حمل التطبيق

      اخر الاخبار  وسائل إعلام إسرائيلية: مروحيات سلاح الجو تطلق النار في مكان الحدث الأمني شمال قطاع غزة   /   ‏القناة 12 الإسرائيلية: سكان مدينة سديروت في غلاف غزة الشمالي يبلغون عن دوي انفجار في المنطقة وانقطاع الكهرباء   /   وسائل إعلام إسرائيلية: إصابة 10 جنود من على الأقل في حدثين صعبين داخل قطاع غزة   /   القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤولين: هناك الكثير مما يجب توضيحه بالمفاوضات ويتم تبديد الخلافات تدريجيا   /   القناة 12 عن مسؤولين إسرائيليين: مفاوضات الدوحة تشهد تقدما ونعمل على تفكيك النقاط الخلافية   /   الطيران المسيّر الإسرائيلي يحلق في أجواء بلدات برج رحال الحلوسية بدياس ودير قانون النهر   /   الرئيس الإيراني: خلافا للشائعات لم تؤكد أجهزتنا الأمنية وجود أي تعاون عسكري بين دول الجوار والكيان الصهيوني   /   بو صعب: برّاك غير مستفز للبنانيين ولكنه حاسم بموضوع ما هو مطلوب   /   بو صعب: برّاك شدد على تطبيق كامل لاتفاق الطائف   /   بو صعب: المنطقة تغيرت ولا رجعة للوراء بعد اليوم وحزب الله مقتنع   /   بو صعب: موضوع سلاح حزب الله على الطاولة وجزء أساسي من الحوار   /   ‏"تايمز أوف إسرائيل" عن مسؤولين: ترامب سيناقش مع نتنياهو القضية الجوهرية المتعلقة باستمرار وقف إطلاق النار   /   الجزيرة: بدء محادثات بنيامين نتنياهو في واشنطن مع المبعوث ستيف ويتكوف قبل لقائه ترامب بالبيت الأبيض   /   القناة 12 عن مسؤولين "اسرائيليين": "إسرائيل" مستعدة لإبداء مرونة محدودة لإعادة نشر قواتها بغزة لكن ليس الانسحاب الكامل   /   برنامج الأغذية العالمي: أكثر من 700 ألف شخص نزحوا منذ انهيار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في 18 مارس   /   وزير خارجية فرنسا: أجرينا مشاورات جيدة مع المبعوث الأميركي ولبنان وسوريا في قلب مشاغلنا   /   وزير خارجية فرنسا لـ"الحدث": نواصل دعم لبنان للتأكد من أنه سيستعيد استقراره   /   شكارجي للميادين: خلال 12 يوماً العديد من المراكز الأمنية والعسكرية والأبحاث في كيان الاحتلال تم تدميرها بالكامل   /   العميد الإيراني شكارجي للميادين: بعد وقف العمليات العسكرية يجب أن نقول إننا فرضنا وقف إطلاق النار بعد تلقيهم ضربات قوية من قواتنا   /   زلزال بقوة 5 درجات يضرب ولاية موغلا التركية   /   محلّقة إسرائيلية ألقت قنبلةً صوتية في بلدة عيتا الشعب   /   وزير الخارجية الأميركي: إلغاء تصنيف هيئة تحرير الشام في سوريا كمنظمة إرهابية أجنبية يدخل حيز التنفيذ الثلاثاء   /   حركة المرور كثيفة من ‎انطلياس حتى ‎نهر الموت بسبب تعطل شاحنة في المحلة والعمل جار على المعالجة   /   وزارة الصحة: شهيد في غارة بمسيرة إسرائيلية على بلدة بيت ليف جنوبي البلاد   /   البيت الأبيض: ويتكوف سيتوجه إلى الدوحة في وقت لاحق من هذا الأسبوع لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة   /   

إدمان "التَّسوُّق": هل يشتري الناس احتياجاتهم أم يهربون من الواقع؟

تلقى أبرز الأخبار عبر :


غدير عدنان نصرالدين-خاصّ الأفضل نيوز

 

…حقائب ممتلئة، دفاتر حسابات مثقلة، ووجوه يملؤها الحماس لحظة شراء قطعة أو أي شيء جديد يرغبون به، من ثمّ يخيم عليهم شعور القلق من المصاريف غير الضرورية، حيثُ بات السّؤال أساسياً، هل جزء كبير من الشعوب عموماً، واللبنانيين خصوصاً ضحايا العروض المُغرية التي تنزل الأسواق في كل موسم؟ أم أسرى لحاجات نفسية خفية يتم تفريغها من خلال شراء الأشياء؟

 

التسُّوق، أو تحديداً الإدمان على التسوق، تخطّى كونه فعلًا إستهلاكيًّا يرتبط بالحاجة أو الترف، بل تحول إلى ظاهرة إجتماعية تتفاقم مع اشتداد الأزمات سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو حتّى نفسية، بحثاً عن شعور مؤقت بالسعادة للهروب من ضغوط ومشاكل الحياة.

