مارينا عندس - خاص الأفضل نيوز
في ظلّ التّغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة، يبرز قانون الإيجارات الجديد كأحد المواضيع الشائكة التي تمس شريحة واسعة من المجتمع، من مالكين ومستأجرين على حد سواء. فقد جاء هذا القانون كمحاولة لإعادة تنظيم العلاقة التعاقدية بين الطرفين، وتحقيق توازن عادل بين حماية حقوق المالك وضمان استقرار وأمان المستأجر. وللأسف، منذ أكثر من عشر سنوات، والدولة اللبنانية غائبة تمامًا عن مشروع تنفيذ قانون يُنصف حقوق الطرفين لتتركهما في مواجهةٍ لا محالّ منها. وبموجب القانون الجديد، تحرّر عقود الإيجارات بعد أربع سنوات من إقرار القانون ونشره، وتبدأ من السنة الأولى مرحلة تصحيح بدلات الإيجار من خلال رفع قيمتها إلى 25 % من بدل المثل الذي يوازي 8% من قيمة المأجور، ومن ثم رفعها إلى 50 % في السنة الثانية وإلى 100% في السنة الثالثة والرابعة. كما يجيز القانون للمالك، مطالبة المستأجر بالإخلاء، على أن يستلم المأجور بعد عامين من صدور القانون، وبالتالي، يستمر المستأجر بدفع بدلات الإيجار ذاتها التي اعتاد دفعها، ولكنه ملزم بإخلاء المأجور بعد سنتين.
كيف تؤثر التعديلات الجديدة على حقوق المالكين مقارنةً بالقوانين السّابقة؟
رئيس نقابة المالكين باتريك رزق الله، لفت في حديثه لموقع "ألأفضل نيوز"، إلى أنّ "هذا القانون جاء ليُعيد تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، خاصّة أنّ 85 ألف مستأجر بحسب إحصاءات وزارة المالية، يدفعون بدلات إيجار على السّعر الجديد، ويدفعون البدلات والمصاريف التشغيلية ورواتب العمّال من دون أيّ تعثّر في هذا الإطار. في الوقت الذي 25 ألف مستأجر قدماء سيدفعون الدولار والدولارين. فلا يجوز أن يستمرّ الوضع كما كان!"
رزق الله أكّد خلال كلامه، أنّ "القانون الجديد قد أعطى المستأجرين، الفترة بين العامين والـ4 أعوام لتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية. لذلك، لا نعتبره مجحفًا بحقّهم أبدًا. وأنا برأيي هذا القانون كان من الأفضل أن يصدر قبل قانون الإيجارات السّكنيّة. نحنُ لا نلوم المستأجر هنا لأنّ الدولة هي من فرضت هذه القوانين أمس، لكنّ اليوم ما حجّتك في دفع إيجارٍ عادلٍ طالما باتت أوضاعك المادية والاجتماعية أفضل؟".
وقال: "هذا القانون سيُخفّض بدلات الإيجارات الجديدة، لأنّه سيوفّر أقسامًا جديدةً (محلات، مكاتب...)، فبموجب هذا القانون عندما يريد دفع إيجار غال جديد، يمكن أن يردّ المأجور للمالك، حينها سيرتفع عرض مؤسسات الإيجار وبالتالي ستنخفض قيمة بدلات الإيجار. والمعيب والمهين أنّ هنالك بعض المحلات، إيجاراتها 10 دولار سنويًا".
قانون الإيجارات الجديد
بموجب القانون الجديد، تحرّر عقود الإيجارات بعد أربع سنوات من إقرار القانون ونشره، وتبدأ من السنة الأولى مرحلة تصحيح بدلات الإيجار من خلال رفع قيمتها إلى 25 % من بدل المثل الذي يوازي 8% من قيمة المأجور، ومن ثم رفعها إلى 50 % في السنة الثانية وإلى 100% في السنة الثالثة والرابعة. كما يجيز القانون للمالك، مطالبة المستأجر بالإخلاء، على أن يستلم المأجور بعد عامين من صدور القانون، وبالتالي، يستمر المستأجر في دفع بدلات الإيجار ذاتها التي اعتاد دفعها، ولكنه ملزم بإخلاء المأجور بعد سنتين.
