حمل التطبيق

      اخر الاخبار  الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائدا في قوة الرضوان التابعة لحزب الله أمس في منطقة دير كيفا جنوبي لبنان   /   نائب وزير الخارجية الروسي: سنستعد للأسوأ وسنواصل ضمان قدراتنا الدفاعية في ظل خطط النيتو لزيادة الإنفاق الدفاعي   /   مسيّرة إسرائيلية تُحلق عل علو منخفض في أجواء مرجعيون جنوبي لبنان   /   إعلام نقلا عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: طهران لم ترسل أي طلب للقاء مسؤولين أميركيين   /   شركة اماراتية تنقل للرئيس عون رغبتها المساهمة بتنفيذ مشاريع حيوية في لبنان   /   التحكم المروري: حركة المرور كثيفة من الكرنتينا باتجاه الدورة وصولاً الى نهر الموت   /   وسائل إعلام مصرية: مصرع 4 أشخاص من موظفي الشركة المصرية للاتصالات جراء حريق سنترال رمسيس أمس   /   الخارجية الألمانية تستدعي السفير الصيني بسبب استهداف المهمة أسبيدس   /   شركة أمبري البريطانية: تعرض سفينة لهجوم ما زال مستمرا على بعد 51 ميلا بحريا غربي الحديدة باليمن   /   وول ستريت جورنال عن مصادر: ترامب أكد لزيلنسكي أن واشنطن سترسل أكبر قدر ممكن من المساعدات العسكرية لأوكرانيا   /   مراسل الأفضل نيوز: مسيرة إسرائيلية معادية قامت بإلقاء قنبلة صوتية بإتجاه بلدة الضهيرة الحدودية   /   البورصة المصرية تقرر تعليق التداول اليوم بعد نشوب حريق في مركز بيانات رئيسي بالقاهرة   /   إعلام إسرائيلي: ترامب يسعى لإتمام اتفاق بين سوريا وإسرائيل بضمانات أميركية   /   أبو عبيدة: إن القرار الأكثر غباءً الذي يمكن أن يتخذه نتنياهو سيكون الإبقاء على قواته داخل قطاع غزة   /   أبو عبيدة: معركة الاستنزاف التي يخوضها مقاتلونا مع العدو من شمال القطاع إلى جنوبه ستكبده كل يوم خسائر إضافية   /   إذاعة الجيش الإسرائيلي: العبوات الناسفة هي التهديد الأول لقواتنا وأكثر من 70% من الجنود قتلوا جراءها خلال الأشهر الأخيرة   /   إذاعة الجيش الإسرائيلي: المسلحون الفلسطينيون في قطاع غزة يزرعون العبوات الناسفة في الطرقات وداخل المباني   /   أفادت احصاءات غرفة التحكم للحوادث بسقوط 8 جرحى في 8 حوادث سير تم التحقيق فيها خلال الـ 24 ساعة الماضية   /   وزير الأمن القومي الإسرائيلي: أدعو نتنياهو إلى إعادة وفد التفاوض من الدوحة وعلينا سحق من يقتل جنودنا لا التفاوض معه   /   تحقيق أولي للجيش الإسرائيلي: تم إرسال المزيد من فرق الإنقاذ لإجلاء المصابين   /   وسائل إعلام إسرائيلية: مروحيات سلاح الجو تطلق النار في مكان الحدث الأمني شمال قطاع غزة   /   ‏القناة 12 الإسرائيلية: سكان مدينة سديروت في غلاف غزة الشمالي يبلغون عن دوي انفجار في المنطقة وانقطاع الكهرباء   /   وسائل إعلام إسرائيلية: إصابة 10 جنود من على الأقل في حدثين صعبين داخل قطاع غزة   /   القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤولين: هناك الكثير مما يجب توضيحه بالمفاوضات ويتم تبديد الخلافات تدريجيا   /   القناة 12 عن مسؤولين إسرائيليين: مفاوضات الدوحة تشهد تقدما ونعمل على تفكيك النقاط الخلافية   /   

الكهرباء والمقهى وما بينهما

تلقى أبرز الأخبار عبر :


