حمل التطبيق

      اخر الاخبار  مراد: التمسك بالعروبة وتطبيق الطائف هو الطريق إلى إنقاذ الوطن   /   ‏وزير الخارجية الإيراني يعبر عن شكره للسعودية على موقفها في إدانة الضربات الإسرائيلية   /   ‏ولي العهد السعودي: نؤكد موقف المملكة الداعم للحوار كسبيل لتسوية الخلافات   /   ولي العهد السعودي يلتقي وزير الخارجية الإيراني ويستعرضان العلاقات الثنائية   /   ‏مصادر لشبكة سكاي نيوز: الضغط الأميركي على إسرائيل بدأ وسيكون الليلة شديدا   /   الشيخ قاسم: حزب الله كيان قائم ومقاوم وهو الأكبر في لبنان وليس السلاح سبب بقائه بل السلاح سبب بقاء لبنان قويا   /   الخارجية الأميركية: ترامب وروبيو أكدا بأن حماس لا يجب أن تكون جزءًا من مستقبل غزة   /   الشيخ قاسم: نحن مع استمرار عمل "اليونيفيل" في لبنان على أن تلتزم بموجبات مهمتها ولسنا مع دخولها الأملاك الخاصة والقرى   /   ‏وزارة الصحة: شهيد في الغارة الإسرائيلية على سيارة في البابلية قضاء صيدا   /   الشيخ قاسم: الدول العربية وخصوصا الخليجية منها مهتمة جدا بأن يكون لها حضور في لبنان وقد رحبنا بذلك   /   رئيس المخابرات الفرنسية: جزء صغير من اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب "دُمر"   /   الشيخ قاسم: الساحة في لبنان ستلمس شكل حراك سياسي واسع وشامل لحزب الله مع كل الأطراف   /   الشيخ قاسم: هناك تواصل مع تيار المستقبل أما بالنسبة إلى علاقة موسعة فهو لم يستطع أن يحضر في هيكلية سياسية ليكون فاعلا   /   الشيخ قاسم: لا مشكلة لدينا في الحوار مع حزب الكتائب اللبنانية وجرت لقاءات تحت الهواء ولكن في فترات متباعدة   /   المخابرات الفرنسية: تقييمنا أن كل مكونات برنامج إيران النووي استهدفت وتضررت بشدة   /   رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن مهدي المشاط: نؤكد الالتزام بحرية الملاحة للجميع باستثناء الكيان الصهيوني ومن يدعمه في العدوان على غزة   /   الشيخ قاسم: هناك من يعمل على أساس أنه يجب ألا نكون كحركة أمل وحزب الله شركاء في بناء الدولة وقيام لبنان   /   الشيخ قاسم: أرى أن"شيعة" لبنان يتعرضون لتهديد وجودي إذا لم يبقوا واقفين على أقدامهم وما لم تتوقف الضغوط ومحاولات إثارة الفتنة   /   الشيخ قاسم: الرئيس بري لم يترك شيئا يرفع الرأس به إلا وفعله وهو حريص على الوحدة وعلى أن "إسرائيل" يجب أن تخرج من لبنان   /   الشيخ قاسم: منذ اللحظة الأولى الرئيس عون كان يؤكّد دائما وجوب الانسحاب الإسرائيلي وإعادة الأسرى وبدء الإعمار   /   الشيخ قاسم: حين وقعت الاعتداءات على الهرمل جرت محاولات للزج باسم حزب الله فتواصلنا مع الجيش اللبناني الذي جاء وتولى الأمر   /   الشيخ قاسم: منذ اليوم الأول قلنا إن لا علاقة لنا بالوضع السوري الداخلي ونتمنى أن يقف النظام السوري في مواجهة "إسرائيل"   /   الشيخ قاسم: ما حدث في سوريا خسارة لمحور المقاومة ككل لأنها كانت طريق دعم عسكري وأثر في غزة لأن النظام كان داعما للمقاومة   /   «الأخبار»: فرق الدفاع المدني نقلت عدداً من الإصابات من السيارة المستهدفة بين البابلية وأنصار   /   الشيخ قاسم: الاتفاق وافقت عليه الدولة اللبنانية بالواسطة وبالمفاوضات غير المباشرة بعد أن وافق حزب الله وحركة أمل عليه   /   

