حمل التطبيق

      اخر الاخبار  مراسل "الأفضل نيوز": ألقت مسيرة معادية قنبلة صوتية بالقرب من منزل عند اطراف بلدة كفركلا   /   القناة ١٢ الإسرائيلية عن سموتريتش: لم أقل إنني لن أستقيل لكن لن أتحدى رئيس الوزراء خلال زيارته المهمة لواشنطن   /   شهيد باستهداف سيارة رابيد في دير كيفا   /   إذاعة الجيش الإسرائيلي: الجيش استهدف مركبة في دير كيفا جنوبي لبنان على بعد 20 كيلومترا من الحدود   /   الرئيس الإيراني: خامنئي يعتقد أنه بإمكان المستثمرين الأميركيين القدوم إلى إيران   /   مراسل "الأفضل نيوز": غارة من مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارة رابيد في بلدة دير كيفا   /   رويترز عن الجيش الأوكراني: قصفنا مصنعا كيميائيا في موسكو   /   سلام: حتى إشعار آخر معلوماتي تقول إن الشيخ نعيم قاسم ملتزم بالطائف وبترتيبات وقف العمليات العدائية التي تم التوصل إليها والتي أكّدنا عليها في البيان الوزاري ومنها حصر السلاح وصوّت عليه نواب حزب الله   /   سلام: حصرية السلاح وبسط سلطة الدولة على أراضيها أمر توافق عليه اللبنانيون منذ اتفاق الطائف   /   سلام: نؤكد على حصرية السلاح في يد الدولة اللبنانية   /   سلام: حزب الله جزء لا يتجزأ من الدولة اللبنانية   /   رئيس الوزراء اللبناني: طلبنا إحياء لجنة تنسيق وقف الأعمال العدائية وتطبيق القرار 1701   /   رئيس الوزراء اللبناني: بحثنا أفكارا تتعلق بخطوات متلازمة ما بين الانسحاب الإسرائيلي وسحب سلاح حزب الله   /   رئيس الوزراء اللبناني: لا بد من الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية والوقف الكامل للأعمال العدائية   /   رئيس الوزراء اللبناني: المبعوث الأمريكي قدم ورقة لتنفيذ آليات اتفاق وقف الأعمال العدائية   /   توماس باراك: اللقاء مع الرئيس بري كان ممتعًا لا سيما أننا نتفاوض مع متمرس بالعمل السياسي وأخذنا بعين الاعتبار كل هواجس اللبنانيين   /   توماس باراك للـ NBN حول اللقاء مع الرئيس بري: عندما نتعامل مع محترف تصبح الأمور أسهل وأنا متفائل ومتشجع   /   الموفد الأميركي توم براك يلتقي وزير الخارجية يوسف رجّي في هذه الأثناء   /   الرئيس الإيراني: مستعدون لاستئناف المفاوضات مع ‎أميركا   /   رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية: العدو يتوهم أنه قادر على إيقاف تقدمنا بقصف منشآتنا النووية وهذا لن يتحقق   /   رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية: العدو يتوهم أنه قادر على إيقاف تقدمنا بقصف منشآتنا النووية وهذا لن يتحقق   /   مدير مكتب الميادين في بيروت روني ألفا للزميل ناصر: كلمتك تخيف الاحتلال اكثر من الرصاص وانت شاهد على جريمة الاحتلال بحق الحرية ولن نساوم على الكلمة ولن نبدل لغة الحقيقة   /   الميادين تنظم وقفة تضامنية مع مدير مكتبها في فلسطين المحتلة ناصر اللحام المعتقل لدى سلطات الاحتلال   /   بري: الاجتماع مع بارّاك كان جيًدًا وبنّاءً وآخذًا في الاعتبار مصلحة لبنان ومطالب حزب الله   /   بن غفير: الصفقة المطروحة حاليا مع حماس خطيرة وتهدد أمن دولة إسرائيل وتقدم لحماس ما لم تحققه في المعارك   /   

فسادُ الإدارة المزمنُ في لبنان... بئرٌ بلا قرار.. الدوائرُ العقاريةُ مثال..

