منال زعيتر - خاصّ الأفضل نيوز
ما الذي يحدث فعلاً في سوريا؟ ولماذا تُصعّد إسرائيل عملياتها هناك؟
في خضمّ الحرب المستمرة في غزة والتوتر المتصاعد في لبنان وبعد انهيار النظام السوري، تشهد المنطقة صراعًا مكشوفًا على النفوذ بين الكيان الغاصب وتركيا، ولكن التحولات الجارية لم تفرز منتصرًا واضحًا أو خاسرًا نهائيًا، بل أطلقت مرحلة جديدة من الترقب والحذر ودق ناقوس الحرب، إسرائيل رأت في هذا الانهيار فرصة استراتيجية نادرة، فبسقوط دمشق، وجدت تل أبيب فراغًا قد يساعدها على تثبيت واقع جديد في المنطقة، معتبرة أن لها اليد الطولى في إسقاط النظام بعد إضعاف المقاومة في لبنان، تحركاتها السياسية والعسكرية جاءت سريعة، لتفرض رؤيتها، ولتمنع تشكّل تهديد جديد يتغذى من الحلف الإيراني - التركي، علمًا أن تركيا كما بات معلومًا لعبت دورًا محوريًّا في انهيار النظام، واغتنمت لحظة سياسية دقيقة لتحريك نفوذها داخل سوريا وفرض التغيير.
اليوم، أصبحت سوريا ساحة مواجهة غير معلنة بين تركيا وإسرائيل، رغم تحالفهما المعلن مع الغرب.. الأولى دولة ذات طموح تاريخي إمبراطوري، ترى في سوريا عمقًا لا يمكن التخلي عنه، والثانية دولة وظيفية تعتمد على القوة لتحقيق أمنها ومكاسبها، مما يؤكد معلومات مصادر دبلوماسية أن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو لا يبحث عن اتفاق في سوريا بل عن تقسيم ترفضه تركيا بالسيناريو المطروح، والدليل أن الغارات الإسرائيلية المكثفة على سوريا ليست مجرد استهدافات أمنية، بل تعبير عن خطة استراتيجية تهدف إلى فرض أمر واقع جديد على الأرض، خصوصًا في الجنوب السوري، حيث التنوع الطائفي يصبح أداة تفتيت.
وبالتالي ومع تعقّد الصورة، يصبح واضحًا أن سوريا تحولت إلى مساحة صراع بين مشروعين:مشروع تقسيمي تقوده إسرائيل ومشروع توسعي تتزعمه تركيا وكل منهما يستبطن رؤية خاصة لمستقبل الشرق الأوسط.
وسط هذه الفوضى، تبدو سلطة الشرع غير قادرة على بناء حكم مستقر أو موحِّد، فأي ميل منها نحو حكم طائفي سيعزز هدف إسرائيل في تفتيت سوريا وهو ما يحصل حاليًّا، بينما أي خطوة نحو شراكة وطنية شاملة قد تعزز موقفها الداخلي، وتفتح باب الدعم العربي أو التركي المشروط.. ولكن في الحالتين تبدو المواجهة المباشرة بين إسرائيل وتركيا حتمية هذا من جهة، ومن جهة أخرى يؤثر ما يجري على إعادة تموضع الطائفة الدرزية كلاعب دقيق على الساحة السورية وفي تحديد مجريات الأحداث.