عبدالله قمح-خاص الأفضل نيوز
ما يزال التواصل بين رئيس الجمهورية جوزاف عون وحزب الله يتم عبر وسطاء، يُعتقد أن رئيس مجلس النواب نبيه بري هو أحدهم. غير أن ذلك لا يعني أن مستوى تبادل الرسائل قد يتطور خلال الفترة القليلة المقبلة نحو لقاءات ثنائية ومباشرة، يبدو أن العمل عليها يجري بهدوء وبعيداً عن أي ضجيج إعلامي، بل إن المؤشرات تؤكد بأن الرغبة المتوفرة هي ترك هذا الحوار يجري بتأنٍ وبعيداً عن أي تركيز إعلامي رغبة في الوصول إلى نتائج.
رغم أن القناة التواصلية كانت متاحة، بل وفعّالة في فترات سابقة خلال قيادة عون للجيش، إلا أن الحوار المباشر لم يُستأنف بعد. فبينما تبدو جميع العناصر متاحة لإعادة فتح هذه القناة، تبقى بعض القضايا التقنية والسياسية التي يجب معالجتها من الجانبين قبل الشروع في حوار رسمي. فعون، الذي لم يعد قائدًا للجيش، بل رئيسًا للجمهورية، يدرك أن أي خطوة سياسية سيتخذها ستكون محط أنظار وموضع تقييم من جميع الأطراف، خصوصًا في ظل الوضع السياسي والاقتصادي الدقيق في لبنان.
تتمثل إحدى التحديات الرئيسية في تحديد جدول أعمال الحوار بين عون وحزب الله. قد يبدو أن أي اجتماع ثنائي بين الطرفين سيكون حساسًا على الصعيدين المحلي والدولي. فكما هو معلوم، أصبحت الولايات المتحدة أكثر حضورًا في الشأن اللبناني، وبالتالي فإنها قد تسعى لتوجيه أي حوار بين الرئيس وحزب الله في اتجاه معين، بما يتماشى مع مصالحها وأهدافها. لذلك، من المتوقع أن تكون هناك ضغوط سياسية على الرئيس عون، سواء من الداخل اللبناني أو من الخارج، حول كيفية إدارة هذه العلاقة.
في خطاب ألقاه مؤخراً في بكركي بمناسبة عيد الفصح، سعى رئيس الجمهورية إلى تبني موقف هادئ تجاه حزب الله. وهو خطاب يعكس الاستمرارية في نهج عون الذي يهدف إلى احتواء الحزب وتوفير الظروف المناسبة للحوار معه. ووفقًا لمراقبين، فإن عون لا يسعى إلى الدخول في أي مواجهة مع الحزب، بل يفضل بداية عهده بأن يكون في موقع التوازن وتجنب الاصطفاف ضد أي طرف لبناني. هذه الاستراتيجية قد تكون ضرورية للحفاظ على الاستقرار الداخلي في لبنان في ظل التحديات التي يواجهها البلد.
من جانب حزب الله، يبدو أن هناك نوعًا من الثقة التي تراكمت نتيجة للتعاون السابق مع الرئيس عون خلال فترة قيادته للجيش. فقد كانت هناك قنوات اتصال مباشرة بين الطرفين، وعُرف عن عون أنه ليس من النوع الذي يبحث عن الصدام العسكري مع الحزب. هذا التعاون، الذي كان يتم عبر مسؤول الارتباط والتنسيق لدى الحزب، الحاج وفيق صفا، ساهم في بناء علاقة قائمة على الثقة المتبادلة.
لا يمكن إغفال التعاون القائم بين رئاسة الجمهورية وحزب الله في مسألة الأمن جنوب الليطاني. فقد حرصت رئاسة الجمهورية على تعميم سياسة التعاون على القيادة الجديدة للجيش. وقد قوبل ذلك بتعاون كبير من جانب الحزب، على الرغم من المحاولات الأميركية لفرض معايير قد تؤدي إلى تعقيد هذه العلاقة في مقدمتها ما سبق للمبعوثة مورغان أورتاغوس أن طرحته أو اشترطته عملياً.
من أبرز العوامل التي تؤثر في هذه الديناميكيات هي المواقف الأميركية، التي كانت قد حاولت من خلال مبعوثتها إلى بيروت، مورغان أوروتاغوس، فرض معايير تحول دون أي دور مباشر لحزب الله في صياغة استراتيجية دفاعية وطنية. هذه المعايير تتضمن عدم ضم عناصر من الحزب إلى القوات المسلحة اللبنانية، وهو ما يبدو غير واقعي وغير قابل للتطبيق على الأرض. فلا حزب الله يمكنه القبول بالتهميش، ولا الجيش اللبناني يستطيع الاستغناء عن التعاون مع الحزب في الملفات الأمنية. هذا بالإضافة إلى حساسية هذه المسألة بالنسبة إلى الخارج ربطاً بتصنيف حزب الله.
في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن العلاقة بين رئاسة الجمهورية وحزب الله تسير في اتجاه التهدئة، مع فتح الباب أمام الحوار المباشر الذي قد يكون أكثر مرونة وخصوصية. إن أي تحرك مستقبلي بين الطرفين سيكون محكومًا بالعديد من العوامل الداخلية والخارجية، سواء على مستوى تحديد الاستراتيجيات الدفاعية أو عبر التنسيق الأمني.