حمل التطبيق

      اخر الاخبار  رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد يستقبل الرئيس السوري أحمد الشرع في أبو ظبي   /   وزير خارجية فرنسا لـ"الحدث": نواصل دعم لبنان للتأكد من أنه سيستعيد استقراره   /   شكارجي للميادين: خلال 12 يوماً العديد من المراكز الأمنية والعسكرية والأبحاث في كيان الاحتلال تم تدميرها بالكامل   /   العميد الإيراني شكارجي للميادين: بعد وقف العمليات العسكرية يجب أن نقول إننا فرضنا وقف إطلاق النار بعد تلقيهم ضربات قوية من قواتنا   /   زلزال بقوة 5 درجات يضرب ولاية موغلا التركية   /   محلّقة إسرائيلية ألقت قنبلةً صوتية في بلدة عيتا الشعب   /   وزير الخارجية الأميركي: إلغاء تصنيف هيئة تحرير الشام في سوريا كمنظمة إرهابية أجنبية يدخل حيز التنفيذ الثلاثاء   /   حركة المرور كثيفة من ‎انطلياس حتى ‎نهر الموت بسبب تعطل شاحنة في المحلة والعمل جار على المعالجة   /   وزارة الصحة: شهيد في غارة بمسيرة إسرائيلية على بلدة بيت ليف جنوبي البلاد   /   البيت الأبيض: ويتكوف سيتوجه إلى الدوحة في وقت لاحق من هذا الأسبوع لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة   /   البيت الأبيض: ترامب يعتبر إنهاء الحرب في غزة أولوية قصوى   /   مستشفيات غزة: 42 شهيدا في غارات "إسرائيلية" على القطاع منذ فجر اليوم بينهم 22 في مدينة غزة وشمال القطاع   /   البيت الأبيض: ستجري مناقشة اتفاق وقف إطلاق النار المقترح بين إسرائيل وحماس مع نتنياهو   /   الرئيس البرازيلي: لن يطلب أحد من إيران تغيير موقفها تجاه إسرائيل ونؤمن بحل الدولتين   /   الحدث: رصد إطلاق صاروخ حوثي تجاه إسرائيل   /   القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر: نتنياهو سيبلغ ترامب أن إسرائيل لن تتنازل عن مطلب نزع سلاح حماس ونفي قياداتها   /   مصادر رئاسية للجديد: الجواب اللبناني ليس مقفلا على قاعدة "take it or leave it" بل إن كل الامور مطروحة للنقاش والاخذ والرد والاهم الوصول الى الحل فلبنان اليوم امام فرصة حقيقة يجب عدم تفويتها   /   معلومات الجديد: الزيارة فتحت نافذة ولو ضئيلة فيما يسود التكتم المقار الرئاسية الثلاثة على مضمون التعديلات التي حصلت بانتظار عودة توم باراك بعد اسبوعين على ان يتم خلال هذه الفترة استمرار النقاش مع الجانب الاميركي   /   مصادر مطلعة للجديد: باراك كان هادئا وديبلوماسيا ومستعدا للحوار والنقاش حول كل النقاط وهو سيبقى في لبنان لاستمزاج اراء القوى السياسية   /   زوار الرئيس نبيه بري لـ"الجديد": أجواء اللقاء مع توماس باراك كانت ممتازة اليوم ومتفائلون بالوصول الى اتفاق   /   وزير الخارجية السعودي: على المجتمع الدولي ضمان وصول المساعدات لغزة وحماية المدنيين   /   مصادر "الثنائي" لـmtv: الردّ الرسمي لحزب الله عبّر عنه الشيخ نعيم قاسم في كلامه الأخير بمناسبة عاشوراء أي أن "الحزب" يرفض تسليم سلاحه   /   اعلام سوري: دوي انفجار عنيف خلف مبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وسط العاصمة دمشق   /   معلومات mtv: الرئيس عون قال لبرّاك إن مسألة نزع سلاح حزب الله ستُبحث بتفاصيلها في مجلس الوزراء المخوّل اتخاذ القرار   /   مصادر مقرّبة من الحكومة لـ "الجديد": أمام لبنان فرصة حقيقية لا ينبغي إضاعتها وبري جزء أساسي في النقاش   /   

الثورة الإيرانيّة بعد 43 عاماً.. من التحدّيات إلى الفرص

تلقى أبرز الأخبار عبر :


منذ اليوم الأوَّل لانتصار الثورة الإيرانية في العاشر من شباط/فبراير 1979 وحتى هذه اللحظة، لم تتوقّف مظاهر الاستهداف، ولا يبدو أنها ستتوقف وتختفي، وفقاً للوقائع الماثلة على الأرض