هالة جعفر

خاص الأفضل نيوز

بعدَ عودةِ العامِ الدراسيِّ في ظلِّ الانهيارِ الإقتصاديِّ والصحيِّ الذي يمرُ بهِ لبنانُ منذُ ما يقربُ من ثلاثِ سنواتِ، وارتفاع أسعارِ المحروقاتِ بعدَ أن ألغت الحكومةُ الدعمَ بشكلٍ كاملٍ، وأصبحتْ تكلفتهُا الانَ تعادلُ نصفَ الحدِّ الادنى للأجور، ممّا جعلنَا نرى مشهداً غيرَ مألوفٍ بين الطلابِ الذين يواجهونَ معضلةَ، نتيجةَ انقطاعِ التيارِ الكهربائيِّ وارتفاعِ تسعيرةِ الاشتراكِ، الامرُ الذي أدى سريعاً إلى زيادةِ ساعاتٍ على التقنين، ما دفعَ العديدَ من العائلاتِ للتخلي عن اشتراكِ الكهرباء. كما أدَّى ضعفُ الإنترنت إلى اشتراكِ الطلابِ في خدمةِ الإنترنت الاضافيةِ عبر هواتفهم، الامرُ الذي يفرضُ أعباءً ماليةً إضافيةً على كاهل أهلهم. وعلى الرغمِ من قسوةِ الظروفِ الحاليةِ، لا يزالُ العديدُ من المواطنينَ متمسكينَ بفكرةِ وجودهم في الوطنِ الام، وما زالوا يصرونَ على استكمالِ واجباتهم العمليةِ والاكاديميةِ فيه، وجعلهم يتأقلمونَ مع الوضعِ الحاليِّ رغمَ التحدياتِ الكبيرةِ التي يواجهونها على كافةِ المستوياتِ، وهذا ما دفعهم إلى استخدامِ بعضِ الوسائلِ البديلةِ.
لذلكَ نرى أن بعضَ أولئكَ الذين يعيشونَ بجوارِ عمودِ الكهرباءِ، على سبيلِ المثالِ، ينتظرونَ اللحظةَ التي يضيءُ فيها العمودُ  Ù„يهرعوا إلى الشرفةِ مع كتبهم حتّى يتمكنوا من الدراسةِ قدرَ المستطاعِ تحتَ هذا الضوءِ. دونَ أن ننسى الشمعَ الذي زادَ الطلبُ عليه مؤخراً، واستخدامَ الهاتفِ الخلوي للإنارةٍ أيضاً، في حين أن البعضَ الاخر الذي يعتبرُ ميسورَ الحالِ اعتمدَ شراءِ يو بي أس كحلٍ مؤقتٍ. كما قررَ بعضهم الاشتراكَ في بعضِ الاماكنِ التي تساهمُ في تقويةِ الطلابِ أو المكتباتِ العامةِ، حتى يتمكنوا من إنهاءِ دراستهم اليوميةِ.
رغمَ أن كلَّ هذه الامورِ غريبةٌ ولم نرهَا من قبلُ، الا أن أغربَ ما في الامرِ هو من لجأَ إلى المقاهي كمكانٍ للدراسةِ بسببِ وفرةِ الكهرباءِ وخدمةِ الإنترنت المجانيةِ. وعلى الرغمِ من عدمِ السماحِ للكثيرينَ بالخروجِ في الاجازاتِ للقاءِ رفاقهم، الا أن هذا الامرَ أصبحَ متاحاً اليوم، بحجةِ الدراسةِ وإتمامِ الواجباتِ اليوميةِ.
هذه الظاهرةُ، كما يتخيلُ البعضُ، ليست أزمةَ كهرباءَ فقط، بل هي أكثرُ من ذلكَ. هذه الظاهرةُ سيكونُ لها تأثيرٌ اجتماعيٌّ سلبيٌّ كبيرٌ في وقتٍ لاحقٍ.
المؤسساتُ التعليميةُ، كما عرفنَا دائماً، لديهَا قوانينُ ومحرماتٌ. الدخولُ إليها يتطلبُ سؤالًا، والخروجُ منها لا يتطلبُ فقط إذناً من الادارةِ، ولكن أيضاً من وليِّ الامرِ. ومن بينِ هذه القوانينِ، لا يجوزُ دخولُ هذه المؤسساتِ لمن لا عملَ فيها. هذه القوانينُ تجعلنا نقفُ أمامَ الآفةِ الاجتماعيةِ التي أصابت طلابنا حيثُ إن ما لا يُسمحُ به في المدرسةِ والمنزلِ مباحٌ اليوم بحجةِ الكهرباءِ. وإدراكاً منا للخطرِ الذي يمكنُ أن يهدِّدَ طُلابنا لاحقاً من خلالِ ترددهم