جروح السيد الرئيس

تلقى أبرز الأخبار عبر :


 

غسان شربل-الشرق الاوسط

لا تقل إن هذه الحرب بعيدة ولا تعنيك. إنها أعنف زلزال يضرب «Ø§Ù„قرية الكونية» منذ عقود وبعنف يوازي سبع درجات على مقياس ريختر. هذه حرب تعني سعر القمح والرغيف الذي يحتاجه أطفالك. وسعر الغاز الذي يساعدك في مكافحة الصقيع. وسعر الوقود الذي لا بد منه لسيارتك. إننا في عالم شديد الترابط، لهذا تبدو المغامرات الدامية فيه أشبه بأوجاع قطع الشرايين.
ولا مبالغة في القول إنها حرب بوتين. فهي من تأليفه وتلحينه. وتمس بالضرورة موقع بلاده في النظام الدولي الجديد الذي قد يولد هذه المرة من كييف لا من برلين. وتمس بالتأكيد موقعه داخل بلاده وبعدها موقعه بين أسلافه على صفحات التاريخ. ولأنها حرب بوتين يصعب عليه العودة عنها أو العودة منها من دون ثمن يبرر اندلاعها. مطالبة سيد الكرملين بالانسحاب من أوكرانيا بلا ثمن وضمانات تذكر مع الفوارق بمطالبة صدام حسين بالانسحاب من الكويت بلا ثمن وضمانات. وتقول الكتب إن صاحب القرار يسقط أحياناً أسير قرار تسرع في اتخاذه وإن عجزه عن قبول جرح في صورته أو هيبته يتسبب في «Ø¹ÙˆØ§Ù‚ب وخيمة».
الصحافة مهنة ماكرة ومثيرة تحبب إلى المنخرطين فيها جمع الحكايات وعقد المقارنات رغم الفوارق بين الأشخاص والمسارح والمراحل. شاهدت الفيديو المسرب عن اجتماع لمجلس الأمن القومي عقده بوتين لبحث موضوع الاعتراف بالجمهوريتين الانفصاليتين في أوكرانيا. لفتني ارتباك مدير المخابرات الروسية وحرص بوتين على استخراج الجواب الذي يريده منه. طالبه بجواب صريح وقاطع وكان له في النهاية ما أراد. ولأنني ابن الشرق الأوسط الرهيب تذكرت ما سمعت عن اجتماعات القيادة القطرية وقول صدام إنه قادر على اكتشاف الخونة من عيونهم وبمجرد التحديق بهم.
إنها تشوهات المهنة. راودني سؤال مفاده هل كان بوتين يحمل في السنوات القليلة الماضية مشروعاً لكسر رأس أوكرانيا السلافية التي سارعت إلى خيانة البيت السوفياتي وبخلت لاحقاً على روسيا برئيس موالٍ لها في كييف.
في سبتمبر (أيلول) 1979ØŒ ترأس صدام حسين وفد بلاده إلى قمة حركة عدم الانحياز التي عقدت في بلاد فيديل كاسترو ولم يكن مضى على توليه الرئاسة سوى شهرين. على هامش القمة استقبل صدام في مقره بهافانا وزير الخارجية الإيراني إبراهيم يزدي في حضور عضو القيادة العراقية صلاح عمر العلي. بعد اللقاء الذي ترددت فيه النيات الطيبة قال صلاح لصدام إن اللقاء كان إيجابياً ويمكن البناء عليه لإزالة أسباب التوتر. استمع صدام باهتمام ثم قال: «ÙŠØ§ صلاح انتبه. هذه الفرصة قد لا تتاح إلا مرة كل مائة سنة. الفرصة متاحة اليوم. سنكسر رؤوس الإيرانيين وسنعيد كل شبر احتلوه. وسنعيد شط العرب». وفي السنة التالية اندلعت حرب صدام ضد إيران وكان ما كان.
