عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
كشف السجال النيابي حول شكل تصويت المغتربين في الانتخابات النيابية المقبلة الأهمية الاستثنائية التي يختزنها استحقاق 2026 ربطا بالتحولات المحلية والإقليمية.
والمفارقة، أن القوات اللبنانية وحلفاءها الذين كانوا في السابق من معارضي إعطاء المغتربين حق التصويت للنواب ال128، كلٌ في دائرته الانتخابية، بدلوا موقفهم رأسا على عقب وصاروا من أشد المتحمسين لتعديل قانون الانتخاب في اتجاه منح المنتشرين هذا الحق، علما أن القانون الحالي يحصر اقتراعهم في ستة مقاعد مستحدثة يفترض أن تتوزع على القارات التي ينتشر فيها اللبنانيون.
ومن الواضح في هذا السياق أن اللعب بات على المكشوف، ومن دون أقنعة أو قفازات، وبالتالي فإن القوات وحلفاءها يعتبرون أنهم أمام فرصة ثمينة من أجل استثمار أصوات الإغتراب في حساباتهم الانتخابية والسياسية على وقع المتغيرات الداخلية والإقليمية التي يشعرون أنها تخدم مصالحهم ومن شأنها أن تولّد مزاجا متعاطفا معهم في أوساط اللبنانيين في الخارج.
وما دفع هؤلاء إلى الإصرار على طلب تعديل قانون الانتخاب من خلال اقتراح معجل مكرر، هو عدم تكافؤ الفرص بينهم وبين خصومهم في دول الإغتراب على مستوى خوض الحملات الانتخابية بالنسبة إلى المرشحين وعلى صعيد حرية الاقتراع بالنسبة إلى الناخبين، إذ من المعروف أن "الثنائي" عموما، وحزب الله خصوصا، لا يملك الهامش الضروري لأي حراك في الخارج بفعل القيود والعقوبات المفروضة عليه في دول عدة، الأمر الذي يعني أن مرشحيه لن يتمكنوا من التفاعل مع الجاليات. كذلك فإن المغتربين المؤيدين لـ"الثنائي" لن يحظوا بحرية التصويت خوفا من الضغوط أو المضايقات التي قد يتعرضون لها.
وفي المقابل، يملك خصوم حزب الله وحركة أمل مساحة واسعة لاستخدام كل فنون الدعاية الانتخابية في دول الانتشار، لاسيما في البلدان التي تتواجد فيها جاليات لبنانية كبيرة، الأمر الذي سيمنحهم أرجحية على منافسيهم.
وطبعا، لم يُسهل الثنائي والتيار الوطني الحر لخصومهم مسعى تعديل توازنات المجلس النيابي، من خلال محاولة تنفيذ "إنزال" نيابي خلف خطوط الكتل الأخرى والرئيس نبيه بري، عبر طلب إدراج اقتراح قانون معجل مكرر في شأن تعديل قانون الانتخاب على جدول أعمال الجلسة الأخيرة، تحت طائلة الانسحاب وإسقاط النصاب، وهو اقتراح جرى "إسناده" بعريضة نيابية تطلب مناقشته في الجلسة التشريعية.
لكن بري رفض الخضوع إلى الضغط ولم يتجاوب مع طرح "القوات"، مؤكدا أن العريضة لم تصله ولافتا إلى أن هناك لجنة فرعية تبحث في مشاريع تعديل قانون الانتخاب وينبغي أن يناقش اقتراح القوات ضمنها، وتمكن في الوقت نفسه من حماية النصاب والإبقاء على الجلسة وفق المسار الذي كان مرسوما لها.
بالنسبة إلى بري كما حزب الله والتيار وآخرين، لا يجوز أن تُسلق التعديلات على قانون الانتخاب وتُقر تحت ضغط التهويل، ذلك أن هذا القانون الذي يعيد تكوين السلطة كل أربع سنوات لا يتحمل التعاطي معه بخفة أو استخفاف.