تلقى أبرز الأخبار عبر :


 

ممتاز سليمان - خاصّ الأفضل نيوز

 

حكايةُ الفساد مع الإدارة في لبنان هي حكايةٌ قديمةٌ ومتجذرة، تعود إلى ما قبل ولادة دولة لبنان الكبير في عشرينيات القرن الفائت.

 

فمنذُ ما قبل عهد المصرفية، والقائمقاميتين كانت ثقافةُ الفساد موجودةً ومنتشرة، وقبل ذلك إبان حكم السلطنة العثمانية، إذ لا تزالُ بعض التعابير والمصطلحات التي تدلُّ على الفساد والرشوة متداولةً ومستمرة حتى يومنا هذا كمصطلح برطيل التركي الذي يختصرُ كلَّ معاني الرشوة والفساد.

 

لم ينشأ الكيان اللبنانيُّ على أسسٍ ثابتةٍ تحكمها سيادةُ القانون والمؤسسات ،بل كان نتاجَ تسوياتٍ خارجيةٍ أو مواثيقَ طائفية، فقبل الإستقلال شكلت فرنسا الدولةَ المنتدبة الكيان، ملحقةً به الأقضية الأربعة في البقاع والشمال وبيروت والجنوب، بشكلٍ مصطنع ما جعل الصراعَ يمكثُ طويلا بين انتماء أهل تلك الأقضية للداخل ام للجوار ، وهو ما تبلور لاحقا في الميثاق الوطنيِّ غداةَ إعلان الاستقلال وخلاف الهوية التي تمخَّضَ عنه بين الشرق (البلاد العربية) والغرب (أوروبا وأميركا) .

 

هذا فضلا عن أنَّ الميثاقَ كان ذا صبغة طائفية بين المسيحيين والمسلمين كطوائف ومذاهب، لا بين مكونات سياسية وأحزاب بهدف بناء دولة ، وبالتالي كانت نظرةُ العائلات الروحية نحو الدولة والإدارة تحديدًا نظرةَ الغنيمة مع الرغبة بالاستفادة من عطاياها من خلال حشو الأزلام والمناصرين والمحاسيب.

 

هذه النظرة الخاطئة للإدارة كانت محفزًا وبيئةً خصبةً لنموِّ الرشوة والفساد، تعززت على مدى العقود حتى تاريخنا الحاضر، وما ساهم في ديمومتها فقدانُ المحاسبةِ والعقاب وفقَ ما سبق وأثرناه في مقال سابق حول ثقافة الإفلات من العقاب السائدة دائما وأبدا.

 

بعد الطائف عُرفت محاولةٌ يتيمةٌ لمحاولة تنظيف الإدارة مع ما اصطلح على تسميته بالتطهير الإداريِّ صيف العام 1993، بهدف تنقية القطاع العام من الفاسدين، ولكن ما لبث أن أعلنَ فشله نتيجةَ ضغوطات القوى السياسية الطائفية التي أخذت كلَّ واحدة منها تضغط تجاه إعادة موظفيها المفصولين، كون أولئك يشكلون ركيزتها في الإدارة.

 

واستمرَّ الأمرُ على هذا المنوال والفساد والرشوة والمحسوبية تنخر جيد الإدارة اللبنانية على اختلاف قطاعاتها حتى بات الفسادُ هو القاعدةُ والنزاهة الإستثنائية، حتى أنَّ وجودَ موظف نزيه هنا وهناك أصبح مدعاةً للتعجب وغالبا ما يطلقون عليه لقب "غشيم" أو "معتر" ، ولا تكون له أيةحظوظ في استلام مراكز هامة.

 

سنتطرق في ضرب الأمثلة إلى أمانات السجلِّ العقاريِّ في الجوالة اللبنانية، ولنتأمل جيدا في هذا التوصيف الذي أطلقه المشرع واصفًا الإدارة بالأمانة والموظف بالأمين، مع ما يفترضُ أن يحملَ من معاني النبل والشرف والنزاهة والحرص على المال العام، لتجدَ الواقعَ مغايرًا ومعاكسًا تماما.

