نوال أبو حيدر - خاص الأفضل نيوز
تشهد الأسواق العالمية تقلبات مستمرة نتيجة التوترات الجيوسياسية، خصوصاً في مناطق استراتيجية مثل الشرق الأوسط. وقد مثّل النزاع الأخير بين إيران وإسرائيل نموذجاً واضحاً لتأثير هذه الأزمات على حركة الأسواق، حيث أدّى إلى اضطرابات كبيرة في أسعار السلع الأساسية، وعلى رأسها النفط والذهب.
يُعدّ النفط من أكثر السلع حساسية للتغيرات الجيوسياسية، نظراً لارتباطه الوثيق بأمن الإمدادات العالمية.
ففي حالات التوتر أو الحرب، ترتفع أسعار النفط بشكل سريع نتيجة الخوف من تعطل الإنتاج أو النقل، كما حدث خلال النزاع الأخير، حيث ارتفع سعر النفط بنسبة 8% رغم تراجع الطلب العالمي عليه بنسبة 4%. أما بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، فقد تراجعت الأسعار نتيجة انحسار المخاطر وعودة الثقة إلى الأسواق.
وبحسب ما صرّحت مصادر اقتصادية مطلعة لـ "الأفضل نيوز" فإن "للعوامل الجيوسياسية دوراً حاسماً في تشكيل مسار أسواق الطاقة، خاصة وأن غالبية الدول المنتجة للنفط تقع في قلب الشرق الأوسط، وهي منطقة غنية بالموارد لكنها تعاني من صراعات مستمرة، وتؤثر الأخيرة ليس فقط على سوق النفط، بل على مجمل الاقتصاد العالمي من خلال تأثيرها على كلفة الإنتاج والنقل والطاقة".
وفي سياق متصل، ترى أن "انتهاء الحرب الإيرانية - الإسرائيلية خلال فترة وجيزة نسبياً (12 يوماً) ساهم في تقليص حجم التأثيرات السلبية المحتملة. فلو استمرت الحرب لفترة أطول، لكانت النتائج كارثية على أسواق الطاقة والإنتاج العالمي، مع احتمالات كبيرة بحدوث موجة تضخمية، وتراجع في قدرة المستهلكين الشرائية، واضطرابات واسعة في سلاسل التوريد".
كما تشير المصادر نفسها إلى أن "هذه الصراعات تُضعف من أداء منظمة التجارة العالمية، وتقلل من كفاءة حركة التجارة الدولية، وهو ما يؤدي غالباً إلى انخفاض في معدلات النمو الاقتصادي العالمي"، إذ تشير التقديرات إلى أن استمرار التوترات في مناطق الإنتاج النفطي قد يؤدي إلى تراجع النمو العالمي بنسبة تقترب من 1.9%، وهو رقم بالغ الخطورة، إذ أن تراجع الناتج المحلي العالمي بنسبة 1% فقط يُسبب اضطرابات مالية ونقدية كبيرة، منها تذبذب أسعار العملات وتشديد السياسات النقدية في العديد من الدول".
وفيما يتعلق بالدول الأكثر تأثراً بهذا الأمر، تقول المصادر إن "الصين تُعدّ أكبر مستورد ومستهلك للنفط في العالم، إذ تستورد ١١ مليون و٣٥٠ ألف برميل يومياً، ما يجعلها عرضة بشكل خاص لأي تغير في أسعار أو إمدادات الطاقة. ومن جهة أخرى، يُعد الدولار الأميركي المستفيد الأكبر من تقلبات النفط، كونه العملة المعتمدة لتسعيره عالمياً".
وتتابع: "أما الدول الأكثر تضرراً، فهي الدول النامية، ودول وسط آسيا، وبعض الدول الأوروبية، التي تعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة والنقل، ما ينعكس على قدرتها الإنتاجية، ويزيد من معدلات التضخم، ويضغط على النمو الاقتصادي".
في المحصلة، تخلص المصادر إلى أن "النفط لا يزال يمثل العمود الفقري للاقتصاد العالمي، وأي اضطراب في أسعاره يؤدي إلى توتر الأسواق وتباطؤ اقتصادي. وبالعكس، فإن استقرار سوق النفط يسهم في تعزيز النمو وتحفيز الاستثمارات، إلى حين التمكن من تطوير بدائل طاقة أكثر استدامة".