  • مفجّر الثورة الإيرانية وقائدها الإمام الخميني يعدّ واحداً من أبرز الشخصيات في التاريخ المعاصر

    من الصّعب جداً، بل من غير الممكن، قراءة مسيرة الثورة الإسلامية الإيرانية وتحليلها بعد 43 عاماً على انتصارها التاريخي الكبير بزعامة الإمام الراحل روح الله الموسوي الخميني من زاوية واحدة أو انطلاقاً من عنوان واحد، وإهمال الزوايا والعناوين والجوانب الأخرى، فلا شكّ في أنّ قراءة كهذه لن تكون موضوعية وشاملة، ولن تستوعب كمّاً كبيراً من التحديات المختلفة الأشكال والمظاهر والمضامين على مدى أكثر من 4 عقود من الزمن.

    في الإطار العام، يمكن الإشارة إلى جملة من الحقائق التي شكَّلت بمجملها صورة الثورة - الدولة الإيرانية اليوم، والتي تتمثل بما يلي:

    أولاً: استطاعت الثورة مواجهة تحديات كبيرة وخطرة وتجاوزها طيلة أعوامها الثلاثة والأربعين، ونجحت بالبقاء والصمود. وأكثر من ذلك، نجحت ببناء دولة لها ثقلها وحضورها وعمقها وتأثيرها في محيطها الإقليمي وعموم الفضاء الدولي. بعبارة أخرى، نجحت بتحويل الكثير من التهديدات والتحدّيات إلى فرص وإنجازات.

    ثانياً: تمكَّنت من بناء نظام سياسي متميّز يختلف في العديد من خصوصياته وميزاته عن أغلب الأنظمة السياسية القائمة في عالم اليوم، من خلال المزاوجة بين آليات المفاهيم السياسية المعاصرة ومناهجها وسياقاتها، كالديمقراطية والتعددية وتداول السلطة وحرية التعبير والعمل السياسي، وقيم الدين الإسلامي ومبادئه، والتي شكّلت هُويتها الأساسية.

    ثالثاً: استطاعت التوفيق بين الثوابت الوطنية والدينية ومصداقية الشعارات التي رفعتها من جهة، والمصالح والاعتبارات السياسية والأمنية والاقتصادية التي ينبغي الاهتمام بها وعدم إهمالها، في ظلِّ واقع إقليمي ودولي لا يحتمل انعزال أي من مكوناته وانكفاءها، من جهة أخرى.

    رابعاً: أفردت حيزاً كبيراً جداً من الاهتمام بقضايا الشعوب والأمم والمجتمعات المستضعفة والمضطهدة، ليس في نطاق العالم الإسلامي فحسب، إنما خارجه أيضاً، رغم أنَّ هذا الاهتمام كلَّفها الكثير من الاستحقاقات والتبعات التي تبلورت وتجلت بصورة حروب وعقوبات وحصار ومؤامرات واغتيالات وتصفيات. 

    ومنذ اليوم الأوَّل لانتصار الثورة الإيرانية في العاشر من شباط/فبراير 1979 وحتى هذه اللحظة، لم تتوقّف مظاهر الاستهداف المشار إليها، ولا يبدو أنها ستتوقف وتختفي، وفقاً للوقائع الماثلة على الأرض.

    ورغم أنَّ هناك عوامل وظروفاً وأسباباً عديدة مختلفة ساهمت في إرساء أسس الثورة الإيرانية وترسيخ مبادئها وثوابتها بهويتها الإسلامية والإنسانية والعقائدية، فإنَّ الدور الأكبر كان لزعيمها وقائدها ومفجّرها الإمام الخميني (1902-1989)، الذي أطلق شرارة الثورة من المدرسة الفيضية في مدينة قم المقدسة في العام 1963 بخطاب مجلجل ضد نظام الشاه محمد رضا بهلوي، الذي كان في ذلك الحين في أوج قوته وسطوته، بفضل الدعم الأميركي والبريطاني الكبير.

    ولا شكّ في أنَّ مفجّر الثورة الإيرانية وقائدها الإمام الخميني يعدّ واحداً من أبرز الشخصيات في التاريخ المعاصر التي أسهمت في إيجاد نهضة إنسانية عالمية، عبر حركة جهادية بعناوين ومظاهر متعددة امتدّت إلى ما يقارب 6 أو 7 عقود من الزمن. ولم يكن الإمام مجرد زعيم سياسي هدفه الوصول إلى السلطة والحكم بقدر ما كان مصلحاً عالمياً كبيراً، قاد مشروعاً شاملاً للتغيير والإصلاح. 

