خالد البوهالي
لأنَّ Ø§Ù„ØØ¶ÙˆØ± الاقتصادي للصّين لا بد من أن يواكبه ØØ¶ÙˆØ±ÙŒ عسكريٌّ Ù„ØÙ…اية مصالØÙ‡Ø§ØŒ وتأمين طرق Ø§Ù„Ù…Ù„Ø§ØØ© والمواصلات البرية، كان لا بد من قواعد عسكرية لها ÙÙŠ Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚يا، ووقع الاختيار على غينيا الاستوائية، بعد عرقلة خيارات سابقة.
شاعت ÙÙŠ أواخر السنة الماضية معلوماتٌ استخباريةٌ أميركية ØªØªØØ¯Ù‘ÙŽØ« عن نية الصين إنشاء قاعدة٠عسكرية٠ÙÙŠ غينيا الاستوائية تطلّ على المØÙŠØ· الأطلسي، ÙÙŠ الوقت الذي تشهد العلاقات الصينية الأميركية أزمات عديدة ØÙˆÙ„ العديد من القضايا الخلاÙية، من بينها قضية تايوان وأصل Ø¬Ø§Ø¦ØØ© كورونا، وقضايا أخرى تتعلّق بالتجارة ÙˆØÙ‚وق الإنسان، Ø¥Ø¶Ø§ÙØ©Ù‹ إلى الصاروخ Ø§Ù„ÙØ±Ø· صوتي الذي أطلقته الصين مؤخراً.
وقد ØµØ±Ù‘Ø Ù‚Ø§Ø¦Ø¯ القيادة الأميركية ÙÙŠ Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚يا (Ø£ÙØ±ÙŠÙƒÙˆÙ…)ØŒ الجنرال ستيÙÙ† تاونسند، أنَّ "الصين تتطلَّع إلى دول على طول الساØÙ„ الغربي Ù„Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚يا بالكامل تقريباً، ÙÙŠ أقصى الشمال مثل موريتانيا، وجنوباً مثل ناميبيا، ÙÙŠ Ù…ØØ§ÙˆÙ„Ø© للعثور على قاعدة ÙÙŠ المØÙŠØ· الأطلسي. والآن، بدأت بكين بالتركيز على غينيا الاستوائية، الدولة الواقعة ÙÙŠ وسط Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚يا، باعتبارها الخيار Ø§Ù„Ø£ÙØ¶Ù„".
ÙÙŠ العقدين الأخيرين، انصبّ اهتمام الصين على القارة Ø§Ù„Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚ية، نظراً إلى موقعها الاستراتيجي المهم، بما Ùيها من الممرات Ø§Ù„Ø¨ØØ±ÙŠØ© المهمة، ورغبتها ÙÙŠ توسيع Ù†Ùوذها، ÙÙŠ Ø¸Ù„Ù‘Ù ØªÙ†Ø§ÙØ³Ù Ù…ØÙ…وم٠مع الولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© الأميركية وروسيا Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ÙŠØ©ØŒ تساعدها ÙÙŠ ذلك قوة اقتصادها الّذي أضØÙ‰ الرقم ÙˆØ§ØØ¯ عالمياً، بعد أن Ø£Ø²Ø§Ø Ø£Ù…ÙŠØ±ÙƒØ§ عن الزعامة الاقتصادية.
ومن أجل تØÙ‚يق هذا Ø§Ù„Ù‡Ø¯ÙØŒ دخلت الصين ÙÙŠ علاقات٠شراكة٠اقتصادية٠وسياسية٠مع العديد من الدول Ø§Ù„Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚ية، بهد٠الترويج Ù„ÙØ§Ø¦Ø¶ منتجاتها المتنوعة ÙˆØ§Ù„Ø§Ø³ØªÙØ§Ø¯Ø© من الثروات الهائلة التي تزخر بها القارة السمراء من معادن، مثل الكوبالت والمنغنيز ÙˆØ§Ù„Ù†ØØ§Ø³ ÙˆØ§Ù„ØØ¯ÙŠØ¯ والألومنيوم، والتي تعد الصين Ø£ØØ¯ أكبر مستورديها، ÙØ¶Ù„اً عن المشاريع الاقتصادية التي أنشأتها ÙÙŠ البلاد Ø§Ù„Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚ية.