 

وبينما يبدو الإنفاق على شراء الأغراض وسيلة للمتعة، فإنه في بعض الحالات يتخذ منحى إدمانيًّا، حيث دفعت الأزمات المتلاحقة، على عكس المتوقع، بالكثيرين إلى الإنفاق المفرط، رغم ضيق الأحوال المالية.

 

وفي الإطار ذاته، أكدت المعالجة النفسية زينة زويل، في حديثٍ لــ"الأفضل نيوز"، أن الإدمان على الشراء، وفقاً لعلم النفس التحليلي، يُعد بمثابة آلية دفاعية غير واعية يلجأ إليها الفرد لحماية نفسه من مخاوف أو مشاعر معينة، أو للتعبير عن أمر ما بطريقة غير مباشرة. وأوضحت أن الأمر يتجاوز مجرد اقتناء الأغراض، بل هو أعمق من ذلك بكثير. 

 

الإدمان على "التسوق": بين الرغبة القهرية والانعكاسات النفسية

 

خلال كلامها عن ظاهرة إدمان التسوق، أوضحت زويل أن هذا السلوك يتمثل في شراء الأغراض دون الحاجة الفعلية إليها، وهو غالبًا ما يكون مدفوعًا برغبة لا يمكن السيطرة عليها. وأشارت إلى أن المدمن على التسوق غالبًا ما يعاني من مشاعر الذنب بعد الشراء، ويشعر بأنه فقد القدرة على التحكم في قراراته الاستهلاكية، مضيفةً أن بعض الأشخاص يلجأون إلى إخفاء مشترياتهم عن الأهل والأصدقاء لأنهم يتعرضون للملامة، ما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى خلق مشاكل "علائقية"، أي بعلاقاتهم معهم. كما ميَّزت زويل أن هذا السلوك يختلف عن التسوق الطبيعي، الذي ينبع من الحاجة الفعلية إلى الشراء، ويكون الشخص فيه قادرًا على التحكم في قراراته الاستهلاكية، مشددةً على أن إدمان التسوق لا يُعتبر اضطرابًا وسواسيًا، بل هو سلوك قهري يدفع الشخص إلى الشراء رغم إدراكه أنه لا يشعر برضى دائم، بل بالذنب. وغالبًا ما يرتبط هذا السلوك بحدث معين مثل الأزمات أو المشاكل الاجتماعية والعاطفية، حيث يتحول التسوق إلى رد فعل غير واعٍ تجاه هذه الضغوط.

 

إدمان التسوق: هل هو تعبير عن الفراغ العاطفي أم آلية هروب نفسية؟

 

فنَّدت المعالجة النفسية زينة زويل الأسباب المتعددة للإدمان على التسوق، والتي معظمها يبدأ أحيانًا من الطفولة، حيث قد يرسّخ الأهل لدى أطفالهم فكرة أن الحب والاهتمام يُعبَّر عنهما بالهدايا، ما يؤدي إلى تكوين ارتباط ذهني بين المشاعر والشراء. وهكذا، كلما شعر الفرد بالحاجة إلى الحب أو الاهتمام، يلجأ إلى التسوق كوسيلة لسد هذا الفراغ العاطفي. وفي كثير من الحالات، يصبح الشراء محاولة لــ"ملء فراغ معين"، سواء كان عاطفيًا أو نفسيًا... فالبعض يرى في التسوق وسيلة لتعزيز شعورهم بالأهمية الذاتية، وكأنهم عند اقتناء الأشياء يسدّون فجوة داخلية تعكس احتياجاتهم وتسدّ النقص لديهم.

 

علاوةً على ما رود سابقاً، أوضحت زويل أن بعض الحالات يتحول فيها التسوق إلى وسيلة دفاعية يلجأ إليها الفرد لحماية نفسه من مشاعر الحزن والقلق والاكتئاب،

 شارحةً أنه عند كل إحساس بالوحدة أو الضيق، يجد البعض في الشراء ملاذًا لتجاهل هذه المشاعر، حيث يمنحهم لحظة مؤقتة من الارتياح، وكأنهم يملؤون فراغًا داخليًا. غير أن هذا السلوك، وفقًا لعلم النفس، يُعرف بالــ acting out، حيث يتجنب الشخص مواجهة مشاعره السلبية والتعبير عنها بشكل صحي، ويستبدلها بأفعال مثل التسوق لإخمادها أو كبتها. بهذه الطريقة، لا يعيش الفرد إحساسه بالحزن كما هو، بل يسعى للهروب منه من خلال الإنفاق، مما يجعله عالقًا في دورة غير واعية من التخفيف المؤقت دون معالجة السبب الحقيقي وراء هذه المشاعر.

