ميشال نصر - خاصّ الأفضل نيوز
التزاما بمهلة الستين يوما التي وضعها الرئيس الأميركي، وعشية يومها الأخير، وبعد خطة "خداع استراتيجي"، غير مسبوقة، نفذت إسرائيل "اتفاقها السري" مع الإدارة الجمهورية، موجهة ضربة أمنية- استخباراتية موجعة أدت إلى مقتل مسؤولين كبار في النظام، ما أعاد خلط الأوراق والأولويات والاهتمامات في المنطقة، حيث "أيد الأنظمة على قلبها"، ومن بينها لبنان، الذي سيكون من أول المتأثرين أقله اقتصاديا وسياسيا.
مواجهة يمكن وضعها في سياق أوسع يرتبط بالتحولات في موازين القوى الإقليمية، وبتبدل أولويات الفاعلين الدوليين في المنطقة، وخاصة الولايات المتحدة التي تجد نفسها أمام مفترق جديد بين الالتزامات الأمنية التقليدية تجاه إسرائيل ومصالحها الاستراتيجية الأوسع في تهدئة الشرق الأوسط.
لكن، لماذا اختارت إسرائيل هذا التوقيت تحديدا؟ ولماذا تصعد المواجهة إلى هذا الحد؟
في هذا الإطار كشفت مصادر دبلوماسية، أن مجموعة من العوامل سرعت من العملية الإسرائيلية، المنسقة بالكامل مع واشنطن، أبرزها:
-حاجة واشنطن إلى إحداث صدمة تنزل طهران عن "شجرة" الإصرار على التخصيب، بعدما باتت المفاوضات تدور في حلقتها المفرغة.
-اقتراب إيران من "القدرة النووية الفعلية"، مع إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران انتهكت التزاماتها بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي، واقتربت من "القدرة على إنتاج سلاح نووي" بشكل سريع.
-فقدان الثقة في المسار الدبلوماسي الأميركي، إذ لم تعد تل أبيب تثق في محادثات إدارة ترامب مع إيران.
-البحث عن مكانة إقليمية، إذ تشعر إسرائيل بثقة متزايدة في قدرتها على إعادة تشكيل النظام الإقليمي. فبعد تجاهل تحذيرات واشنطن من مهاجمة حزب الله، نجحت في اغتيال قياداته واحتواء الرد، ما عزز جرأتها على استهداف طهران بشكل مباشر.
-التغييرات الجذرية التي شهدتها المنطقة من لبنان إلى سوريا وغزة واليمن، حيث سبق وأشارت القيادات الإسرائيلية إلى أنه "بعد ضرب الأذرع سيكون دور الرأس"، وعاد وأكد عليه خلال الساعات الماضية وزير الدفاع.
-الوضعان الداخليّان سواء في الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.
-إنجاز إسرائيل لكل الترتيبات التي تسمح لها بخوض معركة طويلة، خصوصا أن العمليات العسكرية تشتمل على إشغال عشرات الطائرات الحربية الهجومية والاعتراضية، وطائرات التزود بالوقود وطائرات التشويش الإلكتروني والإنذار المبكر، فضلا عن مروحيات ضخمة تقل عناصر من القوات الخاصة في مجال الإنقاذ، في أكبر عملية جوية ينفذها سلاح الجو الإسرائيلي، على مسافة أكثر من 1500 كلم، وعلى مساحة جغرافية تلامس المليون ونصف مليون كيلومتر مربع.
-إنجاز إسرائيل تحديد بنك أهدافها القيادي بدقة، حيث اعتمدت الخطة ذاتها التي اعتمدتها في لبنان، وسط مفاجأة قياداتها من النتائج المحققة، التي سمحت بحسب وزير الدفاع إلى إفقاد طهران منظومة القيادة والسيطرة في أقل من عشر دقائق، فيما استغرق الوضع مع حزب الله العشرة أيام، وهو ما سيؤخر الرد الإيراني لأيام إلى حين استعادة القيادة توازنها وهرميتها.
-تراجع القدرات الدفاعية الإيرانية، مع تعرض منظومات الدفاع الجوي الإيراني ومرافق إنتاج الصواريخ لأضرار جسيمة نتيجة ضربات إسرائيلية في تشرين الأول الماضي، والتي جاءت ردا على "الوعد الصادق ٢"، ما فتح الطريق أمام إسرائيل لشن هجوم استباقي وهي تدرك أن إيران غير قادرة على الرد الفوري الفعال.
-اعتبار البعض، أن إعلان طهران حصولها على وثائق حساسة ودقيقة تتعلق بالأمن القومي الإسرائيلي، وبرنامجها النووي والصاروخي، لعب أيضا دورا حاسما، حيث يكشف مصدر مصري أن وزير الخارجية الإيراني سلم ستيفن ويتكوف صورا عن وثائق تم الحصول عليها على درجة عالية من السرية، خلال جولة المفاوضات الخامسة، حيث قام الأخير بنقلها إلى رئيس الموساد.
بناء على كل ذلك وربما أكثر قررت إسرائيل المبادرة والتحرك، بهدف علني عنوانه العريض البرامج: النووية، الصاروخية الباليستية، والمسيرات، وهدف مستور "إسقاط نظام الملالي" وفتح الطريق إلى قلب طهران، ليتحقق ما هو أبعد من إسرائيل الكبرى.
فهل تقبل الإدارة الترامبية، التي تراقب لعبة الضربات المتقابلة، والإضعاف المتبادل بين القوتين الإقليميتين؟