ليديا أبو درغم - خاصّ الأفضل نيوز
بدأت "إسرائيل" تفقد مكانتها الدولية، مع إعلان جبهة اقتصادية أوروبية غير مسبوقة للتضييق عليها عبر بوابة العلاقات الاقتصادية والإتفاقيات التجارية، للضغط عليها لإنهاء حرب الإبادة في غزة.
وقد وصل الأمر بالأوروبيين الى دراسة فرض عقوبات على الكيان، ففي وقت سابق علقت لندن مفاوضات التجارة الحرة مع "إسرائيل" ما قد يشكّل تبعات اقتصادية كبيرة عليها، وعلّقت بعض دول الإتحاد الأوروبي مبيعات الأسلحة وفرض عقوبات على مستوطنين وتوبيخ السفراء الإسرائيليين بسبب استمرار الحكومة الاسرائيلية بحرب الإبادة والتجويع والتهجير، ليلوح في الأفق تحول سياسي أوروبي مصحوباً بالإنذار والتنبيه، وتغييرات في اللهجة الأوروبية السياسية قد بدأت على ما يبدو للتو، وإن جاءت متأخرة، وأصبحت "إسرائيل" تتلقى المزيد من السخط.
هذا التحذير الأوروبي هو الأشد على تل أبيب، ولعل القراءات الإسرائيلية تُدرك أن مكانتها آخذة بالإنحسار في أوروبا وقد تفقد تدريجياً بعضاً من حلفائها بحسب المراقبين، وعلى ضوء ذلك فإنها تخشى من نبذها وعزلها، وهو ما تؤكّده جهات إسرائيلية بحسب رؤيتها بأن تل أبيب في أسوأ حالاتها على الإطلاق على الساحة الدولية وقد يكون الضغط الأوروبي عليها عامل إجهاض لمكاسبها المزعومة.
وهكذا بات على نتنياهو أن يواجه ضغوطاً خارجية وداخلية لوقف الحرب في غزة من عواصم غربية تستدعي سفراء تل أبيب لفرض عقوبات الى الاستهجان المتصاعد ضده في الشارع الإسرائيلي، ولكأن سلوك نتنياهو - على حد ما يقول المراقبون - تجاوز القدرة على التحمّل حتى من أقرب حلفاء "إسرائيل" وبحسب كبريات الصحف إن صبر ترامب نفذ من نتنياهو وهناك إشارات لتبدل موقف ترامب الذي طلب من مساعديه أن يخبروا نتنياهو بضرورة إنهاء الحرب، كما تشير التقارير الى أن ترامب قد أصبح يرى نتنياهو على أنه عقبة وليس شريكاً سياسياً موثوقاً به.
في خضم هذا "التسونامي الدبلوماسي" الذي تواجهه "إسرائيل" دولياً، تتفاقم أزماتها الداخلية ويتعمق الانقسام في المجتمع، في ظل استمرار الحرب وغياب اتفاق لتبادل الأسرى يضمن عودة الأسرى الإسرائيليين في غزة، ما قد يجعل "إسرائيل" على شفا أزمة سياسية واقتصادية ودبلوماسية غير مسبوقة.
ولا تقتصر الضغوط الدولية على "إسرائيل" من الدول الغربية، بل امتدت للعرب، وخاصة دول الخليج، التي تمارس ضغوطاً على ترامب، لحثّه على التدخل وإنهاء الحرب على غزة.
تتصاعد حدة الغضب الأوروبي والأميركي من نتنياهو، ما يؤدي الى زيادة الانهيار الاقتصادي وكذلك الاجتماعي بوتيرة سريعة غير مسبوقة، فهل ما تشهده "إسرائيل" في الوقت الراهن مجرد أزمات عابرة أو هي إشارات واضحة الى أن المواقف الأوروبية الأميركية حسمت الأمر تجاه نتنياهو، وأن التغييرات السياسية في العلاقات الأوروبية مع "إسرائيل" تتجه نحو هزة سياسية شديدة التداعيات وإفرازاتها ستكون على مستقبل نتنياهو.