إسلام جحا - خاصّ الأفضل نيوز
تشهد الموارد المائية في لبنان أزمة متفاقمة تُنذر بمخاطر كبيرة على الأمن المائي الوطني، في ظل تسجيل جفاف شبه كامل لنبع شمسين، أحد أبرز الينابيع المغذية للحوض الأعلى لنهر الليطاني، نتيجة لانخفاض حاد في التغذية الطبيعية للمياه الجوفية والسطحية.
ويعدّ نبع شمسين من المصادر الأساسية لتغذية نهر الليطاني، إذ يزوّده بكميات مائية تُسهم في المحافظة على تدفقه الطبيعي، لاسيما خلال الفترات الجافة. ويلعب النبع دورًا محوريًا في تأمين مياه الري الزراعي لبلدات عديدة في البقاع الأوسط، أبرزها رياق، تمنين، سعدنايل، وتعلبايا، ما يجعله حجر أساس في الدورة الزراعية الصيفية لتلك المناطق.
ويشكل جفاف نبع شمسين مؤشرًا علميًا خطيرًا على تدهور الوضع الهيدرولوجي في الحوض الأعلى لليطاني، ما يعكس آثارًا مباشرة على التوازن البيئي، ويقلل من قدرة النهر على تلبية الاحتياجات المائية للقطاعين الزراعي والبيئي.
وفي هذا الإطار، حذّرت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني من اتجاه بعض المزارعين لاستخدام مياه ملوثة أو مياه صرف صحي كبديل عن مياه الري النظيفة، ما يُنذر بمخاطر صحية وبيئية جسيمة تهدّد سلامة الغذاء وصحة الإنسان.
وبحسب المدير العام للمصلحة، الدكتور سامي علوية الذي تحدث للأفضل نيوز، فإن سنة 2025 تُعدّ من أكثر السنوات جفافًا منذ إنشاء سد القرعون في خمسينيات القرن الماضي. وتُقدَّر الموارد المائية السنوية في لبنان بأكثر من 3 مليارات متر مكعب، إلا أن ما يُتاح فعليًا للاستعمال لا يتجاوز 20%، بفعل عوامل التلوث، والإهمال، وسوء الإدارة.
ويعزو الخبراء هذا الوضع إلى نقص البنية التحتية لحصاد المياه، وعدم الاستثمار الكافي في مشاريع إعادة استخدام المياه الرمادية والصرف الصحي بعد المعالجة، وهو ما نجحت فيه دول مجاورة مثل الأردن، بينما بقي لبنان متأخرًا في هذا المجال.
من جهة أخرى، قال علوية لموقعنا: ساهمت الأزمة في تصاعد النزاعات على المياه، وظهور ممارسات احتكارية من بعض أصحاب النفوذ في حجز مياه الري، ما دفع المصلحة إلى التنسيق مع وزارة الداخلية والبلديات لضبط هذه الممارسات، وتأمين العدالة في التوزيع، ومنع التعديات على حقوق المياه، كما حصل في مناطق كفر زبد، زحلة، وبربيات.
وفي السياق، دعا الدكتور علوية للجهات المعنية إلى تطبيق حزمة من الإجراءات العاجلة لإدارة الأزمة، أبرزها:
1. منع استخدام المياه الملوثة في الري وتفعيل القوانين البيئية.
2. ترشيد استهلاك المياه وتحديث تقنيات الري وفق مبادئ الإدارة المستدامة.
3. تعزيز الرقابة على الآبار والمجاري المائية لمنع التعديات والاستنزاف.
4. تنفيذ مشاريع محطات معالجة الصرف الصحي وتسريع الخطط المتعثرة.
5. اعتماد خطة وطنية شاملة لإدارة الموارد المائية في ظل التغيرات المناخية المتزايدة.
إذًا، تُظهر أزمة نبع شمسين هشاشة المنظومة المائية في لبنان وافتقارها إلى التخطيط المتكامل والمستدام. ومن دون تحرّك عاجل على المستويين التنفيذي والتشريعي، قد تتوسع رقعة الجفاف والتلوث، بما يُهدد الأمن الغذائي والصحي والاقتصادي للبلاد.