الضروري دعم المؤسسات السياحية المتعثرة من خلال حوافز مالية وتشجيع الابتكار في تقديم الخدمات، بالتوازي مع حملات ترويجية تركز على المناطق الآمنة نسبيًا. كما أن الاستثمار في تحسين البنية التحتية والخدمات، ولو في نطاق محدود، سيكون عاملاً مساعداً في استعادة جزء من ثقة الزوار تدريجياً".
مصير الوافدين إلى لبنان في ظل المواجهات الإقليمية...
بالتوازي مع ذلك، تعتبر المصادر أن "مصير الوافدين إلى لبنان يتوقف على جملة من الأبعاد المترابطة، أبرزها البُعد الأمني، الذي يبقى العامل الأكثر تأثيراً في قرارات السفر. فاستمرار التوترات أو توسّع رقعتها سيجعل لبنان ضمن قائمة الوجهات "غير الآمنة" في نظر الكثير من الدول والسياح. إلى جانب ذلك، يلعب الإعلام دوراً كبيراً في تشكيل صورة البلاد، إذ إن التغطيات السلبية والمشاهد المقلقة قد تُبعد الزوار حتى عن المناطق غير المتأثرة مباشرة بالصراع".
وتضيف: "البُعد الاقتصادي أيضاً لا يقل أهمية، إذ يؤدي تراجع الخدمات وارتفاع التكاليف إلى إحباط الوافدين وتقليص عددهم. أما البُعد الإقليمي، فهو الأكثر حساسية، فلبنان يقع في قلب صراع أوسع، وأي تصعيد جديد على مستوى المنطقة قد يغلق الباب أمام السياحة بالكامل".
هل يمكن للقطاع السياحي اللبناني أن يتعافى قريبًا؟
من جهة أخرى، لا تستبعد المصادر نفسها أن " تعافي قطاع السياحة في لبنان مرتبط بشكل وثيق بتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، إذ لا يمكن لأي قطاع اقتصادي أن يزدهر في ظل أجواء من القلق والتوتر المستمرين. إلى جانب ذلك، يلعب التحسن الاقتصادي دوراً أساسياً في دعم انتعاش السياحة، من خلال رفع القدرة الشرائية للمواطنين وتحسين جودة الخدمات المقدمة للسياح، فالأوضاع الاقتصادية المستقرة تعزز من قدرة الفنادق والمطاعم والمؤسسات السياحية على تقديم خدمات متميزة بأسعار تنافسية، مما يزيد من جاذبية لبنان على خارطة السياحة العالمية".
وتختم: "عندما تتحقق هذه الشروط مجتمعة، يصبح القطاع السياحي قادراً على استعادة نشاطه بشكل تدريجي ومستدام، مع إمكانية استقطاب أعداد أكبر من السياح المحليين والأجانب، مما ينعكس إيجابياً على الاقتصاد الوطني ويحفز المزيد من الاستثمارات في البنية التحتية والخدمات السياحية".