مهدي عقيل - خاصّ الأفضل نيوز
يوم الجمعة الماضي، نال مشروع قرار الاعتراف بعضوية دولة فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة موافقة 12 دولة وامتناع دولتين ورفض الولايات المتحدة الأميركية اللاغي للقرار، كونها من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، مع العلم أن صدور القرار في الأخير يحتاج إلى أغلبية لا تقل عن 9 من أصل مجموع الأعضاء، شرط عدم استخدام حق النقض (الفيتو) من قِبَل أيّ من الدول الدائمة العضوية.
عليه، أُصيب الفلسطينيون خاصة، والعرب عامة، بخيبة أمل كبيرة، على أساس نيل العضوية الكاملة لفلسطين ستشكل نهاية لثلاثة أرباع قرن من المآسي التي عانى فيها الفلسطينيون كل مرارات الدنيا، فيما واقع الأمور يشي بخلاف ذلك تماماً، لدرجة قد يكون نيل العضوية على الشاكلة المطروحة أسوأ من عدمها.
طرح مشروع نيل العضوية الكاملة لفلسطين دون ذكر حدود تلك الدولة التي تقوم على أراضي حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 قبل هزيمة العرب في الحرب الشهيرة التي عُرفت تاريخياً باسم النكسة. يُفرغ تلك العضوية إن أُقرّت من مضمونها.
والسؤال هنا، ما معنى الاعتراف بدولة بلا حدود جغرافية؟ والاتفاق على أن يُناقش أمر الحدود لاحقاً، وبالتالي، تبقى أرض فلسطين، سواء في الضفة الغربية أو في القدس الشرقية أو في غزة، أرض متنازع عليها مع العدو.
منطق الأمور يقول، يُحدد الإطار الجغرافي للكيان المنوي الاعتراف به كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، حتى إذا نال العضوية، يُصبح دولة مكتملة المواصفات. لكن في الحالة الفلسطينية، محاولة نيل العضوية ما هي سوى اعتراف بدولة على الورق. إذ تستباح أرضها وكامل أرزاقها في أحد شطريها في الضفة الغربية، وتُمارس إبادة جماعية في شطرها الثاني في قطاع غزة منذ 200 يوم.
مع العلم أن فلسطين هي دولة سابقة للأمم المتحدة، ولو كان في العالم ذرة إنصاف، لكانت من الدول المؤسسة للأمم المتحدة عام 1945، ومن أولى الدول التي انضمت إليها، على غرار جارتها الدولة اللبنانية، لكن فلسطين من أواخر القرن التاسع عشر معقود قرانها لأن تكون "الوطن الموعود" كذباً وبهتاناً ليهود العالم.
وبطبيعة الحال، الخلف لا يعطي الشرعية للسلف. فلسطين هي دولة أصلاً، وبالتالي لا تحتاج لمن يمنحها هذه الصفة، فهي أشبه بمواطن صاحب جنسية، فيما إسرائيل شخص أجنبي-غريب غير مستوفي أيّ من الشروط، مُنح الجنسية مع الأسف، وبات "دولة" معترف بها في الأمم المتحدة بعد صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 في 11 مايو 1949.
في الحقيقة، فلسطين لن تبصر النور كدولة سيدة مستقبلة بكل ما للكلمة من معنى، سوى على كامل خريطة فلسطين التاريخية بعد دحر الاحتلال عن تلك الأرض المقدسة.