ليديا أبودرغم – خاص الأفضل نيوز
تُقبل المنطقة على تغيير غير متوقع مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج على المستويين الإقليمي والدولي: فعلى المستوى الدولي استبق ترامب جولته الخليجية بالإسهام في وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان وفي ترتيب قمة مرتقبة بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول كما عمل على فرملة الحرب التجارية مع الصين، أما على المستوى الإقليمي فقد برز التغيّر في التفاهمات والاتفاقات الأميركية عشية زيارته مع إيران واليمن وحماس، أثمرت إفراجاً عن أسير أميركي - إسرائيلي ما فتح الباب أمام احتمالات تجدد المفاوضات بشأن وقف حرب غزة، ما شكّل طعنة من الخلف للكيان الصهيوني الذي تُرك وحده في مواجهة اليمن في حربه على غزة، وبالتالي طعنة لقادة الكيان الذين اعتبروا أن كيانهم قادر على قلب الطاولة وتفجير المنطقة وجر الأميركي إلى الحرب، وبالتالي تحقيق المخططات الصهيونية المعلنة والخفية كعادته بالحرب والتدمير والتهجير وارتكاب المجازر، والتي فشلت مع عزم الولايات المتحدة لعقد صفقات في منطقة الشرق الأوسط رغبة في تقاسم النفوذ في المنطقة بالرغم من إدراك ترامب مسبقاً صعوبة التوصل إلى اتفاقيات بشأن أبرز النزاعات والصراعات في الشرق الأوسط ولاسيما في ما يتعلق بفلسطين وتحديداً لجهة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وإحياء مشروع حل الدولتين، لذا غلب على جولته الطابع الاقتصادي والاستثماري بحيث رعى إبرام صفقات تجارية ب 600 مليار دولار تشمل قطاعات الدفاع والطيران والطاقة والذكاء الاصطناعي ومن ضمنها صفقة أسلحة تعد الأكبر في التاريخ وتبلغ قيمتها 142 مليار دولار.
ولم يقتصر جدول أعمال الرئيس الأميركي في السعودية على إجراء محادثات مع قيادتها بل توسّع ليشمل قمة أميركية - خليجية شارك فيها قادة: السعودية والكويت وقطر والإمارات والبحرين وسلطنة عمان، والتقى الشرع بعد قرار رفع العقوبات عن سوريا وذلك بهدف انفتاح مسار المنطقة بالتوازي مع تطورات عدة تحمل البصمة الترامبية وتمتد من الإقليم العربي الى العالم.
فاختيار ترامب للرياض كمحطة أولى يبعث برسائل تتجاوز التودد الدبلوماسي، ليعيد ذلك تشكيل قواعد الاشتباك السياسي والاقتصادي مع منطقة الشرق الأوسط بأسرها، ما يعكس تغيّراً نوعياً في التحديات لا في الأهداف خصوصاً في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة.
واستراتيجياً أثبتت الزيارة مركزية الرياض في رؤية ترامب للمنطقة، وأكّدت خصوصية العلاقة مع المملكة التي لم تعد مجرد حليف، بل شريكاً مركزياً في صياغة ملامح النظام الإقليمي والدولي، خاصة وأن المملكة حققت في السنوات الأخيرة اختراقات سياسية فريدة، بدءًا من استضافتها لجولات الحوار الأميركي الروسي ثم الأميركي الأوكراني، مروراً بملف الوساطات الإنسانية، ووصولاً إلى الانخراط الفاعل في ملف أمن الطاقة العالمي.
جميع الدول تريد إنهاء الحرب بسبب أضرارها الاقتصادية، إلا أن هناك فجوة بين ما تطرحه "إسرائيل" كأولوية، وبين ما تراه الولايات المتحدة والعالم العربي كأولوية: فـ "إسرائيل" تضع رؤية للشرق الأوسط مختلفة تماماً عما يتحدث به الآخرون، عبر الاحتلال والاغتصاب وتقويض اقتصاد الدول لصالحها، وهو ما لم يتحقق مع رؤية ترامب الاقتصادية الموسعة.