سحر ضو _خاصّ الأفضل نيوز
مع بداية الصيف، يعود المشهد المتكرّر كل عام: صور لقبل وبعد، عناوين مغرية على مواقع التواصل الاجتماعي مثل "اخسر 5 كيلوغرامات في أسبوع"، وخلطات سحرية لعصائر "تذيب الدهون"، وسط شهادات مؤثرة ووعود بنتائج باهرة. لكن خلف هذا البريق الافتراضي، تُطرح تساؤلات جدّية: هل هذه الحميات آمنة؟ وما الذي تخفيه عن صحتنا الجسدية ؟
ما بات يُعرف بالحميات السريعة لم يعد مجرّد "ترند"، بل تحوّل إلى ظاهرة موسمية تتكرر كل صيف، وتنتشر كالنار في الهشيم. لذلك، كان لا بد من التوقف عندها علميًا، ووضعها تحت المجهر. وفي حديث خاص مع اختصاصية التغذية "رينيه مسلم"، طرحنا جملة من الأسئلة التي يطرحها كثيرون بصمت، ونادراً ما يجدون لها أجوبة دقيقة وسط ضجيج "الديتوكس" و"الكيتو" و"العصائر الخارقة".
توضح مسلم أن هذه الحميات تُروَّج على أنها وسيلة سريعة وسهلة لتحسين المظهر وخسارة الوزن، لكن من الناحية العلمية، الحقيقة مختلفة تمامًا. هي قد تؤدي إلى خسارة سريعة، لكن هذه الخسارة لا تكون دائمًا من الدهون، بل غالبًا من الكتلة العضلية والماء، وهو ما يضرّ أكثر مما ينفع، خصوصًا عند غياب إشراف اختصاصي.
التحذير الأكبر يوجَّه لمن يعانون من أمراض مثل السكري، مشاكل القلب، أو اضطرابات الغدة الدرقية، إضافة إلى الرياضيين والمراهقين. تؤكد مسلم أن الحميات القاسية قد تتحول إلى خطر مباشر على هذه الفئات، وقد تؤدي إلى هبوط في السكر أو خلل في عمل القلب أو الكلى، ناهيك عن التأثيرات النفسية.
"في الشتاء، نرتدي أكثر ونأكل أكثر. في الصيف، نواجه البحر والمناسبات، فيندفع كثيرون نحو حلول سريعة"، تقول مسلم. لكنها تشدّد على أن الحلّ السليم هو "اللايف ستايل دايت"، أي النظام المتوازن، المعتدل، والمستدام، القائم على كل المكونات الغذائية دون حرمان، إلى جانب شرب الماء بانتظام وممارسة الرياضة.
توضح "مسلم" أن هناك حالات خاصة لا تستجيب بسرعة للأنظمة المتوازنة، بسبب مقاومة الإنسولين، أو بطء في عملية الأيض، أو غياب طويل للنشاط البدني. في مثل هذه الحالات، قد تُستخدم حمية سريعة لفترة قصيرة جدًا كخطوة تحفيزية، شرط أن تُتبع مباشرةً بخطة غذائية صحية، وأن تكون تحت إشراف اختصاصي. لكنها تحذر: لا يجوز أن يبدأ أي شخص بهذه الحميات كخيار أول، ولا أن يعتمدها دون فحوصات، خصوصًا أنها قد تخفي مخاطر لا تظهر إلا في التحاليل لاحقًا.
وتشدد على أن الحميات السريعة ممنوعة تمامًا لدى فئات محددة، منها الرياضيون الذين قد يخسرون الكتلة العضلية ويواجهون هبوطًا في السكر أثناء التمرين، ومرضى القلب لأن خسارة الوزن السريعة قد تسبب صدمة في عضلة القلب، ومن يعانون من نقص الحديد أو مشاكل هرمونية، ومرضى السكري، لأن تقلبات الإنسولين الناتجة عن الحميات السريعة قد تكون قاتلة.
في عالم امتلأ بالمؤثرين، تذكّر أن صحتك ليست لعبة. الحمية السريعة قد تُرضي المرآة لأيام، لكنها قد تضرّ جسمك لشهور. لا تنخدع بالصور المُفلترة والقصص المُنتقاة، بل اختر ما يُفيدك على المدى الطويل. كن أنت المؤثر الحقيقي على صحتك. القرار ليس أن "تبدو أنحف"... بل أن "تكون أصح".