 

التسوق الفاخر: محاولة لتعزيز القيمة الذاتية أم تعويض للنقص الداخلي؟

 

أضافت زويل أن التسوق، غالباً ما يصبح وسيلة يسعى من خلالها البعض لتعزيز شعورهم بالقيمة الذاتية، خاصة عند التركيز على اقتناء السلع الفاخرة أو العلامات التجارية الشهيرة. وأشارت إلى أن الأشخاص الذين يعانون من تدني تقدير الذات أو الشعور بالدونية غالبًا ما يلجؤون إلى شراء الأشياء الثمينة كطريقة للتعبير عن القيمة الداخلية التي يفتقدونها.

 

وأوضحت أن هذا النمط من الإنفاق لا يعكس مجرد تفضيل للمنتجات الفاخرة، بل يعبر عن حاجة نفسية لتعويض الشعور بالنقص الداخلي. فمن خلال امتلاك مقتنيات خارجية ثمينة مثل الذهب أو الملابس ذات العلامات التجارية الفاخرة، يسعى الفرد إلى خلق إحساس بأهميته الذاتية، في محاولة لخلق شعور أنه مهم بينما في الأساس يشعر عكس ذلك.

 

…حين تتحول المشتريات إلى تعويض نفسي عن آثار طفولة "محرومة"!

 

ومن جهة ثانية، لفتت زويل إلى أنّ إدمان التسوق يرتبط بصراعات الطفولة المبكرة، حيث أكدت زويل أن السنوات الأولى، ولا سيما الأشهر الأولى من حياة الطفل، تلعب دورًا جوهريًا في تشكيل احتياجاته النفسية والعاطفية. فإذا تعرض الطفل للحرمان من الاهتمام العاطفي أو لم تُلبَّ احتياجاته الأساسية -سواء كانت نفسية أو غذائية- فإنه يكبر وهو يحمل شعورًا بالنقص وعدم الاكتفاء، ما يدفعه لاحقًا إلى البحث عن وسائل تعويضية.

 

وفي هذا السياق، يتحول التسوق إلى محاولة لسد هذا الفراغ، حيث يسعى الشخص إلى تعويض ما افتقده في الطفولة عبر شراء الأغراض، سواء كانت أطعمة، ملابس، أو مقتنيات فاخرة؛ فالماركات والعطور والملابس الثمينة تصبح رموزًا لهذا النقص العاطفي غير المشبع، وكأن الفرد يعوّض عن فقدان الاهتمام بحيازة الأشياء التي تمنحه شعورًا بالقيمة.

 

بعد الحرب: "التسوق" في محاولة لاستعادة السيطرة وإثبات القوة

أما فيما يتعلق بتفاقم إدمان التسوق في لبنان، لا سيما بعد الحرب الأخيرة، شرحت المعالجة النفسية زينة زويل أن الإنسان يجد صعوبة في تقبّل فقدان السيطرة على أمور حتمية مثل الحرب والموت، وهو ما يولّد لديه شعوراً ورغبة قوية في السيطرة.

 

خلال الحرب وما بعدها، يشعر الفرد بالوهن والضعف، حيث يرى نفسه فاقداً القدرة على التحكم بمجريات الأمور. وبما أن الحرب تبقى خارج نطاق سيطرته، يأتي رد الفعل بعد انتهائها بمحاولة استعادة الإحساس بالقوة عبر سلوكيات مختلفة، من بينها التسوق. فعملية الشراء تصبح آلية يسعى من خلالها الفرد إلى السيطرة على شيء معين تعويضاً عن العجز الذي واجهه مسبقاً. وهكذا، يتحول التسوق إلى وسيلة لإثبات القوة والتأكيد على أن الحياة مستمرة وكل شيء على ما يرام.

 

كيف يمكن للمُدمن على الشراء التخلص من هذا السلوك؟

 

وفي الختام، أكّدت زويل أن التسوق أو أي سلوك آخر يمكن أن يلجأ إليه الشخص كآلية دفاعية أمام مشاعر وتحديات حقيقية يعيشها ما هو إلا هروب من تلك المشاعر، فكلما استطاع الفرد التعامل مع مشاعره بطريقة صحيحة، قلّ اعتماده على تلك الوسائل الدفاعية.

 

كما أوصت الأشخاص الساعين للتخلص من إدمان التسوق بضرورة الاعتراف بوجود المشكلة، والبحث عن جذورها، سواء من خلال طلب المساعدة أو عبر تنمية الوعي الذاتي. وهذا يعني مواجهة الذات والغوص في أعماق النفس، بدلاً من الهروب إلى التسوق كحل مؤقت.

 

 

في المحصلة، لا يمكن غض النظر أن الإدمان على التسوق يتجاوز كونه مجرد رغبة في امتلاك الأشياء، ليصبح انعكاسًا لمشاعر داخلية معقدة. سواء كان ذلك تعويضًا عن نقص نفسي، أو محاولة لاستعادة السيطرة بعد الأزمات، ولكن يبقى السؤال: كيف يمكن للفرد تحقيق توازن صحي بين الحاجة الفعلية للشراء والتأثيرات النفسية غير الواعية؟