على المقاهي باستمرارٍ، كان علينا أن نلفتَ انتباه أولياء الامورِ بشأنِ هذه المسألةِ. وهنا لا نتحدثُ عن طلابِ الجامعة، لكن عن أولئكَ الاصغرِ سناً وأقلَّ وعياً بعدُ لبلوغِ هذه المرحلةِ من الاستقلاليةِ إلى حدِّ تعبيرٍ، هنا نتكلمُ عن طلابِ المراحلِ المتوسطةِ والثانويةِ. هذه الظاهرة،ُ ومن لا يعلمُ، ستجعلُ المحظورَ بطريقةٍ أو بأخرى جائزاً على الرغمِ من براءةِ الهدفِ وأهميته. فإن المقاهي ليست المنزلَ، وهي بعيدةٌ كلَّ البعدِ عن مفهومه، فهي مكانٌ مصغرٌ عن الشارعِ، حيثُ يدخلُ إليها من نسمحُ لهم بالدخولِ إلى منازلنا ومن نمنعُ أيضاً دُخولهم.
الطلابُ في هذه الاعمارِ، أي سنواتِ المراهقةِ، لديهم حساسيةٌ مفرطةٌ في التعاملِ مع الاشياءِ التي قد تحدثُ لهم خارجاً والتي غالباً ما يخافُها الآباءُ ويحاولُ المراهقونَ إخفاءَها، خاصةً في الوقتِ الحاضرِ، وهوَ ما يعتبرُ من أكثرِ الأيامِ خطورةً وصعوبةً من الناحيةِ الاخلاقيةِ. التدهورُ الاخلاقيُّ في المجتمعِ أصبحَ متسللاً إلى العائلاتِ مثلَ أيِّ مرضٍ خبيثٍ، علاجُهُ مكلفٌ والنجاةُ منهُ صعبة. إنه يُغرقهم في دوامةٍ من الصراعاتِ البربريةِ والافكارِ المنحطَّةِ التي تزعزعُ البنيةَ الاخلاقيَّةَ التي يكافحُ الاباءُ لتخصيصها لأبنائهم. الاباءُ والامهاتُ يبذلونَ قُصارى جُهدهِم لمساعدةِ أبنائِهِم، لكنَّ هذهِ الوسيلةَ ليست حلَّاً لتقديمها لهم أو حتَّى السَّماحِ بها دون وجودِ أحدِ الوالدين معهم كمراقبٍ، بل هي خطرةٌ. عادةً، يعيشُ الاهلُ بدوامةٍ كبيرةٍ ليتمكَّنوا من بذل ما بوسعهم لدعمِ ومساندةِ أبنائهم من خلالِ التحدثِ معهم لمحاولةِ معرفةَ قدرِ المستطاعِ  Ù…ا يمرونَ به أثناءَ المدرسةِ مع معلميهم وأصدقائهم، وحتى زياراتِ أقاربهم. ماذا لو زادتْ يومياتُ مقهىً منها؟
كم عائلةً تعيشُ في حالةِ خوفٍ من الشَّارعِ ومن رفاقِ السوءِ وماذا قد ينتجُ عنهم مثلاً؟
أمَّا من يتساءلُ كيف يمكنهُ إيجادُ حلٍّ بأقلِّ ضررٍ، فيمكنهُ أن يسألَ نفسهُ سؤالا بسيطاً، وإذا لم يجدْ إجابةً لهُ يمكنهُ اصطحابُ أبنائهِ في زيارةٍ عائليةٍ تمكِّنُهُ من التخلًّصِ من بعضِ الشوائبِ من خلالِ سؤالٍ يطرحُه على والديه وأجدادِه.
كيفَ عاشَ أسلافنا ودرسُوا وازدهرُوا وعملُوا وكافحُوا بدونِ كهرباءَ وسياراتٍ وهواتفَ؟ وفي أصعبِ المراحل التي كانت أيضاً أثناءَ الحربِ؟ 
لا يتعيَّنُ علينا الرجوعُ إلى الوراءِ كحلٍّ، ولا يتعيَّنُ علينا أيضاً الالتزامُ بكلِّ ما هو متاحٌ من خلالِ اعتمادهِ كحلٍّ أيضاً. وإذا أردنا أن نبقى في هذا البلدِ بعيوبِه حتَّى الانفراجِ فعلينا أن ندركَ تمامَ الادراكِ أننا نعيشُ في أزمةِ حربٍ ضِدَّنا، سواءٌ كانت من السلطةِ أو من الخارجِ، وعلينا إنقاذُ أنفسِنا وأبناءِنا، من هذه الفوضى العارمةِ التي تجتاحُ االبلدَ ببدائلَ تعتمدُ على إحتواءِ وتوحيدِ عائلاتنا بعيداً عن الخطرِ ومصدرِ التهديدِ حتى لو كانت تلكَ البدائلُ بدائيةً.