ويتميز القانون بمجرد نشره في الجريدة الرسمية، بقوته التنفيذية والإلزامية، إذ لا يتطلب أي تدخل من مجلس الوزراء لتنفيذه، سواء من خلال مراسيم تطبيقية أو أي قرارات حكومية، فيما تتطلب المادة 14 من القانون تدخلًا من وزارة المالية، والتي تتيح تطبيق إعفاءات على قيمة الإيجار لمدة عشر سنوات، بهدف تخفيف العبء عن المالكين في هذه المرحلة الانتقالية.
منطقان مختلفان
رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات المحامية أنديرا الزهيري، اعتبرت في الفترة الأخيرة، أنه "من غير المسموح أن يبقى المالكون القدامى، الجسر الذي تلقي الدولة جميع تبعاتها عليه وعلى حقه في التصرف بملكيته الفردية"، وقالت: "حان وقت التحرير الكلي من دون تردد أو تأخير. فعدد أماكن الإيجارات غير السكنية بحسب إحصاءات وزارة المالية لم يعد يتجاوز 20% على جميع الأراضي اللبنانية، وقد انخفضت أعدادها نسبة للتسويات التي حدثت، إما بسبب استرداد المالكين لملكهم بواسطة المحاكم أو تملك المستأجرين القدامى لبعض هذه الوحدات المؤجرة قديمًا، ناهيك بما فعلته الحرب".
وأضافت: "لم يعد من الضروري انتظار أكثر من 13 سنة منذ صدور أماكن الإيجارات السكنية لتحرير أماكن غير السكنية التي كان من الحري تحريرها آخر عام 2018 وتم تمديدها وفقا لآخر تمديد 30 / 6 / 2022. ولم يعد مقبولًا في ظل الإصلاحات والتقدم والتطور أن تبقى قوانين ايجارات استثنائية لا تصلح بنودها وموادها ولا تتمشى مع حاجة تطوير القوانين والمجتمع، فعلى كل فئة تحتاج الى دعم أن تحصل عليه إما من وزارة الشوؤن الاجتماعية أو من تحفيزات تقدمها الوزارات المختصة لكل مهنة أو صنعة اقتصادية كانت أو تجارية أو صناعية أو حتى طبية".
بالمقابل، يعتبر رزق الله، أنّه " حصل تسويات بين المالك والمستأجر. وفي حال كان المقصود أنّ الإيجارات غير السكنية القديمة لم تعد تتجاوز الـ 20% من العدد الذي سجّله عام 2018، لأنّ بحسب وزارة المالية عام 2018 العدد هو عدد الأماكن المؤجّرة غير السكنية وفق القانون القديم، هي 25 ألفًا و900 وحدة. وبالمقابل، هناك 85 ألف وحدة مؤجّرة على القانون الجديد 159/ 92. وطبعًا هذا الرّقم انخفض، ولكن لا أدري مدى انخفاضه ولا من أرقام حالية من وزارة المال عن مدى انخفاض هذا الرقم. ومنذ العام ونصف العام، أي منذ صدور القانون الجديد، حصل عدد كبير من التسويات. والآن، عندما أعيد نشر القانون في المرة الأولى، وطُعن فيه، وعندما أعيد نشره مرّة ثانية، أيضًا حصلت تسويات أكثر وأكثر. وبجميع الأحوال، هناك القانون الجديد الذي أقرّ بجلسة 15 كانون الأول 2023 ورغم التّعطيل الذي استمر لأكثر من عامٍ ونصف، أعيد نشره. ونتمنى عدم الطعن فيه من قبل النّواب وهذا على طريق إنهاء مشكلة الإيجارات القديمة غير السكنية. وأيضًا نأمل قريبًا أن ننتهي من مشكلة الإيجارات السّكنية القديمة مع انتهاء المُهل بنهاية عام 2026. كما نطلب من مجلس النواب، في هذه الدّورة الاستثنائية تثبيت المهل عام 2014 لا أن يتكلم بعض القضاة وفق القانون 2017 ولو كانوا قلّة ولكن يؤثرون في حقوق المالكين القدامى".