ولأنَّ Ø§Ù„ØØ¶ÙˆØ± الاقتصادي للصّين لا بد من أن يواكبه ØØ¶ÙˆØ±ÙŒ عسكريٌّ Ù„ØÙ…اية مصالØÙ‡Ø§ØŒ وخصوصاً أنَّها تتبنى مشروعها الشهير "Ø§Ù„ØØ²Ø§Ù… والطريق" لتأمين طرق Ø§Ù„Ù…Ù„Ø§ØØ© والمواصلات البرية، Ùقد عقدت Ø§ØªÙØ§Ù‚ية مع دولة جيبوتي، أنشأت بموجبها أول قاعدة عسكرية على تراب الأخيرة ÙÙŠ العام 2017ØŒ وهي تتّسع Ù„ØÙˆØ§Ù„Ù‰ 10000 جندي صيني، وقامت بإجراء مناورات عسكرية معها.
يبدو أنَّ هذا الإجراء الصيني لم يكن سوى مقدمة لاستراتيجية التمدد Ù†ØÙˆ دول وسط القارة Ø§Ù„Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚ية وغربها، إذ أجرت الصين مناورات عسكرية مع الغابون ونيجيريا وغينيا والكاميرون ÙÙŠ السنين الأخيرتين.
وقد ØØ§ÙˆÙ„ت الصين ÙÙŠ الماضي بناء قاعدة عسكرية ÙÙŠ موريتانيا، لكنَّ الدبلوماسيين الأميركيين نصØÙˆØ§ سلطات نواكشوط Ø¨Ø±ÙØ¶ المساعي الصّينية لبنائها، ÙˆÙقاً Ù„ØªØµØ±ÙŠØ Ù…Ø³Ø¤ÙˆÙ„ أميركي، ما ØØ§Ù„ دون تØÙ‚يق هدÙها.
لذلك، وجّهت الصين بوصلتها Ù†ØÙˆ غينيا الاستوائيّة، نظراً إلى أهميتها الجيو-استراتيجية، لكونها ØªØØªÙ„ موقعاً متميزاً على المØÙŠØ· الأطلسي، وتبلغ Ù…Ø³Ø§ØØªÙ‡Ø§ 28,051 كم²ØŒ ويصل عدد سكّانها، Ø¨ØØ³Ø¨ آخر Ø¥ØØµØ§Ø¦ÙŠØ§Øª الأمم Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© للعام 2021ØŒ إلى Ù†ØÙˆ مليون Ùˆ433 Ø£Ù„ÙØ§Ù‹ Ùˆ722 نسمة، وتعدّ أصغر دولة Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚ية من ØÙŠØ« Ø§Ù„Ù…Ø³Ø§ØØ©.
ويعود اختيار الصين لغينيا الاستوائية إلى عدة عوامل، أهمها أنَّ الأخيرة تضم موارد مهمة من Ø§Ù„Ù†ÙØ· من بين دول غرب Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚يا، ما سيمكّنها من استيراد Ø§Ù„Ù†ÙØ· منها ÙÙŠ مقابل تزويدها Ø¨Ø§Ù„Ø³Ù„Ø§ØØŒ وهي الاستراتيجية ذاتها التي تنهجها الصين ÙÙŠ تعاملها مع باقي الدول Ø§Ù„Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚ية. ÙˆØªØ·Ù…Ø Ø§Ù„ØµÙŠÙ† إلى تبوؤ الصدارة ÙÙŠ تصدير Ø§Ù„Ø£Ø³Ù„ØØ©ØŒ إذ تبلغ نسبة صادراتها من Ø§Ù„Ø³Ù„Ø§Ø ØÙˆØ§Ù„Ù‰ 13%ØŒ ÙˆØªØØªÙ„Ù‘ المرتبة الثالثة بعد روسيا والولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© الأميركية ÙÙŠ هذا المجال.
كما أنَّ العلاقات بين مالابو وواشنطن شابتها عدة توترات ÙÙŠ السنين الأخيرة، على خلÙية Ù…ØØ§ÙƒÙ…Ø© ابن رئيس غينيا الاستوائية تيودورين أوبيانغ بتهم ÙØ³Ø§Ø¯ تتعلَّق بقضية مصادرة أصول Ø±ÙØ¹ØªÙ‡Ø§ ضده وزارة العدل الأميركية، ÙØ¶Ù„اً عن انتهاكات ØÙ‚وق الإنسان.
