عماد مرمل - خاص الأفضل نيوز
مع استمرار الحرب الإسرائيلية - الإيرانية وإطالة أمدها، بات واضحًا أنه لا يمكن لأحد أن يضمن السيطرة عليها وإبقائها ضمن الحدود الحالية، وبالتالي فإن كل الاحتمالات تبدو واردة على وقع مواصلة المواجهة وتصاعدها.
ومن بين هذه الاحتمالات، إمكان انخراط الولايات المتحدة الأميركية في الحرب مباشرة، علمًا أن الرئيس دونالد ترامب ينام على موقف ويستفيق على موقف آخر، وسط غموض يحيط بقراره النهائي في هذا الشأن، الأمر الذي يعكس تهيبه لخيار المشاركة في المواجهة وهو الذي يعلم جيدًا المخاطر التي ستهدد المصالح والقواعد الأميركية في المنطقة إذا ذهب إلى خيار القتال.
وليس خافيًا أن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو هو صاحب المصلحة الأكبر في جر أو استدراج واشنطن إلى آتون النزاع، لمعرفته بأن جيشه ليس قادرًا لوحده على الحسم العسكري والتخلص كليًّا من قدرات إيران النووية والصاروخية، خصوصًا أنه أصبح معروفًا أن المنشأة النووية الأهم التي تملكها طهران "فوردو" هي الأشد تحصينًا وتعقيدًا، كونها تقع تحت الجبال ولا يمكن استهدافها إلا بقنابل خارقة للتحصينات والأعماق، تتوافر فقط بحوزة الولايات المتحدة.
وأفادت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن المنشأة مخبأة تحت صخور صلبة ومغطاة بخرسانة مسلحة تبقيها خارج مرمى نيران أي من الأسلحة الإسرائيلية المعروفة للعامة.
لكن ترامب لا يزال حتى الآن يفضل أن يواصل نتتياهو المهمة لوحده، بحيث يكتفي هو بقطف ثمار الحرب من دون أن يتورط فيها، ولذا يأمل الرئيس الأميركي في أن تقبل طهران عاجلًا الاستسلام غير المشروط الذي دعاها إليه وأن توفر عليه عناء خوض مغامرة الصدام معها.
وبهذا المعنى، يراهن ترامب على عامل الوقت لاستنزاف طهران وإنهاكها بفعل الضغط العسكري الإسرائيلي، مفترضًا أنها لن تستطيع الصمود طويلاً وتحمل مفاعيل الخسائر اللاحقة بها جراء الغارات المتلاحقة والتي كانت بدايتها مع الضربة الأولى المباغتة التي أسفرت عنه من اغتيال قادة كبار في الحرس الثوري والقوات المسلحة وعلماء نوويين.
لكن إيران نجحت في احتواء تداعيات ضربة فجر الجمعة الماضي، وأعادت تفعيل قدراتها العسكرية، وبالتالي ما لبثت أن انتقلت من مرحلة تلقي الصدمة إلى مرحلة توجيه الضربات النوعية إلى قلب الكيان الإسرائيلي.
وبدل أن يضعف وضع إيران على إيقاع الوقت وفق الحسابات الإسرائيلية - الأميركية، كان لافتًا أن ردودها اتخذت منحى تصاعديًّا وراحت تتطور مع الأيام، مستخدمة بشكل متدرج ومدروس صواريخ نوعية تركت آثارًا مدمرة في المدن الإسرائيليّة وأيضاً في نفوس المستوطنين الذين لم يسبق لهم أن مروا في اختبار صعب وقاس كذاك الذي فرضته عليهم الضربات الإيرانية.
وعلى المستوى السياسي، أتت تصريحات مرشد الجمهورية الإسلامية الإمام علي الخامنئي لتنهي آمال ترامب في دفعه إلى الإذعان لمطالب واشنطن وتل أبيب، إذ أكد المرشد أن الشعب الإيراني لا يرضخ لإملاءات أحد وهو عصي على الاستسلام.
وأمام الثبات الإيراني في مواجهة العدوان الإسرائيلي، تُطرح التساؤلات الآتية:
هل يتخذ ترامب ونتنياهو قرارًا باغتيال الإمام الخامنئي لاختصار أمد الحرب وحسمها الضربة القاضية كما يظنان؟ وماذا لو أن هذه المغامرة المتهورة أحرقت الأخضر واليابس في الإقليم بدل أن تطفئ الحريق وفق ما يتمنى الإسرائيلي والأميركي؟
َوهل عنجهية ترامب ستأخذه إلى ضرب إيران مفترضًا أن نتنياهو مهد له الأرضية من خلال إضعافها؟ وماذا لو أصبحت الأهداف الأميركية في الإقليم عرضة للهجمات علمًا أن ضربها هو أسهل لإيران من قصف الكيان لأنها أقرب جغرافيا؟ وكيف يمكن أن يتصرف حلفاء طهران إذا قلبت واشنطن الطاولة رأسًا على عقب؟
أما الإجابات فتبقى رهن دينامية التطورات وما تخفيه الأيام المقبلة في جعبتها.