طارق ترشيشي - خاصّ الأفضل نيوز
لم يكن اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ووفد كتلة "الوفاء للمقاومة" برئاسة النائب محمد رعد في قصر بعبدا لمناسبة عيد المقاومة والتحرير، لقاءً عاديًا وإن كانت نتائجه تنغصت لاحقًا بنتيجة مواقف لرئيس الحكومة نواف سلام أطلقها من دبي وتحدث فيها عن السعي إلى "تحرير" الدولة مما سماه "ثنائية السلاح وثنائية القرار".
وحسب قول أحد الذين اطلعوا على مدار في اللقاء لموقع "الأفضل نيوز" فإن رئيس الجمهورية أراد في المبدأ من صورة اجتماعه مع الوفد استيعاب ما يتعرض له من ضغوط داخلية وخارجية حول موضوع نزع سلاح حزب الله، وبالتالي الإعلان رسميًا عن بدء النقاش فيه مع الحزب، علمًا أن هذا النقاش جار منذ أشهر في لقاءات تعقد بعيدًا عن الأضواء بين ممثلين للطرفين.
ويقول هؤلاء المطلعون إن ما دار من نقاش خلال اللقاء انتهى إلى توافق بين الجانبين على أن هذا النقاش في نزع السلاح لن يبدأ عمليًا إلا بعد استكمال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لما تبقى من الأراضي اللبنانية الجنوبية ووقف العدوان اليومي المستمر على لبنان نتيجة عدم التزام إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار والقرار الدولي 1701 إذ أن تحقيق هذين الأمرين يشكلان المقدمة الطبيعية للبحث في استراتيجية الدفاع الوطني لحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية وغيرها.
وفي هذا السياق دار خلال اللقاء نقاش في تجربة المقاومة التي أدت إلى تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي عام 2000 وهي تجربة كانت مبنية على استراتيجية معينة وإمكانات معروفة وعمل محدد للمقاومة مكنها من تحرير الأرض في تلك المرحلة.
ولكن عند إسقاط المجتمعين هذه التجربة على الواقع السائد اليوم نتيجة العدوان الإسرائيلي الأخير اختلفت المقاربات بين الجانبين، فرئيس الجمهورية أشار بطريقة غير مباشرة الى المطالبات الغربية بنزع السلاح الثقيل الذي ما تزال المقاومة تمتلكه حيث إن الأميركيين والإسرائيليين تحديدًا يريدون ذلك كون هذا النوع من السلاح هو الذي هدد ويهدد أمن إسرائيل أكثر ما تبقى من سلاح لدى المقاومة. ولذلك فإن استمرار الخرق الإسرائيلي لوقف النار والقرار 1701 غايته الضغط لنزع هذا السلاح الثقيل من المقاومة تحت طائلة تصعيد العدوان مجددًا في حال لم تتمكن السلطة اللبنانية من إيجاد حل له ضمن استراتيجية معينة.
ويؤكد المطلعون على ما دار اللقاء أن الغاية منه كانت بالدرجة الأولى البدء بالبحث في موضوع السلاح بغية تخفيف حدة المطالبات اليومية الخارجية والداخلية في هذا الشأن، وقالوا إن اللقاء فتح الطريق أمام المعنيين للبحث في استراتيجية الدفاع الوطني في لقاءات متلاحقة ستبدأ قريبا.
ولكن ما توقف عنده المجتمعون طويلاً هو ما يظهر ميدانيًا في المنطقة الحدودية من أعمال تحصين وإقامة منشآت عسكرية تقوم بها إسرائيل بما يشير الى أنها بدأت بإقامة "حزام أمني" هناك على غرار حزام آخر بدأت إقامته في الجنوب السوري أيضا، ما يدل الى أنها ستستمر في خرق وقف إطلاق النار والقرار1701 ولن تنسحب من التلال الخمس التي تحتلها في الجنوب وبالتالي فإن لجنة المراقبة الخماسية ودور الضامنين الأميركي والفرنسي بات وجودهما بلا جدوى.
وإلى ذلك فاتح وفد حزب الله الرئيس عون في ملف إعادة الإعمار متحدثًا عن مماطلة حكومية كأنها متعمدة في هذا الشأن بما يتناقض مع تأكيدات رئيس الحكومة المتكررة من أن إعادة الإعمار هي التزام وليست قرارا فقط، إذ لم تتخذ الحكومة بعد أي إجراء تمهيدي لإعادة الإعمار، أقله على مستوى مسح الأضرار وتأمين التعويض المالي للذين دمرت وحداتهم السكنية وممتلكاتهم وتقدير الكلفة الإعمارية ومن ثم الانطلاق الى تأمين المساعدات المطلوبة، فهذه المسائل هي المقدمات الطبيعية المطلوبة لأي عملية إعمارية.ولكن الحكومة لم تؤمنها بعد. وقد وعد رئيس الجمهورية الوفد بتحريك هذا الملف مع الحكومة ورئيسها.