طارق ترشيشي - خاص الأفضل نيوز
ثمة شيء ما يطبخ بين المراجع اللبنانية المسؤولة يتعلق بمصير سلاح حزب الله ملاقاة لعودة الموفد الأميركي توماس برّاك (من أصل لبناني من آل البرّاك في زحلة) الذي كان حمل إلى المسؤولين في زيارته الأخيرة لبيروت رسالة حول هذا الموضوع راوحت المعلومات حول مضمونها بين قائل بأنها تطلب تحديد مهلة زمنية لنزع هذا السلاح وقائل بنزعه وفق خطوات متزامنة بينه وبين الانسحاب الإسرائيليِّ مما تبقى من أراض جنوبية محتلة.
فرئيس الحكومة نواف سلام التقى كلًّا من رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري فيما جال قائد الجيش العماد رودولف هيكل على الرؤساء الثلاثة تباعًا، وقيل أن الحديث في هذه اللقاءات تناول رسالة برّاك والرد اللبناني الموحد المطلوب عليها.
وعلى ذمة نائب "القوات اللبنانية" غسان حاصباني فإن رسالة براك كانت "لطيفة من حيث الشكل وقاسية من حيث المضمون"، وفيها "أن المنطقة تشهد تحولات غير مسبوقة وسريعة وإذا لم يتجاوب لبنان معها سيكون خارج طاولة صناعة القرار، وإذا بقي في مربع الانتظار سيخسر الفرص وسيكون دولة هامشية تابعة ولن تشارك في القرار وربما هناك خطر ليس فقط على قدرته في التأثير بل على حجمه الجغرافي وشكله الحالي. وستترك الجهات الخارجية للقيام بالعمل المطلوب لأن الدولة تتأخر عن إنجاز سيادتها".
وقد تقاطع هذا الموقف ـ الرسالة الأميركي مع حديث عن تحضير سلام لعقد جلسة لمجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية تخصص للبحث في حصرية احتكار السلاح بيد الدولة عبر "ورقة عمل" تحضر الآن بين الرؤساء الثلاثة وتركز على إيجاد حلول لثلاثة ملفات هي: سلاح "حزب الله" والسلاح غير الشرعي، الإصلاحات، العلاقات اللبنانية ـ السورية.
واللافت أن حاصباني قال إن سلام وعد في الجلسة الأخيرة للحكومة بعقد جلسة برئاسة رئيس الجمهورية تخصص للبحث في حصرية السلاح بيد الدولة، مشيرًا إلى أن "اتفاق وقف إطلاق النار يتحدث عن سحب سلاح "حزب الله" بدءًا من جنوب الليطاني وليس انتهاء به وما شهدناه بالأمس (الجمعة الماضي) من غارات (على النبطية) هو جراء عدم سحب السلاح".
وفي السياق كان لافتًا أيضاً ما نسبته "سكاي نيوز عربية" إلى "مصادر لبنانية" من أن برّاك شدد خلال زيارته الأخيرة على ضرورة أن يعزز لبنان التواصل مع سوريا والعمل على ضبط الحدود اللبنانية ـ السورية تمهيدًا للاتفاق على ترسيمها، وكذلك شدد على ضرورة إقرار الإصلاحات المالية والجمركية.
وفي السياق تقول مصادر مطلعة على الموقف الأميركي لموقع "الأفضل نيوز" أن الولايات المتحدة الأميركيّة تريد من لبنان الانضمام إلى اصطفاف دولي ـ أميركي ـ تركي ـ سوري ـ خليجي يدعم السلطة السورية الجدية، لأن لبنان يضمن بذلك أن يكون له مكان تحت الشمس وحصة في "كعكة" ورشة إعادة الإعمار في سوريا. وتضيف هذه المصادر أن تعاطي الولايات المتحدة والدول الغربية والعربية مع لبنان سيتحدد على ضوء طبيعة تعاطيه مع سوريا لأنهم يريدون بقوة للسلطة الجديدة في سوريا أن تنطلق وتنجح. ونؤكد أن هذه السلطة برئاسة أحمد الشرع باقية خلافًا لتوقعات البعض بأنها ستكون انتقالية أو ستزول لسبب ما، وأن اللقاء الأخير بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هامش اجتماع حلف "الناتو" انتهى إلى اتفاق على تعاون أميركي ـ تركي حول مستقبل سوريا برئاسة الشرع.
ولكن ما تهتم به الأوساط هو ما بدأ يمارس من ضغوط مباشرة أو غير مباشرة على لبنان قبيل عودة الموفد الأميركي براك إلى بيروت وذلك عبر بعض التسريبات التي تحدثت عن أن اللجنة الخماسية المعنية بالملف اللبناني، والتي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر، قد تفقد دورها في حال لم تُتخذ خطوات فعلية لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، محذّرة من أن هذا الفشل قد ينسحب أيضاً على مهمة قوة حفظ السلام الدولية العاملة في الحنوب ("اليونيفيل") وأشارت هذه التسريبات إلى أن إسرائيل ستقابل خطوة جلسة مجلس الوزراء اللبناني المقررة بعد 10 أيام بالانسحاب من التلال الخمس التي لا تزال تحتلها في الجنوب..
وقالت التسريبات التي أوردتها قناة " الحدث" السعودية أن الموفد الأميركي برّاك، "حدّد مهلة زمنية صارمة للبنان، تقضي ببدء خطوات جدية وعملية في ملف حصر السلاح خلال أسبوع واحد، مع مهلة إضافية تمتد لستة أشهر لتقييم النتائج الملموسة لهذه الإجراءات".
وأشارت إلى "أن وزراء "حزب الله" لن ينسحبوا من جلسة مجلس الوزراء المقبلة، التي ستناقش ملف حصرية السلاح، ما يشير إلى احتمال انخراط الحزب في نقاشات داخلية تحت السقف الحكومي، بدلاً من المواجهة أو التعطيل". وكذلك أشارت إلى أن براك أكد خلال زيارته الأخيرة للبنان "أن ترسيم الحدود مع إسرائيل يمثل أولوية في الجهود الأميركية الرامية إلى تحقيق استقرار مستدام".
ولوحظ أن أي موقف رسمي لبناني لم يصدر بعد تعليقًا على هذه التسريبات، ليؤكد صحتها من عدمها. كذلك لم يصدر أي تعليق عن قيادة حزب الله ولا عن "الثنائي" ما يجعل الغموض يلف المشهد في انتظار عودة الموفد الاميركي.