محمد علوش - خاص الأفضل نيوز
يتفنن بعض مدّعي السيادة بنشر الأكاذيب، على سبيل المثال عند سؤالهم "على ماذا وقّع لبنان لوقف الحرب"، متوجهين للحكومة والثنائي الشيعي، بما يوحي وكأنهم لا يعلمون، أو للإيحاء وكأن من عقد الاتفاق لوقف الحرب وافق ووقّع على ما تقوم به إسرائيل من استباحة للاتفاقِ.
يخشى هؤلاء من تحميل إسرائيل، العدو القانوني والشرعي والحقيقي والوحيد للبنان، مسؤولية ما يقوم به جيشها في الجنوب وكل لبنان، لأن إدانة إسرائيل ستُسقط كل السردية التي قام عليها خطابهم خلال الحرب، والذي يقول بأن وقف المقاومة لإطلاق النار والالتزام بالقرار الدولي 1701 سيُعيد إسرائيل إلى داخل فلسطين المحتلة.
إدانة إسرائيل بحال صدرت عن هؤلاء لا يمكن أن تأتي وحدها، بل يجب أن تترافق مع أسئلة أساسية حول قدرتنا على حماية أنفسنا، حماية الجنوب والبقاع، دور الجيش اللبناني وقدراته، وحول مكانة الشرعية الدولية والقرارات الدولية لدى قادة الكيان المحتل، ومدى التزام هذا العدو بكل ما يصدر عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
لذلك ولكي لا تسقط سرديتهم، يستمرون بنشر الأكاذيب نفسها وهي أن من فاوض لإنهاء الحرب وقع على قرار يسمح لإسرائيل بالقيام بما تقوم به داخل لبنان، وشرّع خروقاتها بحيث لا تكون الخروقات تعدّ على السيادة، وبعضهم ذهب أبعد من خلال الاستمرار بالتحريض على المقاومة وبيئتها، من خلال إعداد التقارير ونشر الإشاعات حول عدم التزام المقاومة بالقرار 1701 وخرقها لاتفاق وقف الحرب، والترويج لعودة الحرب وتبريرها قبل عودتها، كما تبرير استمرار الاحتلال ما بعد الستين يوماً، وأكثر الهجوم على مطار بيروت الدولي على اعتبار أن المقاومة تستعمله لإحضار السلاح من إيران.
هذا الجو الداخلي الذي تتم تهئيته لاستمرار الوجود الإسرائيلي في الجنوب بعد انتهاء مهلة الستين يوماً، وتبرير العمليات العسكرية الإسرائيليّة التي قد تستمر، يُرافقه جو مماثل إسرائيلي، بحيث هناك معطيات إسرائيلية تقول بأن الجيش اللبناني غير قادر على بسط سيطرته ولا تطبيق القرار 1701، ما يحتم على الجيش الإسرائيليّ البقاء وتطبيقه بنفسه، كذلك نشر فكرة أن الجيش الإسرائيليّ لن ينسحب من لبنان بعد الستين يوماً، والقول أن "الجيش الإسرائيلي لا يتعامل مع التاريخ المحدد للانسحاب من لبنان على أنه تاريخ مقدس"، بعد ما نشرته هآرتس عن مصادر قولها أن الجيش لا يفكر بالانسحاب من لبنان.
لهذه الأسباب وغيرها نفى مكتب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ما يتم تداوله عن تبلغ لبنان بالوساطة عدم انسحاب إسرائيل من الجنوب بعد الهدنة. ولكن ذلك لا يعني أن الجيش سينسحب، لذلك يجب التفكير من اليوم بكيفية تصرف لبنان بحال لم ينسحب الجيش الإسرائيليّ.
لم يوقع لبنان على حق إسرائيل بالخروقات، وربما الولايات المتحدة الأميركية أعطت العدو هذا الخيار، وكان لبنان ولو علم بالمخطط غير قادر على رفضه لأن الرفض كان يعني استمرار الحرب، واستمرارها كان يعني المزيد من الدمار والشهداء والخسائر والقلق الاجتماعي جراء ملف النزوح، ولو استمر صمود المقاومين في الجنوب أشهراً، فإن الحرب كانت لتستمر أشهراً كما يحصل في غزة.
هذه الحقيقة، لبنان نجح بالحصول على وقف الحرب وهناك مهلة 60 يوماً لخروج إسرائيل، وما بعدها ليس كما قبلها، إنما مسؤولية وقف الخروقات الإسرائيليّة بعد المهلة ستكون مهمة الجميع، الدولة والجيش والقوى السياسية وابمقاومة، ولا يجوز لطرف من هذه الأطراف تحميل المسؤولية لطرف بعينه، رغم أن سرديات مدعي السيادة موجودة وحاضرة.