طارق ترشيشي - خاص الأفضل نيوز
قبل أيام على انعقاد الجولة الجديدة من المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية لأحد المقبل في سلطنة عمان الأحد المقبل يقرع الإسرائيليون طبول الحرب ضد إيران، فيما الأميركيون يمهدون لهذه الحرب بسحب موظفيهم وبعثاتهم الديبلوماسية ويحذرون رعاياهم من السفر إلى هذه الدولة الخليجية أو تلك.
فقد تصاعدت حملة التهديد الأميركية ـ الإسرائيلية على ايران في محاولة أخيرة لدفعها إلى تقديم تنازلات خصوصًا في مجال وقف تخصيب الأورانيوم على الأراضي الإيرانية وهو الأمر الذي ترفضه طهران بشدة وتعتبره تقويضًا لسيادتها وإعدامًا لبرنامجها النووي.
وتقول مصادر ديبلوماسية مطلعة على الموقف الإيراني لموقع "الأفضل نيوز" أن الضغوط والتهديدات الأميركية ـ الإسرائيلية لإيران هي تهديدات جدية وتأتي في ربع الساعة الأخير للوصول إلى اتفاق مع إيران يريد الأميركيون تحديدًا البناء عليه لتحقيق مكاسب يستثمرونها في الداخل الأميركي وفي الإقليم. لكن الجانب الإيراني من جهته يراكم على الإيجابيات ولن يقطع طريق التسوية كما أنه لن يكون المبادر إلى الخروج من المفاوضات في الوقت الذي يرى أن السلوك الأميركي حتى الآن لا يوصل إلى اتفاق، بدليل ما يمارسه الأميركيون من تهديدات وضغوط عبر الإعلام ووسائل مختلفة وعبر سحب الموظفين من المنطقة وتحذير الأميركيين من السفر إلى هذه الدولة الخليجية أو تلك.
وتضيف المصادر أنه في الوقت الذي أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن فرص التوصل إلى اتفاق من عدمه متساوية، فإن إيران لا تستبعد كليًّا حصول الاتفاق ولكنها في المقابل لا تبالغ في التفاؤل في هذا الصدد، مع العلم أنها تدرك أن الأميركيين والإسرائيليين جديون في تهديدهم بضرب البرنامج النووي الإيراني في حال فشل المفاوضات، لكن أمرًا من هذا النوع اذا حصل قد يدفع المنطقة إلى وضع خطير.
وتؤكد المصادر الديبلوماسية نفسها أن إيران قد لا تستطيع منع الهجوم الأميركي ـ الإسرائيلي عليها لكن ردها عليه سيكون موجعًا، بل مدمرًا ولكن لديها تجربة خوض حرب لتسعة سنوات متواصلة مع العراق وهي تتساءل هل أن الطرف الآخر الأميركي ـ الإسرائيلي يستطيع أن يخوض حربًا بهذا المقدار من الوقت ضدها؟.
وتقول المصادر أن طهران واثقة من أن دخول واشنطن وتل أبيب في حرب استنزاف طويلة ضدها لن يكون في مصلحتهما بل أنهما لن تكونا قادرتين في الأساس على خوضها لأنها أولاً ستعرض الوجود والمصالح الاميركية في المنطقة لخطر كبير. وثانيًا إن إسرائيل ذات المساحة الصغيرة لن تكون قادرة على تحمل سقوط آلاف الصواريخ الإيرانية الكفيلة بإلحاق أضرار مدمرة بها في الوقت الذي تبدو الساحة الإسرائيلية غير مستعدة لتلقي مثل هذا الرد الإيراني الذي لم يكن كالردين السابقين "الوعد الصادق 1" و"الوعد الصادق2" خصوصًا وأن قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي أعلنَ أن الردود المقبلة على الإسرائيليين "لن تكون كعمليتي الوعد الصادق بل ستكون أشد قوة وتدميراً". في وقت قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان "أن إيران تؤمن بالحوار مع العالم ولا تسعى إلى المواجهة لكنها لم تخضع للظلم والتنمر". ولاقاه مسؤول إيراني كبير بالقول: "أن إيران لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم على رغم من تصاعد التوتر الإقليمي"، مشيرًا إلى "أن دولة صديقة في المنطقة حذرتنا من هجوم إسرائيلي محتمل".
