عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
قفز ملف السلاح الفلسطيني في المخيمات إلى الصفوف الأمامية للاهتمام الداخلي بعدما وضعت السلطة السياسية بند سحب هذا السلاح ضمن أولوياتها.
وقد أتت زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) للبنان حتى تعطي هذا الملف زخما إضافيا وسط تجاوب كامل من عباس مع مطلب تسليم السلاح الفلسطيني، فيما أكد رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون لوفد من الكونغرس الأميركي زاره أخيرا أن "المحادثات مع رئيس دولة فلسطين محمود عباس كانت جيدة، وأسفرت عن اتفاق على تطبيق مبدأ حصرية السلاح في المخيمات الفلسطينية أيضاً، وتم تشكيل لجان مشتركة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه"، كاشفاً أن "تسليم السلاح سيبدأ في منتصف الشهر المقبل في 3 مخيمات فلسطينية في بيروت، علماً أن الرئيس الفلسطيني قدم كل الدعم للدولة اللبنانية وللجيش، وستتم متابعة مراحل تطبيق الاتفاق مع الفلسطينيين، لأن القرار متَّخَذ ولا رجوع عنه."
ويُستنتج من تصريح عون أن مسألة سحب السلاح الفلسطيني ستكون متدرجة وعلى مراحل، وهي ستخضع لاختبار أولي في مخيمات محددة ليبنى بعد ذلك على الشيء مقتضاه.
ولكن أوساطا مواكِبة لهذا الملف ترجح أن تكون معالجته غير سهلة وسط وجود مقاربتين للسلاح الفلسطيني:
الأولى تعتبر أنه أصبح بلا جدوى ولم يعد له أي دور حقيقي في مواجهة العدو الإسرائيلي بل تحول عبئا على المخيمات وجوارها اللبناني، وبات يُستخدم إما للاقتتال الداخلي نتيجة الصراع على النفوذ وإما لخدمة أجندات إقليمية وليس لخدمة القضية الفلسطينية، ولذلك يتوجب سحبه وانتظام المخيمات تحت سقف الدولة اللبنانية وقوانينها خصوصا بعد التحولات الدراماتيكية التي حصلت في لبنان والإقليم، وتستدعي التكيف معها بدل معاندتها.
أما المقاربة الثانية فتنطلق، تبعا لما يرويه المطلعون، من أنه لا يتوجب التسرع في نزع السلاح الفلسطيني مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية وغياب أي ضمانات بالحماية، وبالتالي فإن الأولوية يجب أن تكون للجم الخطر الإسرائيلي المتفاقم وليس لسحب السلاح المعادي للاحتلال. ووفق أصحاب هذا الرأي، لا تشجع التجارب السابقة على تسليم السلاح الفلسطيني، إذ إن طيف مجزرة صبرا وشاتيلا لا يزال يلاحق الفلسطينيين وهي مجزرة وقعت بعدما صدقت منظمة التحربر آنذاك الضمانات الدولية، فانسحبت بسلاحها من بيروت التي أصبحت حينها في عهدة القوات المتعددة الجنسيات والجيش اللبناني، لكن ذلك لم يمنع العدو وعملاءه من ارتكاب المجزرة الشهيرة في حق المدنيين في صبرا وشاتيلا.
وهناك خشية لدى بعض الفصائل من أن تكون المخيمات عرضة لتهديدات مستقبلية إذا تم تسليم السلاح قبل إيجاد حل للهواجس، إضافة إلى أن هناك من يربط أيضا مبدأ تسليم السلاح بتحصيل الحقوق المدنية والإنسانية للاجئين وتغيير ظروفهم الاجتماعية والمعيشية.
وإلى جانب هذه التعقيدات، يلفت العارفون إلى أن التفاهم الرسمي مع محمود عباس لا يكفي وحده للوصول بمسار سحب السلاح إلى خواتيمه، إذ إن السلطة الفلسطينية لا تمون على جميع المخيمات ولا تملك كل قرارها في ظل الوجود الوازن داخلها لفصائل التحالف غير المنضوية في إطار منظمة التحربر، خصوصا حركتي حماس والجهاد الإسلامي، الأمر الذي يعني أن تسليم السلاح طوعا يتطلب حصول اتفاق مع هذه الفصائل وليس مع السلطة فقط.
فهل تنجح الدولة اللبنانية في تجاوز اختبار المخيمات بنجاح أم إن مهمتها لن تكون سهلة؟