فأماناتُ السجلِّ العقاريِّ في مختلف المناطق تحولت إلى أوكارٍ للفساد المعشش المزمن، وعلى *عينك يا دولة* ويا تفتيش، ففاضت بالسماسرة والأزلام الذين تغصُّ بهم غرفها وأروقتها، وصار الحضور إليها كمن يخوضُ غمارَ بحرٍ لجِّيّ، حتى إذا غضب الله على أحد المواطنين ورغب بمحاولة إنجاز معاملة ما بنفسه ليخرج مصابا بصداع نصفيٍّ وشبه جنون، لأن لا أحد سيردُّ عليه أو يلقي له بالاً.

 

 ÙØ§Ù„سيستم الراكب معروف بين السماسرة ومعقبي المعاملات مع أمناء السجلِّ وباقي الموظفين، بحيث أنَّ المعاملةَ ستمرُّ بقنوات وموظفين حتى تصلَ إلى أمين السجل، وقد تستغرقُ المعاملةُ الناشفة أو غير المتبناة من سمسار شهورًا لأنَّ كلَّ موظف سيطرحها جانبا على الرفّ - هذا اذا لم تفقد - في حين تجد المعاملات ال vip تسير بين المكاتب بإنسيابية وثبات لأن الموظف قد قبض المعلوم.

 

إن أكبرَ خطر على الإدارة عامة يتمثل في عصابات السماسرة وبعض الموظفين الذين يسيطرون على غالبية المعاملات العقارية وبالقوة بحيث لا يجد المواطن بدًّا من توكيل سمسار بمعاملاته طبعا بعدما يُهمسُ في أذنه من قبل الموظفين مرارا وتكرارا ما إلك إلا فلان أو علان لتخلص معاملتك.

وفلان وعلان من السماسرة يتعامل مع الموظفين كشركاء بالنصّ وتفتح أمامه السجلات والكمبوترات والمستودعات وله الأفضلية على غيره من المحامين والمواطنين، ولتنظر الدولة أو التفتيش أو ما سواه في ثروات ومستوى معيشة بعض الموظفين في الدوائر العقارية أو رؤساء المكاتب أو أمناء السجلِّ وتسألهم من أين لكم هذا؟! وهل تتناسب معيشتهم ومستواهم الراقي مع راتبهم الشهري!!

بعيد الأزمة ازداد الترهل والتراخي فتحول بعض الموظفين أنفسهم إلى معقبين للمعاملات العقارية على حسابهم تاركين مئات المعاملات جانبا، متسببين بفوضى عارمة في أروقة الدوائر.

 

مؤخرًا بدأت محاولةُ محاسبةٍ جدية تمخضت عن توقيف معظم العاملين في هيئة تسجيل السيارات والآليات في بيروت وتوقيف مديرها العام ، كما وجرت محاولة للتنظيم في أمانة السجل العقاريِّ في بعبدا ،حيث مُنع السماسرة من الدخول، على أمل أن تستمرَّ هذه الحملات لتنقية واستقامة العمل الإداري في هذا القطاع الحساس.

 

وأخيراً وبما أن التعميمَ لا يقارب المنطق والعقل ولأنها إن خليت خربت، لا بدَّ من الإشارة إلى وجود بعض الموظفين على قلتهم ومن بينهم أمناء سجل ورؤساء مكاتب يعملون بضمير ووفقاً للأصول، فتجد مثلا امينة سجل تداوم على رأس عملها من الإثنين إلى الجمعة حتى ساعات متأخرة في سبيل تسيير وتسهيل معاملات المواطنين، وتستقبل كلَّ مراجع شخصيًّا في مكتبها دون تأفف أو انزعاج.

 

 Ù‡Ø°Ù‡ النماذج ينبغي الإضاءة عليها وتشجيعها وتكريمها لنصل إلى يوم لا يعتبر فيه ولوج باب الإدارة من مواطن كمن يركب المجهول، وعلى أمل وضع حدٍّ لتلك المغر والكهوف المظلمة وهدمها ليبنى على الشيء مقتضاه.