د.رائد المصري - خاصّ الأفضل نيوز
يحتاج لبنان إلى صدق الترجمة في هذه المندرجات، التي يعد بها الأميركي عبر الموفد طوم باراك، الآتي قريباً لزيارة بيروت، والاستحصال على جواب الورقة التي أودعها الرؤساء الثلاثة، بشأن السلاح والإصلاحات وغيرها، فيما يبدو أن لا موقف موحَّدًا للقوى السياسية الرسمية في لبنان قد تبلور حتى اللحظة، تتوجّه الأنظار نحو العاصمة الأميركيّة واشنطن، حيثُ سيحُطّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو رحاله في البيتِ الأبيضِ، للقاء الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب.
فإسرائيل بحاجة اليوم لترجمة تحوّلات ما بعد عملية طوفان الأقصى، إلى مكاسب عاجلة في الشرق الأوسط، تسبق النتائج في حربها التي اعتدت بها على إيران، لفرض عصر آخر جديد، أنبأنا به نتنياهو للمنطقة، وبعد أن بردت اتّفاقيات التطبيع التي أُبرمت مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، ولذلك صارت العجلة السياسية الإسرائيلية تجهد في التبشير بتطبيع قريب مع سوريا بقيادة الرئيس أحمد الشرع، وبالضغط على لبنان بالنار العسكرية جنوباً، وبالحشود التكفيرية لمئات المقاتلين على الحدود الشرقية لجهة سوريا، بما يشي بسيناريوهات مدمِّرة قد يستخدمها الأميركي والإسرائيلي لابتزاز لبنان حكومة وشعباً ومقاومة.
هو اللقاء الأول الآتي بين ترامب ونتنياهو، بعد مواجهة إيران وإسرائيل عسكرياً لمدة 12 يوماً، وقصف الولايات المُتّحدة للمنشآت النّوويّة الإيرانيّة في فوردو ونطنز وأصفهان، وسيعتبر لقاءً احتفالياً بإنجاز وضربِ المنشآت النّوويّة الإيرانيّة، بحسب ما وصفه ترامب، لكنّ واقِعَ الحال يقول إنّ اللقاء سيكون أوسع وأشمل من ذلك، ففي اليوم الذي سيدخل فيه نتنياهو البيت الأبيض، يُتوقّع أن يزورَ مبعوث ترامب إلى سوريا طوم بارّاك بيروت، بعد أن طلبَ الموفد الأميركيّ من المسؤولين اللبنانيين في زيارته الأخيرة، أن تُصدِرَ الحكومة موقفاً واضحاً قبل 7 تمّوز من مسألة حصر السّلاح بيد الدّولة، مع الفصائل الفلسطينيّة، فالأميركيون يرغبون باستكمال قرار الحكومة بشأن الحزب في لبنان، وهنا يمكنُ قراءة العجلَة لطوم بارّاك، وحديثه عن ضرورة إصدار القرار قبل زيارته في 7 تمّوز.
قبل عام من اليوم، ألقى نتنياهو خطابه أمام الكونغرس الأميركيّ، واعداً بتغيير الشّرق الأوسط والانتصار على المحور الإيرانيّ، وسطَ تصفيق غير مسبوق من نواب أميركا، وهو يعودُ اليوم إلى واشنطن مع مُتغيّرٍ جوهريّ في سوريا، عنوانه سقوط النظام وقطع طريق البوكمال _ بيروت، وسيطرة إسرائيل على قمم جبل الشّيخ السّوريّة، وهذا يشكل إيذاناً واضحاً، وكأنّ أبواب الجحيم فُتحت على لبنان، إذ لم يعد التهديد مقتصراً على الحدود الجنوبية فقط، بل هناك تصعيد مقبل ومتوقّع، بعد عودة رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من واشنطن، إذ فُتحت أبواب التهديد أيضاً من الحدود الشرقية الشمالية، بحسب تقارير أمنيّة حصلت عليها "الأفضل نيوز"، بدأت تتحدّث عن غرف عمليّات لمقاتلين في الشمال اللبناني.
الأمن العام اللبناني نفذ عمليّات دهم في برج البراجنة فكشف خليّة إرهابية، وهنا بدأ يدور كلام في الكواليس السياسية منه ما يخدم منطق الحزب في الداخل للدفاع عن النفس بوجه هذا الخطر، ومنه ما يناقض منطقه، لا سيما بعدما أتت رسائل دولية بمساعدة لبنان على ضبط حدوده من جنوبه إلى شماله، وهذا توضَّح من المساعي التي قامت بها السفيرة الأميركية ليزا جونسون، مع القوى السياسية وتحذيرها من ضيق المهل على لبنان، فقد تحدّثت معلومات بأنّ جونسون ستستضيف اجتماعاً للّجنة الخماسية في السفارة الأميركية في عوكر، لمتابعة التطوّرات اللبنانية، سيما ما يتعلق بالعناوين الأمنيّة والسياسيّة في خطّ موازٍ، وستعرض اللجنة الخماسية مكامن الأخطار المقبلة على البلد، على أن تلتقي اللجنة أيضاً الموفد طوم بارّاك خلال زيارته لبنان، حيث أنه وفي السياق ذاته، خطف المبعوث السعودي الأمير يزيد بن فرحان رجله، ووصل ليلاً إلى بيروت، وهو سيشارك في اجتماع الخماسية لينتقل بعدها إلى مقرّات الرؤساء الثلاثة، وإبلاغهم باسم الخماسية بحتمية التجاوب مع ما جاء في ورقة توم بارّاك.
إذن فإن عمل اللَّجنة مستمرّ باجتماعاتها، حيث كشفت معلومات صحافية خاصة للــ"الأفضل نيوز"، عن أنّ المجتمع الدوليّ سيساعد لبنان على مستوى عودة الرعايا العرب والأجانب، وبضرورة تدفّق الاستثمارات إليه وإعادة الإعمار، وبحتمية حماية حدود لبنان من إسرائيل ومن أيّ خطر يمكن أن يأتي من الحدود الشرقية الشمالية عبر مجموعات مقاتلة تنتمي إلى تنظيمات متشدّدة، فهي وعود جدّية، لكنّها في نفس الوقت تحمل تهديدات حقيقية على استقرار البلد ومستقبله، في حال عدم التزامه تنفيذ الأجندة الدولية المطلوبة منه، التي ترتكز على حصر السلاح وتنفيذ الإصلاحات.
في المقابل، تحدّثت مصادر سياسية عن وصول تقارير أمنيّة إلى كواليس السياسة، تفيد بوجود مجموعات مقاتلة من جنسيّات متعدّدة على الحدود اللبنانية- السورية، وتحدثّت تقارير عن غرف عمليّات بدأت تتهيّأ في الشمال اللبناني لتنفيذ عمليّات في لبنان، وتحديداً في منطقة البقاع الغربي، رغم نفي الجيش اللبناني ذلك، والتقليل من أهمية ما هو متداول، حيث تقول هذه التقارير إنّ هناك تخوّفاً كبيراً من سيطرة هذه المجموعات على عدد من المعابر الحدودية غير الشرعية بين لبنان وسوريا، بناءً عليه، يبدو البلد ساقطاً بين كمّاشة جنوبه وشماله، مع اقتراب الكلام عن تصعيد إسرائيليّ، فهل تتحقق جدية طوم باراك المبعوث الأميركي حول مساعدته لبنان، وتأكيده أن الكرة اليوم هي في الملعب اللبناني، واللَّعب خارج الملعب لتقطيع الوقت أصبح خطراً جدّاً.