لذا، إنَّ انعطا٠غينيا الاستوائية Ù†ØÙˆ الصّين له ما يبرره، وهو Ø¥ØØ¯Ø§Ø« توازن ÙÙŠ علاقتها مع الولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø©ØŒ ولا سيّما أنَّ الصين تنهج ÙÙŠ سياستها الخارجية مبدأ "عدم التدخل ÙÙŠ الشؤون الداخلية للدول الأخرى".
ويعود اهتمام الصين بإنشاء قاعدة عسكرية ÙÙŠ جزيرة باتا ÙÙŠ المØÙŠØ· الأطلسي إلى كونه سيمكّنها من صيانة سÙنها Ø§Ù„ØØ±Ø¨ÙŠØ© وتزويدها بالمؤونة والإمدادات اللوجستية، وإرسال قطع الأسطول Ø§Ù„ØØ±Ø¨ÙŠ Ø§Ù„ØªØ§Ø¨Ø¹ لها Ù†ØÙˆ السواØÙ„ الشرقية للولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© الأميركية، انطلاقاً من القاعدة Ø§Ù„Ø¨ØØ±ÙŠØ© ÙÙŠ غينيا الاستوائية.
لذا، تنظر الولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© الأميركية إلى الخطوة الصينية ÙÙŠ غينيا الاستوائية Ø¨ØØ°Ø±ØŒ لما يشكّل ذلك من تهديد لأمنها القومي. وقد قام مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الأمن القومي خلال السنة الماضية بزيارة لغينيا الاستوائية، لإقناعها بعدم Ø¥Ù‚ØØ§Ù… Ù†ÙØ³Ù‡Ø§ ÙÙŠ الصراع بين القوتين العظميين، وعدم Ø§Ù„Ø³Ù…Ø§Ø Ù„Ù„ØµÙ‘ÙŠÙ† بتشييد القاعدة العسكرية الصينية المزمع بناؤها.
ويبدو أنَّ الزيارة التي قامت بها مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون Ø§Ù„Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚ية بين 14 Ùˆ15 من الشهر Ø§Ù„ØØ§Ù„ÙŠ تندرج ÙÙŠ هذا السياق، ما يدلّ على أنَّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تستشعر الخطر الَّذي يمكن أن يشكّله وجود هذه القاعدة العسكرية الصينية، والذي قد يكون مقدمةً لإنشاء قواعد عسكرية٠أخرى ÙÙŠ دول الغرب Ø§Ù„Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚ÙŠØŒ يمكّن الصين من توطيد دعائم Ù†Ùوذها ومزاØÙ…Ø© الأساطيل Ø§Ù„ØØ±Ø¨ÙŠØ© الأميركية ÙÙŠ المØÙŠØ· الأطلسي.
ÙÙŠ النهاية، نصل إلى عدة استنتاجات، منها أنَّ الصّين ØªØØ§ÙˆÙ„ بناء قاعدة عسكريّة ÙÙŠ جمهورية غينيا الاستوائيّة لأسباب عديدة، منها ما هو عسكريّ، يتمثل بجعل الميناء قاعدة انطلاق Ù†ØÙˆ السواØÙ„ الشرقية للولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© الأميركية، ومنها ما هو جيو-استراتيجي، يرمي إلى توطيد ØØ¶ÙˆØ±Ù‡Ø§ غرب القارة Ø§Ù„Ø£ÙØ±ÙŠÙ‚ية.
ÙˆÙÙŠ الشقّ الاقتصادي، تهد٠الصين إلى Ø§Ù„Ø§Ø³ØªÙØ§Ø¯Ø© من الموارد الطبيعية، وخصوصاً Ø§Ù„Ù†Ù‘ÙØ·ØŒ وزيادة مبيعاتها من Ø§Ù„Ø£Ø³Ù„ØØ©ØŒ ولا سيّما إذا علمنا أنَّها تعتبر أكبر مستورد للطاقة ÙÙŠ العالم، Ùهل Ø³ØªÙ†Ø¬Ø ÙÙŠ مساعيها أو سيكون لواشنطن رأي آخر؟ الجواب ÙÙŠ الأيام القادمة.
المصدر: الميادين