محمد علوش - خاص الأفضل نيوز
في لحظة إقليمية مشتعلة بحرب كبيرة بين العدو الإسرائيلي وإيران حطّ السفير الأميركي في تركيا ومسؤول الملف السوري بالإدارة الأميركية، توماس باراك في بيروت محمّلاً بالموقف الحقيقي لإدارته، رغم أن الرجل ليس موفداً للبنان، بل مشرفاً على الملف السوري، لكنه مرّ من هنا لأنه ببساطة، لم يعد من الممكن فصل الساحات. ومن سوريا إلى لبنان.
من بعبدا إلى عين التينة، حمل باراك ورقة "مساعدة لبنان".
هكذا قال. لكن "المساعدة" وفق القاموس الأميركي قد تعني بحسب مصادر سياسية متابعة "اسحبوا سلاحكم كي لا نُضطر إلى معاقبتكم، وكونوا على الحياد بالحرب الحالية بين إسرائيل وإيران كي لا نُضطر إلى معاقبتكم، وافتحوا الحدود مع سوريا فقط لحلّ مشاكل واشنطن في النازحين والترسيم، ثم أعيدوا إقفالها كي لا تغضب تل أبيب".
في القصر الجمهوري، التقى باراك بالرئيس العماد جوزيف عون، وأكد "رغبة الرئيس ترامب بمساعدة لبنان".
الموفد الأميركي لا يعترف بأن واشنطن هي التي تمنع المساعدات، وهي التي تحاصر لبنان اقتصادياً، وهي التي تدعم إسرائيل في كل ضربة، وتغطي كل غارة، لكنها في الوقت نفسه، تعرض "مساعدات" مشروطة بحسب المصادر، ولكن الجو السلبي الذي كان يُنشر في الإعلام حول الموقف الأميركي لم ينقله باراك كما هو.
بحسب مصادر سياسية مطلعة فإن الموقف الأميركي الحقيقي يختلف عن الرسائل التي كان يعممها الإعلام اللبناني عن الموقف الأميركي، إذ أن المطبخ الحقيقي لهذه الرسائل كان داخل لبنان، وبتعاون بين لبنانيين ومجموعة أميركية – لبنانية متشددة، لذلك كان لبنان بانتظار زيارة باراك ليستمع إلى الموقف الواضح.
في عين التينة، أفلت باراك بعضاً مما لم يُقال في بعبدا. قال إن "تدخل حزب الله بالحرب سيكون قرارًا سيئاً"، وهو كلام يتجاوز "النصيحة" إلى ما يشبه "التهديد المقنّع"، فإذا شارك الحزب، ستدفع أميركا الأمور نحو مزيد من الانفجار، ولأن أميركا لا تستطيع لجم إسرائيل، فالحل الوحيد هو لجم المقاومة.
كان واضحاً ان الرجل لا يحمل في جعبته أي مبادرات جديدة بخصوص الاحتلال الإسرائيلي لخمس نقاط في لبنان ولا لوقف الاعتداءات والخروقات، وهذا كان متوقعاً بحسب المصادر التي ترى أن الحرب في المنطقة تتقدم على كل شيء آخر وبات كل شيء مرتبطًا بها، وتُشير المصادر إلى أن باراك فتح في لقاءاته ملف العلاقات مع سوريا من باب ضرورة التعاون ملمحاً لحجم الترابط بين ملفات البلدين، ومتطرقاً إلى ملف الحدود من الشق الأمني والجغرافي.
زيارة باراك ليست مجرد محطة دبلوماسية، بل إعلان عن لحظة تحوّل، فالرجل أوضح خلال اللقاءات أن واشنطن لا تريد حرباً كبرى على لبنان، لكنها لا تمانع بتصعيد محكوم بحال لم يحقق لبنان تقدماً بمسار حصر السلاح.
بالمقابل سمع المبعوث الأميركي موقف لبنان الرسمي الداعي إلى إلزام إسرائيل بالتزام اتفاق وقف إطلاق النار وانسحابها ووقف اعتداءاتها، ومساعدة لبنان على الخروج من أزمته الاقتصادية، على أن يكون لبنان يعمل على ملف السلاح ومستقبله.
بحكم موقعه في سوريا يتولى توم باراك اللبناني الأصل، والمستعيد لجنسيته اللبنانية منذ فترة، متابعة ملف لبنان بسبب النقص في المواقع المختصة بالشرق الأوسط في الإدارة الأميركية، وبحسب المصادر قد يستمر الرجل في متابعة ملف لبنان حتى نهاية الصيف الجاري، ما لم تتبدل المعطيات في كل المنطقة.