الياس المرّ - خاصّ الأفضل نيوز
انفجرت أولى الألغام في مسيرة العهد مع تكليف الرئيس نواف سلام لتشكيل الحكومة، في خطوة بدت مفاجئة للأوساط المتابعة، وخصوصاً أن نظامنا التوافقي الذي له وعليه ما عليه، لم يعتد على هذا النوع من المفاجآت الدرماتيكية، خصوصاً في هذا الظرف الداخلي والإقليمي الدقيق، بعد تحولات ما بعد الحرب والتطورات في سوريا، وما لها من انعكاسات على الساحة السياسية، حتى أن المعنيين المحليين والإقليميين لم تكن هذه الخطوة في حساباتهم، إلا أن تقاطعاً سعوديًّا فرنسيًّا له علاقة باعتبارات إقليمية، توّجَت بعد زيارة الرئيس ميقاتي إلى تركيا ودمشق، كان لها الدور الحاسم في اتخاذ القرار بالسير في هذا المسار .
حتما لم تكن المواجهة هي المقصودة خصوصاً مع الثنائي، بل عامل الوقت وتطور الأحداث كانا السبب بعدم التنسيق الذي فُهم على أنه انقلاب وترك هواجس مشروعة عُبّر عنها في اعتراض الثنائي على الموقف، من خلال كلمة النائب محمد رعد في قصر بعبدا، ومقاطعة استشارات التأليف، غير الملزمة، التي لم تقطع خط الاتصالات التي بقيت مفتوحة.
نجاح المسار اللبناني مصلحة عربية
حتماً إن الحاضنة العربية الراعية للمرحلة، لا مصلحة لها في المواجهات الجانبية التي تؤدي إلى تعثّر المسار السياسي، الذي بات محسوباً عليها، في ميزان المنطقة، فهي أصبحت جزءًا من هذا النجاح وكذلك من الفشل، في مرحلة حساسة تشهد دخول الإدارة الجديدة إلى البيت الأبيض، والتقدم التركي القطري على الساحة السورية والتطورات في غزّة، وفي مرحلة يتدارس فيه الأمن القومي العربي، عن تحصين نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف.
تعاون عربي مع لبنان بكافة مكوناته
للإطار العربي دراية وخبرة عميقتان في خارطة التوازنات الداخلية ودقتها وانعكاساتها الميثاقية، من هذا المنطلق جاءت كلمة الرئيس المكلف منفتحة تعتمد على اليد الممدودة لإعادة ترميم اليد التي "قطعت" والتي عبّر عنها النائب محمد رعد، لذلك عنوان المواجهة ليس بين المنظومة العربية وأي مكون داخلي بل هي أكبر من ذلك في المنطقة وهو كباش إقليمي على نفوذ تاريجي إديولوجي مسرحه سوريا وهو الذي أعاد الاهتمام العربي والاندفاع باتجاه لبنان وهذا ما علينا الاستفادة منه.
حزب الله في هدنة يجب الاستفادة منها
هي استراحة المحارب، التي يحتاج فيها الحزب وجمهوره إلى الدولة، والمؤسسات التي كان غيابها جزءًا من توسع دوره الإنمائي الاجتماعي وكذلك العسكري، حزب الله اليوم أكثر من أي وقت، يريد الجيش القوي والدولة القوية، وهو منفتح للتعاون والعبور إلى هذه المرحلة، العبور السلس المَرن، وليس على قاعدة كسر العظم التي يتمنّاها البعض ويعمل سياسياً وإعلامياً لتحقيقها، وهي لن تتحقق، لقاعدة بسيطة، في لبنان لا يُكسر فريقٌ أو مكوّنٌ لوحده،
الخطوط مفتوحة
كذلك عين التينة بالرغم من الحسم في الموقف وعدم القبول بهذا المنطق من الانقلاب على التفاهمات والمنطق التوافقي الذي ساد الكثير من المراحل، كان فريق الثنائي يملك فيها الأكثرية ولم يلجأ إلى سياسة الخروج عن التوافق الوطني، إلاّ أن قنوات الاتصال على كافة المستويات لا زالت مفتوحة لرأب الصدع ومعالجة الأمور على قاعدة تجديد الاتفاق الضمني على النقاط الحساسة، التي تبدد الهواجس،
الإليزيه على الخط.. وزيارة من خارج البروتوكول
على صعيد الاتصالات الداخلية يلعب رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون دورًا مهمًّا بعيدًا عن الأضواء، وكذلك سيكون هناك لقاء بين الرئيسين بري وسلام فور انتهاء الاستشارات، في نفس السياق، الإسعافي، دولياً الخطوط مفتوحة بين الإليزيه وعين التينة قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس ماكرون إلى لبنان والتي ستتضمّن زيارة، من خارج البروتوكول، للرئيس بري، في منزله، قد تكون حاسمة، أو مجديّة على أقل تقدير، لناحية معالجة المسار والمشاركة في الحكومة، حكومةٌ تهم الثنائي قبل أي فريق آخر، لناحية مواكبة الخروقات الإسرائيلية، ومرحلة ما بعد الستين يومًا، ومدى التزام العدو في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، والـ ١٧٠١ ومندرجاته، والأهم من كل ذلك، ملف التعويضات وبدء مسار إعادة الإعمار .
بندٌ جديد على قائمة التفاهم
إلا أن بنداً جديدا تصدّر قائمة أي اتفاق جديد، بالإضافة إلى وزارة المالية والأشغال، نظراً لارتباطها المباشر بملف إعادة الإعمار، آلية تطبيق الـ ١٧٠١ جنوب الليطاني، والالتزام بإعادة الإعمار
"آلية العمل"
بندٌ جديد عنوانه "آلية العمل" في العهد على مستوى التعاون والتنسيق وتسيير الملفات وتحديد الأولويات، بحيث لا تنفجر المفاجآت والأزمات السياسية عند كل بند في جدول الأعمال أو في كل جلسة حكومية، فتعود الأمور إلى نقطة الصفر، وتعرقل مسار العهد والحكومة، والإنجازات المرتقبة من كل الأطراف ومنها الثنائي الذي يعتبر أن هذه الحكومة حكومته باعتبار أنها ستواكب مرحلة ما بعد الحرب مع العدو ولملمة الجراح والترميم والتعويض عن الخسائر والأضرار .
إذا التفاهم على "آلية العمل" وكيفية إدارة الملفات، هو العنوان للساعات المقبلة حيث تكون كل الأطراف معنيّة بإعادة الثقة، وتثبيت اللحمة الداخلية، وإظهار النيّة الحسنة في التعاطي، على عكس بعض الأبواق التي تريد تظهير صورة الغالب والمغلوب، والتي تريد أن تشتري انتصارات سياسية وهميّة، أو التحدّي بعضلات الغَير سواء كان إسرائيلياً أم سورياً،
بكل الأحوال في لبنان ليس هناك غالب ومغلوب، هناك تفاهم فقط، فليكن هذا التفاهم إذاً، على تسهيل مسار العهد الجديد والحكومة الجديدة، للبدء بالمهام الشاقة، وليكن القرار هو الانتقال إلى لبنان الجديد، بهدوء وتعاون، بدل ضياع الفرصة بالمزايدات وتصفية الحسابات التي لا تنتهي والكل خاسرٌ في نتيجتها.