وفي هذه الأثناء نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين "أن إسرائيل تستعدُّ، فيما يبدو، لشنِّ هجوم قريباً على إيران. في وقت أعلن البيت الأبيض، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب على علم بحركة الأفراد الأميركيين في الشرق الأوسط.
وهو كان صرّح أنه "لم يعد واثقاً من إمكانية التوصّل إلى اتفاق مع إيران".
وفي هذا السياق كان اللافت ما قاله نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، من إنه لا يعرف ما إذا كانت إيران ترغب في امتلاك سلاح نووي، في الوقت الذي اتصل المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف (وهو رئيس الوفد الاميركي المفاوض لايران) برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، واكد إن "إيران النووية تشكّل تهديداً وجودياً لإسرائيل"، مضيفاً أنه "يجب أن لا يُسمح لإيران أبداً بتخصيب اليورانيوم أو تطوير أي قدرات نووية". مشيرًا إلى أن "إيران التي تمتلك كميات كبيرة من الصواريخ تشكّل تهديداً وجودياً لا يقل عن التهديد النووي. وهو تهديد وجودي للولايات المتحدة، والعالم الحر، وجميع دول الخليج".
استعداد لاحتمالين
وفي الوقت الذي بات واضحًا أن إسرائيل " باتت مستعدة تماماً لشنّ ضربة عسكرية على إيران"، على حد ما أبلغته إلى الإدارة الأميركيّة، فإن إيران تستعد في المقابل لاحتمالي حصول اتفاق مع الولايات المتحدة أو الذهاب إلى الحرب، خصوصًا وأن قواتها المسلحة أطلقت مناورات عسكرية تركز على "تحركات العدو"، وذلك بالتزامن مع إجلاء واشنطن لبعض موظفيها من المنطقة.
فيما دعت إسرائيل المجتمع الدولي إلى "الرد بحزم" ومنع إيران من تطوير سلاح نووي، بعدما خلصت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن طهران "لا تمتثل" لالتزاماتها". ولكن الملاحظ أن إسرائيل تطلق هذا الموقف في الوقت الذي رفضت ترفض دوماً إخضاع برنامجها النووي لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي التي تملك عشرات القنابل النووية بلا حسيب أو رقيب.
وتلفت المصادر الديبلومسية عينها في هذا الصدد إلى أن العالم لم ينس بعد تهديد إسرائيل في الأيام الأخيرة من حرب تشرين 1973 بقصف سوريا ومصر بالقنابل النووية التي أخرجتها يومها من مخائبها ردًّا على الهزيمة التي منيت بها.
كذلك لم ينس العالم بعد تهديد أحد الوزراء الإسرائيليين بقصف قطاع غزة بقنابل نووية بعد اسيوعين على عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول 2023 الأمر الذي يدل أن إسرائيل هي التي تهدد السلام والأمن الدوليين وليس إيران التي تطالب في إطار مفاوضاتها مع واشنطن وخارجها بأن تكون المنطقة كلها خالية من السلاح النووي.
في أي حال فإن أحد سلطنة عمان المقبل سيكون أحدًا كبيرًا، فإنما يحمل بشائر اتفاق إيراني ـ أميركي، ولم يحمل بوادر حرب ضد إيران أتم الأميركيون والإسرائيليون استعدادتهم لها في الوقت الذي أتمت ايران استعدادتها أيضاً. ولكن من الواضح أن خيار الحرب هو الراجح حتى الآن لأن بنيامين نتنياهو المنتشي مما يسميه "انتصارًا" على "محور المقاومة" ذاهب في الحرب حتى النهاية لإقامة "إسرائيل الكبرى" مدركًا أن أي تسوية تلغي هذه الحرب ستكون إلغاء له.