    ومن الطَّبيعي أنَّ تحليل ماهية مفردات الثورة الإيرانية ومفاهيمها، وإجراء مقاربات بينها وبين مفردات ومفاهيم منظومات ثقافية وفكرية أخرى، يمكنهما أن يساهما في إجلاء الجانب الآخر من صورتها، والذي لم يكن واضحاً بما فيه الكفاية للَّذين كانوا يراقبون تفاعلات الوقائع والأحداث من بعيد، ولم تتَح لهم الفرصة للاقتراب من مسرحها.

    إنَّ فكر مفجّر الثورة وشخصيته ساهما إلى حد كبير في استجلاء صورة الواقع بدقّة ووضوح، إذ لا يمكن للمتابع أو الباحث الوقوف على حقائق الثورة الإيرانية وتشخيصها بدقة ما لم يتوقف على الخطاب المتعدد الأبعاد والجوانب الذي تبناه الإمام الخميني منذ الانطلاقة الحقيقية لحركته الشاملة في العام 1963 وحتى رحيله في العام 1989ØŒ وحتى بعد رحيله؛ ذلك الخطاب الذي شكَّل ثوابت النظام السياسي الإسلامي في إيران ومبادئه والإطار العام لمنهج محور المقاومة. 

    ولعلَّ شمولية الثورة الإيرانية وعالميتها ارتبطت بشمولية شخصية الإمام الخميني وعالميتها، والتي جعلته دائم التأثير والحضور في المشهد العالمي، بأبعاده السياسية والفكرية والثقافية والإنسانية، وملهماً للكثيرين، حتى أتباع الديانات الأخرى غير الإسلامية وأصحاب الأفكار والنظريات والآراء البعيدة عن الفكر الإسلامي. 

    ويصف القس المسيحي الماروني يوحنا عقيقي الإمام الخميني بأنه "كان عنصراً فاعلاً ومؤثراً للغاية، وشخصية بارزة صانعة للتاريخ. وقد استطاع أن يغيّر مخططات الجغرافيا السياسية المهيمنة على منطقة الشرق الأوسط، وهو - أي الإمام الخميني - لم يحيِ البعد الروحي فقط، بل والبعد الانساني أيضاً، وليس للشعب الإيراني وحده، إنما للإنسانية بأسرها أينما وجدت".

    ويقول وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، وهو الذي يعدّ من أبرز الشخصيات المؤثرة في المنظومة السياسية والفكرية المعادية للثورة الإيرانية وزعيمها: "لقد جعل آية الله الخميني الغرب يواجه أزمة حقيقية في التخطيط. كانت قراراته مدوّيةً كالرعد، بحيث لا تدع مجالاً للساسة والمنظرين السياسيين لاتخاذ أيّ فكر أو تخطيط. لم يستطع أحد التكهّن بقراراته بشكل مسبق. كان يتحدَّث ويعمل وفقاً لمعايير أخرى تختلف عن المعايير المعروفة في العالم، كأنه يستوحي الإلهام من مكانٍ آخر. إنَّ معاداته للغرب نابعة من تعاليمه الإلهية. وقد كان خالص النية في معاداته أيضاً".

    ولأنَّ الإمام الخميني أقام في العراق، وتحديداً في مدينة النجف الأشرف، ما يربو على 13 عاماً من مسيرة رحلته القسرية في المهجر، أي منذ العام 1965 وحتى العام 1978، ولأنَّ هناك الكثير من القواسم الدينية والثقافية والاجتماعية والتاريخية والجغرافية المشتركة، فضلاً عن إفرازات الثورة الإيرانية واندلاع الحرب بين العراق وإيران بعد حوالى عام ونصف العام على انتصارها، فإنَّ صدى الثورة وانعكاساتها وصلت إلى العراق سريعاً، ما لم تكن بعض مقدماتها تبلورت ونضجت في الأساس منها.

    وقد كان معبّراً وعميقاً جداً وصف المفكّر الإسلامي الكبير الشهيد السيد محمد باقر الصدر لانتصار الثورة الإيرانية، بقوله: "إن الإمام الخميني حقَّق حلم الأنبياء". إلى جانب ذلك، إنّ الدستور الإيراني بعد انتصار الثورة استوحى مجمل مضامينه وأفكاره من كتاب الشهيد الصدر المعنون "لمحة فقهية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية"، والذي أنجزه قبل فترة زمنية قصيرة من انتصار الثورة، وتمت ترجمته إلى اللغة الفارسية، وانتشر على نطاق واسع بين الأوساط الحوزوية، وحظي باهتمام كبير من النخب السياسية والعلمائية والأكاديمية الإيرانية، تجلّى من خلال الصياغة النهائية للدستور الإيراني.

