ملاك درويش - خاصّ الأفضل نيوز
في ظل المشهد السياسي اللبناني المتجدد مع انتخاب رئيس جديد، يُطرح سؤال ملحّ حول مدى حضور المرأة في الحياة السياسية، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد خلال السنوات الأخيرة. فرغم التحولات الكبيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية، يبقى دور المرأة في السياسة اللبنانية محدوداً مقارنة بما تطمح إليه الأجيال الجديدة وما حققته النساء في دول أخرى.
لطالما كانت مشاركة المرأة في الحياة السياسية اللبنانية هامشية، رغم أنها لعبت أدوارًا محورية في الحراك الشعبي والاجتماعي. وفقًا للإحصاءات، لا تتجاوز نسبة النساء في البرلمان اللبناني 7%، وهي نسبة ضئيلة جدًا مقارنة بالمعدل العالمي. وينسحب هذا التمثيل الضعيف على الحكومة والمناصب القيادية داخل الأحزاب السياسية، حيث يبقى الدور النسائي غالبًا محدودًا بالأنشطة الاجتماعية والخدماتية.
ولكن خلال السنوات القليلة الماضية، برزت شخصيات نسائية لبنانية أثبتت قدرة المرأة على تحمل المسؤولية السياسية، مثل الوزيرات اللواتي حققن أداءً لافتاً في الوزارات التي شغلنها.
رغم الإنجازات الفردية، تواجه المرأة اللبنانية عدة عوائق تحدّ من قدرتها على التأثير السياسي الفاعل:
أولاً النظام الطائفي: يرتكز النظام السياسي اللبناني على المحاصصة الطائفية، مما يُضعف آليات اختيار الكفاءات بغض النظر عن الجنس. ثانياً الهيمنة الذكورية: الثقافة السائدة في المجتمع اللبناني لا تزال تُهيمن عليها العقلية الذكورية، التي ترى في السياسة مجالاً ذكورياً بامتياز.
ثالثاً العوائق القانونية: القوانين الانتخابية القائمة لا تُشجع على تعزيز دور المرأة، خاصة مع غياب الكوتا النسائية الملزمة.
ورابعاً الظروف الاقتصادية والاجتماعية: الأزمات الاقتصادية المستمرة تُضعف قدرات النساء على الانخراط في السياسة، إذ تُجبر الكثير منهن على التركيز على أدوارهن التقليدية في الأسرة والمجتمع.
وفي مقابل ذلك، ومع انتخاب رئيس جديد في لبنان، تتصاعد الآمال بإمكانية إصلاح النظام السياسي، بما يشمل تعزيز دور المرأة. هذه المرحلة تشكل فرصة للقيادة اللبنانية لإثبات التزامها بالمساواة والعدالة الاجتماعية عبر دعم مشاركة المرأة في المؤسسات السياسية.
كما أن النساء اللبنانيات أبدين، في الحركات الاحتجاجية منذ عام 2019، قدرة عالية على التنظيم والقيادة، مما يجعلهن شريكات أساسيات في أي عملية إصلاح سياسي حقيقي.
ولا بد من الإشارة إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تطورًا ملحوظًا في وعي المجتمع اللبناني بدور المرأة في السياسة، وهو ما انعكس في دعم قوى سياسية جديدة ومرشحات كثر في الانتخابات النيابية الأخيرة. هذا الدعم ينبع من إدراك أن تمكين المرأة لا يقتصر على العدالة الجندرية فحسب، بل يساهم في تحقيق تمثيل أكثر شمولية يعكس واقع المجتمع اللبناني بكل تنوعه.
من هنا ولإحداث تغيير حقيقي في دور المرأة في السياسة اللبنانية، يمكن العمل على :
-إقرار الكوتا النسائية
يجب أن يتضمن القانون الانتخابي نصوصًا واضحة تلزم الأحزاب بتمثيل النساء في لوائحها، إضافة إلى تعزيز الوعي المجتمعي
-تكثيف الحملات الإعلامية التي تبرز أهمية مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي، وتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا
-خلق بيئة تدعم النساء في التوفيق بين أدوارهن الاجتماعية والسياسية.
رغم التحديات، يبقى الأمل كبيرًا في أن تشهد المرحلة المقبلة نقلة نوعية في دور المرأة في السياسة اللبنانية.
فالمرأة اللبنانية ليست فقط شريكًا في التغيير، بل هي قوة دافعة قادرة على إعادة بناء لبنان على أسس أكثر عدالة وموضوعية. ومع انتخاب رئيس جديد يدعم دور المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يُنتظر أن تكون القيادة السياسية على قدر المسؤولية في فتح المجال واسعًا أمام النساء ليكُنَّ جزءًا أساسيًا من صناعة القرار وبناء المستقبل الموعود.