كريستال النوّار - خاصّ الأفضل نيوز
يُعرَف لبنان ببلد المياه، وبالرّغم من وفرة مصادر المياه السطحيّة والجوفيّة، يتصدّر الشحّ المشهد العام وتزيد الأزمة المناخيّة من حدّة المشكلة سنة تلو أخرى.
الوضعُ مزرٍ، يقول الباحث في علوم الجيولوجيا سمير زعاطيطي في حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز"، ويُضيف: "في بيروت نحن مهدّدون صيفاً وشتاءً بقطع المياه، وثمّة مناطق معيّنة لا تصلها المياه أبداً... الوضع حقًّا مزرٍ في بيروت خصوصاً هذه السنة". ويُشدّد على أنّ "لدينا مخازن جوفيّة مليئة بالمياه، والحلّ يكمن بتغيير السياسة المائيّة المتّبعة حالياً وهي سياسة السدود، والاعتماد على المياه الجوفيّة الموجودة بالقرب من المناطق السكنيّة... الحلّ بحسن إدارة الثروة المائيّة !".
فالهدر في المياه لا يتوقّف وإذ به يزداد، وفق زعاطيطي، الذي يُشدّد على ضرورة عدم إهمال الصيانة، لافتاً إلى أنّ "الأموال يتمّ وضعها في السدود رغم أنّها تفشل وتؤدّي إلى سوء إدارة المياه"، مؤكّداً "بدّا نفضة وتغيير بالسياسة المائيّة".
كذلك، يتساءل الباحث عن سبب عدم مفارقة الصهاريج لمناطق بيروت، رغم أنّ المياه موجودة بوفرة؟! ويستذكر في هذا السياق التقرير الصّادر في العام 2014 عن المؤسسة الفيدرالية الألمانية لعلوم الجيولوجيا والمصادر الطبيعية، هانوفر – BGR، التي زارت لبنان وقدّمت توصيات لمصلحة مياه بيروت وجبل لبنان، فلماذا لم تُنفَّذ هذه المقترحات العلميّة حتّى اليوم، وهي صادرة عن أهمّ شركة أوروبيّة وعالميّة بعد القيام بأبحاث عمليّة مهمّة؟!
الهدر ثمّ الهدر.. هنا الأزمة الكبرى، إذ يوضح زعاطيطي أنّ المشكلة تكمن بالهدر الحاصل بقناة جعيتا وبالشبكات، لافتاً إلى أنّ علاج الهدر والقيام بالصيانة المطلوبة يُساهمان بتخطّي نصف المشكلة. ويستغرب أيضاً "عدم قيام مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان بالإصلاحات المقترحة منذ العام 2014... فهل يُعقل أن يشتري الشعب المياه بالرّغم من وفرتها؟".
ويُذكّر بأنّ المطلوب من مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان لجهة تمديدات مياه نبع جعيتا، وفق الشركة الألمانية:
- تحسين حصر نبع جعيتا.
- إنشاء خطّي توصيل للمياه، قساطل وأنفاق بين النبع ومعمل ضبية، في حال تعطل أحدهما يُستَعمل الآخر، وهذه عملية بإمكانها وقف الهدر وزيادة التصريف حوالي 7 متر مكعب/ثانية.
- إنشاء سدّ بموقع داريا بسعة 9 مليون متر مكعب لتعويض النقص في فترة الشّحّ.
• كلفة البندين فوق من 30 إلى 50 مليون دولار أميركي.
- منع التعديات غير القانونية على الشبكة لجهة استعمالها لأغراض الري.
- زيادة حجم معالجة وتكرير المياه في ضبية وتجديد طرقها ووسائلها.
- إنشاء مختبر خاص يُعنى بنوعية الماء وزيادة فعالية المختبر.
- خفض هدر المياه في شبكات مدينة بيروت.
بعد مرور 10 سنوات على هذه المقترحات من دون أيّ تحرّك فعليّ من قبل الوزارة والمعنيّين، يتوجّه زعاطيطي عبر موقعنا بنداءٍ إلى وزير الطاقة والمياه جو الصّدي: "نتمنّى اعتماد مشروع حفر آبار جديدة لبيروت الكبرى من خلدة إلى المرفأ، من المرفأ إلى راس بيروت، من رأس بيروت إلى خلدة.. هذا المثلث في بيروت يختلف تماماً عن المناطق الجبلية، وهو بحاجة إلى المياه وهي موجودة في المخازن الجوفيّة"، ويُتابع: "هناك مشروع جاهز ينتظر تطبيقه فقط، ونتمنّى من الدولة أن تحفر الآبار لتأمين المياه. أتمنّى على الوزير اعتماد هذا المشروع الذي هو بعيد كلّ البُعد عن السّدود والمشاريع الضخمة الكبيرة التي أثبتت فشلها وهدرها للأموال".