أنا لا أقول إن بوتين يشبه صدام. جاء الرجلان من نبعين مختلفين. ولا أقول إن وضع إيران بالنسبة إلى العراق يشبه وضع أوكرانيا بالنسبة إلى روسيا. لكن الرئيس القوي يصاب أحياناً بهاجس ثأر يأخذه بعيداً ولأنه قوي يصطحب بلاده معه.
في بداية التسعينات وفي عهد يلتسين، سألت عن اسم الرجل القوي في البلاد، وهالني جواب يقول «Ø¥Ù†Ù‡ السفير الأميركي». وحين شاهدت بزات ضباط «Ø§Ù„جيش الأحمر» تباع بحفنة من الدولارات في شارع أربات للمشاة في موسكو، سألت نفسي عن موعد الثأر الروسي. في بداية القرن أوكلت روسيا إلى رجل اسمه فلاديمير بوتين الثأر من إقدام الغرب على اغتيال الاتحاد السوفياتي بقوة النموذج والجاذبية ومن دون إطلاق الرصاص عليه.
كان صدام حسين يحمل في روحه جرحاً اسمه «Ø§ØªÙØ§Ù‚ الجزائر» الذي وقّعه في 6 مارس (آذار) 1975 مع شاه إيران محمد رضا بهلوي في حضور الرئيس هواري بومدين. تجرع صدام في الاتفاق سم التنازل عن شيء من سيادة العراق للتفرغ لإجهاض الثورة الكردية، وهو ما حصل. لكن السيد الرئيس لن يرتضي أن يسجل التاريخ أنه تنازل فأطلق الحرب ومزق الاتفاق وكان ما كان لاحقاً. وبعد الخروج منتصراً من الحرب سيحمل صدام جروح الديون مضافاً إليها جرح آخر.
في سبتمبر (أيلول) 1989ØŒ استقبل صدام أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الذي جاء مهنئاً بانتهاء الحرب مع إيران وقلده «ÙˆØ³Ø§Ù… الرافدين» الرفيع. ثم فاجأ الرئيس العراقي ضيفه بورقة تتضمن نص مشروع معاهدة بين البلدين وكانت الطاولة القريبة جاهزة لمراسم التوقيع. لم يتوقع صدام أن يطلب الضيف ترك النص للمختصين في البلدين لدراسته. كظم صدام غيظه لكن الجرح استقر في روحه وفي السنة التالية أرسل جيشه لاجتياح الكويت.
لم يسلم صدام بحق الجار الكويتي في انتهاج سياسة مخالفة لتوجهات العراق. ولم يتقبل أن يطلب الرئيس العائد «Ù…نتصراً» من حربه مع إيران أن يواجه اقتراحه إبرام معاهدة مع الكويت بالرفض أو الإرجاء.
تتحول المشكلة إلى مأساة حين يحمل الرئيس القوي جروحاً كثيراً في روحه. تكاثرت الجروح في قلب الكولونيل السوفياتي الوافد من عتمة الـ«ÙƒÙŠ Ø¬ÙŠ بي». جرح سقوط جدار برلين. وجرح دفع الاتحاد السوفياتي إلى المتاحف. وجرح فرار الجمهوريات من دون أن تذرف دمعة على البيت السوفياتي. وجرح تحريك حلف «Ø§Ù„ناتو» بيادقه في اتجاه حدود روسيا نفسها على وقع «Ø«ÙˆØ±Ø§Øª ملونة» وتقاسم فظ للإرث السوفياتي. كانت خيانة أوكرانيا «Ø£Ù… الخيانات» لهذا راح يعد لـ«Ø£Ù… المعارك». مزق ثياب جورجيا وأوكرانيا. استعاد القرم وتدخل عسكرياً في سوريا. أغلب الظن أنه كان يستعد للمنازلة الكبرى على المسرح الأوكراني.
الذهاب إلى الحرب أسهل بكثير من الرجوع منها خصوصاً إذا كانت روسية وعلى المسرح الأوروبي. اصطدام الاجتياح الروسي بمقاومة أوكرانية مدعومة غربياً ينذر بعواقب عسكرية واقتصادية وسياسية وإنسانية. عواقب وخيمة. لقد أصيبت «Ø§Ù„قرية الكونية» بجرح شديد الالتهاب على مقياس ريختر.