مهدي عقيل - خاصّ الأفضل نيوز
كلُّ الأجواء المُستحكمة بإسرائيل تشي بأن الرد على الضربة الإيرانية حتمي، لكن الاختلاف الذي يدور في الكابينت، يقتصر على حجم وتوقيت وكيفية الرد بطريقة تُجنب المنطقة حرباً لا يريدها الطرفان الأصيلان فيها، الولايات المتحدة وإيران. لكن ثمة خيار آخر طرحه أحد كتبة الأعمدة في "يديعوت أحرنوت"، أوري شافيط، يدفع نحو تأجيل الرد مقابل ثمن كبير تحصل عليه تل أبيب.
بعد الإخفاق المدوي الذي مُنِّي به الكيان العبري في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والذي أدّى إلى تهشّم المنظومة الأمنية والعسكرية بشكل مخيف، وتراجُع مكانة إسرائيل في العالم، التي استحالت بشكل أو بآخر إلى دولة شبه معزولة.
أضف إلى ذلك، فشل المنظومة السياسية والعسكرية الإسرائيلية في حربها على غزة، والتي لم تسفر إلا عن أبشع جرائم ضد الإنسانية، عن طريق قتل عشرات الآلاف، جُلُّهم من الأطفال والنساء، وتدمير أكثر من ثلثي القطاع، في ظل غياب استراتيجية شاملة، منظمة ومرتبة- أدارت إسرائيل الحرب بطريقة خرقاء وغير حكيمة، ومن دون إبداع، والنتيجة أتت مخيبة لآمال الكيان وداعميه، بحيث إنها لا تزال تفشل في إخضاع "حماس"، ولم تنجح في تحرير الرهائن، وفي نظر كثيرين من الأطراف المهمّين في المجتمع الدولي، فإن إسرائيل فقدت طريقها وشرعيتها، و"تحولت إلى أزعر بلطجي يتعرض للضرب المميت".
انطلاقاً من هذه الإخفاقات، يرى شافيط، أنه ثمة فرصة لإسرائيل للخلاص من المأزق الذي وضعت نفسها فيه، فرصة من غير المسموح تضييعها، منحتها إياها إيران. إذ "يجب استغلال إطلاق الـ331 صاروخاً ومسيّرة في الهجوم "المجرم" على الدولة اليهودية حتى النهاية. هذه هي اللحظة المناسبة لفتح صفحة جديدة. هذه هي اللحظة الملائمة لإنهاء الحرب الفاشلة التي أدرناها في النصف عام الماضي- وبدء حرب جديدة. صحيحة، وطويلة، وضرورية ووجودية".
ويضيف الكاتب، "لديها (إسرائيل) الحق في ضرب إيران وإشعال الشرق الأوسط. وفي مقابل تأجيل هذه الفرصة، يمكن لإسرائيل تحقيق إنجازات كبيرة جداً. مثلاً، يمكنها أن تطلب من الولايات المتحدة حلفاً دفاعياً، وتعاظم قوتها الأمنية، وغطاء سياسيًّا لضربة مستقبلية في لبنان. وعلينا أن نطالب أوروبا بتعاون استراتيجي في مقابل المحور الروسي- الإيراني. أمّا الدول العربية، فعلينا أن نطالبها باتفاق سلام إسرائيلي- سعودي وحلف شمال أطلسي- إقليمي وخطة مارشال في قطاع غزة. وعلينا أن نطلب من قطر الرهائن". وسأل شافيط بسخرية "هل تبدو قائمة المشتريات هذه طموحة جداً؟
بمعنى آخر، على إسرائيل أن تستغل الموقف الحرج لأميركا والغرب، وعليها أن تهدد العالم بإشعال الشرق الأوسط وإلا!... على طريقة زعران الحيّ.
الكل يعلم بأن اميركا، من اليوم الأول ل"طوفان الأقصى"، لا تريد اتساع رقعة الحرب واستحالتها إلى حرب إقليمية لا تُحمد عقباها، خصوصاً بعد أن أبدت إيران جرأة غير معهودة في ليل 13-14 الجاري، بتخلّيها عن نظرية "الصبر الاستراتيجي" واعتمادها من اليوم وصاعداً نظرية "الردع الاستراتيجي". وبالتالي، قد يستغل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حرج الأمريكان ويبتزهم بلائحة مطالب قد تزيد كثيراً عن قائمة المشتريات المشار إليها أعلاه!