نوال أبو حيدر - الأفضل نيوز
في ظل التصعيد العسكري القائم بين إيران وإسرائيل، تشهد أسعار المحروقات العالمية حالة من التوتر وعدم الاستقرار، مدفوعة بمخاوف من تأثيرات هذا النزاع على الإمدادات النفطية في منطقة الشرق الأوسط، التي تُعد واحدة من أهم مراكز إنتاج وتصدير النفط في العالم.
هذا التوتر الجيوسياسي دفع بأسعار النفط الخام إلى الارتفاع، نتيجة التخوف من تعطل سلاسل التوريد، أو إغلاق مضيق هرمز أحد أهم الممرات البحرية لنقل النفط في حال تطور النزاع. كما انعكس هذا الارتفاع بشكل مباشر على أسعار المشتقات النفطية، مثل البنزين والمازوت، في مختلف أنحاء العالم، خاصة في لبنان حيث تُعد المحروقات من أبرز القضايا الاقتصادية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين والقطاعات الإنتاجية فيه.
وتزداد هذه المخاوف في حال توسعِ رقعة النزاع أو انخراط أطراف إقليمية أخرى، مما قد يؤدي إلى ارتفاعات أكبر في الأسعار، ويشكل ضغطاً على الاقتصاد اللبناني، خصوصاً في ظل محاولاته لاحتواء التضخم وتحقيق استقرار اقتصادي بعد تداعيات الأزمات السابقة.
فهل تؤثر الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل على أسعار المحروقات في لبنان؟
انعكاس النزاع الإيراني - الإسرائيلي على أسعار النفط...
من هذا المنطلق، يؤكد نقيب موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا، لموقع "الأفضل نيوز" أنه "فيما يخص الوضع في لبنان، لا تزال عملية تسلّم البضائع من الشركات المستوردة تسير بشكل طبيعي حتى هذه اللحظة، ولم تُسجل أي تغييرات ملموسة على هذا الصعيد، رغم الظروف السياسية والاقتصادية المحيطة. ومع ذلك، منذ بداية التصعيد والتوترات بين إيران وإسرائيل، والتي أثرت بشكل مباشر على أسواق النفط العالمية، لاحظنا ارتفاعاً في أسعار الوقود المحلية".
هل تنتقل تداعيات النزاع إلى السوق اللبنانية؟!
وعليه، يعتبر أبو شقرا أنه " في أول جدول للأسعار صدر عقب اندلاع هذه الأحداث، شهد سعر مادة البنزين ارتفاعاً وصل إلى حوالي 9 آلاف ليرة لبنانية، وهو ما يعد زيادة ملحوظة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أظهرت الجداول التي صدرت بعده استمراراً في ارتفاع الأسعار، وإن كانت الزيادة طفيفة نسبياً، مما يعكس حالة عدم الاستقرار التي يعاني منها سوق النفط حالياً بسبب التوترات في المنطقة. هذه الارتفاعات المتكررة تجعل من المتوقع أن تتصاعد أسعار الوقود أكثر في الفترة القادمة، ما قد يشكل عبئاً إضافياً على المواطنين والقطاع الاقتصادي في لبنان".
وفي سياق متصل، يرى أنه "في ظل هذه التطورات، يبقى الأمل معقوداً على التوصل إلى اتفاق دولي ينهي حالة النزاع بين إيران وإسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يهدئ الأسواق ويؤدي إلى استقرار أو انخفاض أسعار النفط والوقود في الأسواق المحلية. هذا السيناريو سيعطي فرصة للبلد للتخفيف من أعباء الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي يمر بها، ويساعد في إعادة التوازن للأسعار وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين".
سياسات الدولة اللبنانية للحدّ من هذا الارتفاع.. هل هي مُتوفرة؟
وعلى صعيد آخر، يوضح أبو شقرا أن "لبنان يعتمد بشكل كامل على استيراد المحروقات من الخارج، مما يجعلها عرضة لتقلبات الأسعار العالمية وتأثير الأزمات الدولية. في ظل هذا الواقع، يمكن للدولة اللبنانية أن تلعب دورًا فعالًا في تخفيف العبء الاقتصادي على المواطنين من خلال مراجعة سياساتها الضريبية المتعلقة بالوقود. ففي الأسابيع الماضية، فرضت الحكومة مجموعة من الضرائب والرسوم على المحروقات، والتي زادت من الأعباء المالية التي يتحملها المواطن اللبناني يومًا بعد يوم".
ويتابع: "من الممكن أن تتخذ السلطات قرارًا بإلغاء أو تخفيض هذه الضرائب بشكل كامل، خاصة في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الشعب، وهو ما سيسهم في تخفيف الضغط على أسعار الوقود وبالتالي تخفيف تكاليف المعيشة. وفي المقابل، يمكن للدولة أن تبحث عن مصادر تمويل أخرى لتغطية الاحتياجات المالية، لا سيما تلك المخصصة للعسكريين، بعيدًا عن تحميل المواطن العبء الأكبر".
بين ارتفاع الأسعار وهشاشة الاقتصاد... ما مصير المواطن؟
ويختم أبو شقرا: "الزيادة التي شهدتها أسعار المحروقات عقب رفع الضرائب، والتي جاءت بالتزامن مع ارتفاع أسعار برميل النفط عالميًا، ستؤدي بشكل مباشر إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد اللبناني بشكل عام، إذ لا تقتصر هذه الزيادة على تكاليف الوقود فقط، بل تمتد لتشمل مختلف القطاعات الاقتصادية، نظرًا لأن المحروقات تُعتبر من المواد الأساسية التي تعتمد عليها الصناعة والزراعة وقطاعات أخرى عديدة. وبالتالي، فإن أي ارتفاع في أسعارها ينعكس بشكل متسلسل على أسعار المنتجات والخدمات في السوق المحلية، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية على المواطنين ويعزز من معدلات التضخم والتدهور المالي في البلاد".