مهنٌ حضرت من جديد في يوميات اللبنانيّ.. الوضعُ الاقتصاديُّ للنّاس أعادَ خلطَ الأوراق...

زياد العسل_ خاصّ الأفضل نيوز

 

 

في محلِّهِ الصغير الموجود أسفل منزله، يعمل أبو سمير (إبن البقاغ ٧٠ سنة )، في (مهنة السكافة)، هذه المهنةُ التي غابت فترةً طويلة ونشطت الآن، بعد أن تغيّر الوضعُ الاقتصاديُّ برمته، وقد ورث العمُّ هذه المهنة عن أبيه، الذي أعال عائلةً كاملةً من هذه المهنة، وعلّم أبناءه من عمله هذا.

 

 

 

وقد عادَ الناسُ إلى تصليح أحذيتها وفقَ تعبير العم أبو سمير، فيقول، " يا ابني الناس رجعت لواقعها الطبيعي"، ويؤكد أبو رائد" أنَّ القدرةَ الشرائية الآخذة في التراجع، تجعل من المواطن يتأقلمُ مع الوضع الحاليّ، تدفع به وبعائلته لإصلاح الأحذية عوض شراء أخرى قد تكون مساوية لراتبٍ بأكمله.

 

 

 Ø£Ù…ا عن حرفة الخياطة، تفتحُ الخيّاطة نجلاء عدّة الخياطة، بعد أن قامت بشراء 

الإبر والخيوط، تمهيدًا للدّرز والتقطيب.

 

 

وتقول في حديث للأفضل نيوز "أنَّ دفع 100الف ليرة لبنانية على الثياب، أقل وطأة من شراء أخرى بضعفيْ راتب الموظف إذا اقتصر الأمر على ذلك، وهو الأمر الذي ينطبقُ على شريحةٍ كبيرة من اللبنانيين ، كانت تعرف سابقًا بالطبقة الوسطى، قبل أن تبدأ بالانحسار والتراجع بعد الانهيار الكبير وسرقة أموال الناس، وجنى أعمارهم".

 

 

 

الأمينُ العامُّ للبيوتات الثقافية في لبنان ورئيس جمعية محترف الفنِّ التشكيليِّ في راشيا، شوقي دلال يقول في حديث خاصٍّ ل" الأفضل نيوز "، أنّ عودة المهن التراثية للمشهد المعيشيِّ هو الأزمة الاقتصادية التي حدثت في لبنان، ومن الطبيعي أنَّ السلّع بمعظمها في حالة لبنان اليوم، تصبح بعيدة عن متناول ذوي الدخل المحدود، منها الحياكة والسكافة ونجارة الخشب، فكلُّ هذه المهن عادت لتنشط، لأنها أضحت بمتناول أصحاب المداخيل المحدودة.

 

 

أهمية هذا الموضوع تكمنُ في إطار محاولة إيقاظ المسؤولين، ونحن في جمعية محترف راشيا نناشد الدولة لدعم المهن الحرفية، التي نعتبرها سلاح الإنتاج الفعليِّ في المجتمع، وعودة هذه المهن هو شيء سليم وصحيح، ولكن بعد ٤ عقود من ترك الناس لهذه المهن، فالعاملون هذه المهن، هم من كبار السنّ، وهنا ثمة دور على المهنيات مثلا، بإعادة هذه المهن من خلال التّعليم وتثقيف الناس لأهميتها، وهي منتجة بشكل كبير.

 

 

على صعيدٍ متصل، ثمةَ مهنٌ أخرى ازدهرت وسط الأزمة، لعلَّ أبرزها التسويق الإلكتروني، وكلُّ ما يتعلق بالصناعات المنزلية، هذا فضلًا عن تعاظم حضور ثقافة المقايضة التي فرضتها الظروف المستجدّة، والعمل في تأمين المؤونة البيتية للبيوت، وصناعة الصابون البلدي والخبز، حيث إنَّ كلَّ هذه الأعمال لم تكن أولوية الأولويات سابقاً.

 

 

انقلابٌ كبيرٌ حصل لشعب كامل، والتَّحول في سعر صرف العملة وانهيار القدرة الشرائية، دلائلُ واضحة على ذلك، وهذا ما أعاد مهنًا، ظن كثرٌ أنها قد زالت لتعود بقوة وتؤكد ألا شيءَ مستغربٌ في" الأوطان" التي لم تصل لتلك الرتبة بعد.