    ولا شك في أنَّ التأييد المعلن والصريح من الشهيد الصدر للثورة الإيرانية وقائدها الإمام الخميني دفع نظام حزب البعث في العراق حينذاك إلى الإسراع بإنهاء وجوده، وهو ما حصل بالفعل، حين تم تنفيذ حكم الإعدام به مع شقيقته السيدة آمنة الصدر (بنت الهدي) في الثامن من نيسان/أبريل 1980. 

    ومع استمرار دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإسنادها للمعارضة العراقية في نضالها ضدّ نظام الحكم في بغداد، ازدادت الوشائج والروابط، وتنامى تعاطف العراقيين مع الثورة والدولة في إيران، رغم ما أفرزته وخلّفته حرب الأعوام الثمانية (1980-1988) من مشاكل وأزمات عميقة بين البلدين. 

    وبرزت نتائج تلك الوشائج والروابط ومعطياتها وثمارها بعد إطاحة نظام صدام في ربيع العام 2003، إذ كانت إيران في مقدمة الدّول التي اندفعت وسارعت إلى الانفتاح على العراق وتقديم الدعم له في شتى المجالات، والسعي الجاد لمعالجة القضايا والملفات العالقة معه.

    كان هذا التوجّه جزءاً من سياسة إيران الخارجية التي تبنّت مبدأ الانفتاح والتواصل مع مختلف الأطراف، بما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، ويكرس المصالح المتبادلة، ويعالج الأزمات المتشابكة. ومما لا يختلف عليه اثنان هو أن الجهورية الإسلامية الإيرانية نجحت إلى حدّ كبير جداً في بناء علاقات متوازنة مع محيطها الإقليمي، رغم أجواء الحروب والصراعات الدموية ومناخاتها، وكذلك نجحت ببناء علاقات متوازنة مع مختلف أطراف المجتمع الدولي، ولا سيما المهمة منها، كالاتحاد الأوروبي واليابان وروسيا والصين، واضطلعت بأدوار إيجابية في معالجة أزمات ومشكلات غير قليلة، وأفلحت في إحباط الكثير من المؤامرات والمخططات الهادفة إلى زعزعة استقرارها الداخلي وإقحامها في دوامة صراعات مع هذا الطرف أو ذاك، من أجل إضعاف قدراتها وإمكانياتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية، وبالتالي باتت تمثل لاعباً فاعلاً ومؤثراً، ليس على الصعيد الإقليمي فحسب، إنما على الصعيد الدولي أيضاً، وباتت تشكل رقماً صعباً في المعادلات السياسية، لا يمكن بأيِّ حال من الأحوال تجاوزه أو تجاهله أو القفز عليه.

    هذا النجاح هو في الواقع جزء من النجاح في التوفيق والمزاوجة بين ثوابت الثورة ومبادئها وبناءات الدولة وسياساتها، وتلك مهمة لم تكن سهلة ويسيرة في خضم بحر متلاطم من المصاعب والتحديات والمؤامرات، بيد أنَّ المقدمات والأسس الصحيحة أفضت إلى نتائج ومخرجات سليمة.

    وفي مقدّمة مذكرات السيد علي الخامنئي الصادرة باللغة العربية تحت عنوان "إنّ مع الصبر نصراً"، نجد صورة إجمالية للثورة وقائدها بالقول: "لقد جمع هذا الرجل الكبير - في إشارة إلى الإمام الخميني - كلّ ما يحقق النصر لمشروع الثورة.. أصالة ومعاصرة، ودعوة إلى العزة والعدالة، ونصرة المستضعفين، ومقارعة المستكبرين، والاعتماد على الجماهير والثقة بها، ورفض كلّ عمليات الإذلال والاستضعاف والهيمنة الأجنبية، وكلّ ما يؤدي إلى الهزيمة النفسية وتزلزل الثقة بالنفس... من هنا، كان لانتصار هذه الثورة، ولا يزال، صدى عميق في نفوس الشعوب التواقة إلى حياة أفضل، فقد أيقظت جماهير أُريد لها أن تغطّ في سبات عميق، وأحيت نفوساً كاد يغلب عليها اليأس من عودة الإسلام إلى الحياة".