عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
إنه العيد الخامس والعشرون للمقاومة والتحرير.
ربع قرن مرَّ على تحرير معظم الجنوب والبقاع الغربي في 25 أيار 2000 بعد تضحيات متراكمة بذلتها المقاومة الوطنية وأفواج المقاومة اللبنانية - أمل وصولا إلى المقاومة الإسلامية التي استطاعت تطوير أنماط المواجهة مع الاحتلال إلى أن تمكنت من طرده ودفعه إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة تاركا وراءه أعدادا كبيرة من العملاء الذين باغتهم بالانسحاب بين ليلة وضحاها في دليل إضافي على "استرخاص" العدو لأتباعه.
وتأتي هذه المناسبة غداة الانتخابات البلدية والاختيارية في الجنوب والتي شكلت في أحد أبعادها استفتاء شعبيا لصالح خيار المقاومة بعدما كثرت التحليلات والاستنتاجات حول سقوط هذا الخيار وانفكاك البيئة الحاضنة عنه.
وبهذا المعنى، فإن اكتساح لوائح التنمية والوفاء لبلديات الجنوب، بعد البقاع والضاحية الجنوبية، حسم النقاش حول مستقبل نهج المقاومة وحقيقة موقف سكان تلك المناطق منه، فأتت النتائج لتقطع الشك باليقين ولتثبت صلابة هذا النهج ومؤيديه بمعزل عن طبيعة الشكل أو الإطار الذي يمكن أن تتخذه المقاومة في هذه المرحلة، إذ ليس بالضرورة أن يتم التعبير عنها ميدانيا وعسكريا في كل المراحل.
المهم هو التمسك بمبدأ رفض الاحتلال والتطبيع معه والاستعداد للصمود والثبات دفاعا عن الحق مهما اشتدت الضغوط، أما ترجمة هذه الإرادة فيمكن أن تحصل من خلال السياسة والإعلام والثقافة والتربية أو عبر السلاح الذي يرتبط توقيت أو نمط استخدامه بالظرف السائد ومقتضياته.
وليس خافيا أن هدف الحملة الشرسة التي تتعرض لها المقاومة ليس فقط نزع سلاحها، وإنما نزع قوتها الشعبية، بواسطة حرب نفسية تسعى إلى إيجاد شرخ بينها وبين توأمها المجتمعي وسلخ بيئتها عنها، لعزلها واستفرادها، وضمن هذا السياق تندرج الضغوط المتنوعة والمباشرة على الحاضنة الشعبية (منع إعادة الإعمار، مواصلة الاعتداءات..) لكن المفارقة أن رد فعل الجمهور كان عكسيا، فلم يعد يقف خلف المقاومة كما فعل في السابق بل أصبح يتقدمها ويقف أمامها دفاعا عنها وتمسكا بها، على رغم محاولة إمساكه من اليد التي تؤلمه.
من هنا، فإن أهمية ما باحت به صناديق الاقتراع في انتخابات الجنوب والبقاع والضاحية إنما تكمن في كون النتائج عكست رد الناس المباشر على محاولة إخضاعهم وإلغاء المقاومة المنبثقة من نسيجهم، ما يؤشر بالأرقام وليس بالتخمينات إلى فشل رهان البعض في الداخل والخارج على العدوان الإسرائيلي الأخير وتداعياته لشطب المقاومة من المعادلة.
وما يعزز تمسك الناس قبل الثنائي حزب الله وحركة أمل بخيار المقاومة هو أنه أثبت جدواه بالتجربة الحسية التي صنعت التحربر والانتصار عام 2000 في حين أن الخيار الدبلوماسي أثبت إخفاقه بدءا من القرار 425 الذي لم يطبق طيلة 22 عاما وصولا إلى القرار 1701 الذي يترنح تحت وطأة الانتهاكات الإسرائيلية لسيادة لبنان.