مارينا عندس - خاص الأفضل نيوز
إنّ رفع الحكومة اللبنانية للضريبة على استهلاك المحروقات، يعود لأسبابٍ عديدةٍ منها مترابطة، وغالبًا ما يكون القرار ناتجًا عن ضغوط مالية واقتصادية كبيرة. وأبرز هذه الأسباب:
أولًا، شروط الصندوق النقد الدّولي، بحيث أنّ لبنان يتفاوض مع صندوق النقد الدولي (IMF) للحصول على مساعدات مالية.
ومن شروط الصندوق عادةً، زيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة، رفع الدعم، تحسين الجباية وزيادة مداخيل الدولة، ورفع الضريبة على المحروقات.
ثانيًا، زيادة الإيرادات العامة، فلبنان يعاني من عجزٍ كبيرٍ في الميزانية. لذلك، رفع الضريبة على المحروقات هو وسيلة مباشرة وسريعة لزيادة إيرادات الدولة، خصوصًا أنّ الطلب على المحروقات يُعتبر شبه ثابت (مرنته السعرية منخفضة)، ما يعني أنّ الناس سيستمرون بالشراء رغم ارتفاع السعر.
ثالثًا، الحدّ من التهريب، ففي الماضي، كانت أسعار المحروقات المدعومة في لبنان أقل من تلك في دول الجوار، ما أدى إلى تهريب كميات كبيرة. وبرفع الضرائب، تُصبح الأسعار أقرب للسوق الإقليمية، ما يقلل من حوافز التهريب. رابعًا، تشجيع استخدام بدائل الطاقة.
في المدى الطويل، رفع سعر المحروقات يشجع على تقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، التفكير بوسائل نقل بديلة أو طاقة متجددة، والضغط لتطوير قطاع النقل العام.
ردّ من الحكومة
جاء التبرير من الحكومة، بأنّ هذه الخطوة تهدف إلى تمويل منح مالية شهرية للعسكريين: 14 مليون ليرة لمن هم في الخدمة، و12 مليون ليرة للمتقاعدين. لكن هذه الخطوة أثارت انتقادات وتساؤلات، خصوصًا أنّ هناك أموالا متراكمة منذ ثلاث سنوات في حساب خاص لدى مصرف لبنان (المعروف بحساب 36)، تتجاوز قيمته مليار دولار ويزداد شهريًا، ما يثير الشكوك حول الدافع الحقيقي للضريبة الجديدة، خاصة أن الحكومة لم تُقرّ زيادات مماثلة لباقي موظفي القطاع العام. كما ينصّ القرار الحكومي على اعتماد أسعار المحروقات (باستثناء الغاز والفيول أويل) كما كانت في 8 شباط 2025، أي تاريخ تشكيل الحكومة، وهو ما يُعيد رفع الأسعار بشكل مصطنع رغم انخفاضها عالميا.
وأشار القرار إلى أنّ الفارق في السعر سيُحتسب ضمن الرسوم الجمركية في جدول الأسعار، ما يعني تحميل المستهلك هذه الكلفة كضريبة مباشرة.
ونتج من هذا القرار ارتفاع سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان بمقدار 100 ألف ليرة لتصل إلى مليون و489 ألف ليرة، و98 أوكتان إلى مليون و529 ألف ليرة. أما المازوت، فارتفع سعره 174 ألف ليرة ليبلغ مليونًا و393 ألفًا.
في السياق، يؤكد عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس، في حديثه لموقع "الأفضل نيوز"، أنّ "كل تفصيل صغير لدى المواطنين، يتعلّق بما يدعى (المحروقات) كونها المادّة الأساسية والمحورية في حياة الإنسان.
وهذه المادّة تؤثّر في سعر الكلفة لكل السّلع. يعني على سبيل المثال، الماركت بحاجة إلى البنزين والمازوت لنقل البضاعة.
هذا ما يؤدّي إلى زيادة الكلفة خصوصًا عندما ترتفع أسعار المحروقات. الماركت بحاجة إلى مادّة المازوت لينتج طاقة للمولدات الكهربائية لتشغيل البرادات وإضاءة المحال، هذا ما يؤدّي أيضًا إلى زيادة الكلفة الإضافية. وهذه الزيادات، سترتدّ سلبيًا على أسعار الموادّ التي تبيعها هذه المحلات. وصاحب المولّد عليه أن يؤمن المازوت لإنتاج الطاقة ليعطي اشتراكات للسكان. بالإضافة إلى سعر طن المازوت 100 دولار أميركي.
مثال آخر عن مصنعٍ للكارتون، بحاجة إلى المازوت والفيول والبنزين لينقل بسياراته ليوزع البضاعة، هذا ما سيؤدي أيضًا إلى زيادة الكلفة. حياة المواطن كلها معلقة بالبنزين والمازوت، خصوصًا مع المواد الاستهلاكية.
وكل سعر مع هذه الموادّ سيُضعف من القدرة الشرائية لدى المواطن. فمن كان يذهب إلى الماركت بـ 200 دولار أميركي ليؤمن كمية كبيرة، سيؤمن بالـ 200 دولار أميركي الكمية الأقل اليوم. ومن كان يتنقل بالتاكسي لدفع مبلغٍ معينٍ سيدفع الآن أكثر للذهاب إلى "المشوار" عينه، لذلك ستضعف القيمة الشرائية لدى المواطن، وهذا ما يفسر ارتفاع الصرخة".
وأضافَ أنّ "سبب زيادة هذه الضريبة هو قرار سيادي لدى الحكومة، والحكومة لها الحق في تقرير رسوم الضرائب كما يناسبها. ونحن ما علينا سوى أن نلتزم بهذه القرارات ولكن أوّد أن أوضحّ أولًا أنّ قطاع المحروقات إن كان كشركات مستوردة أو محطات أو موزعين "ما حدن واصل شي لجيبتو"، فمثلما نشتري البضاعة، نبيعها بمستوى الربح نفسه وهذا الربح محدد من جدول تركيب الأسعار الذي يصدر من قبل وزارة الطاقة والمياه. لذلك هذه الزيادات ذهبت جميعها للدولة".