كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
عندما تمّت "التّسوية الرّئاسية" عام ٢٠١٦، وانتخاب مؤسّس "التّيار الوطنيّ الحرّ" العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية، وسبقها "اتفاق معراب" بين حزب "القوات اللبنانيّة" و"التيار الحرّ"، وصف رئيس القوات سمير جعجع العماد عون، بأنه "١٤ آذار الأصلي" وليس "التايواني"، تبريرًا لما حصل بين الطّرفين، وبأنّ اختياره رئيسًا للجمهورية، يمثّل "الخطّ السّياسي"، وحارب "الاحتلال السورية" في وقت كان "العونيون" يقولون أن مرحلة "حرب الإلغاء" قد انتهت.
فلم يكن توصيف جعجع للعماد عون هذا، إلّا لأنّه لا يريد لرئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية أن يصل إلى رئاسة الجمهوريّة، لأنه يعتبره "الأصلي في ٨ آذار" أو خط المقاومة، لأنه ثابت على المبادئ والقناعة والعروبة والعلاقة مع سوريا، وهذا ما يؤكده تاريخ فرنجية وأصول عائلته العربية والوطنية اللبنانية، وفق التعريف الموثق لآل فرنجية مع "الجبهة اللبنانيّةِ" وانسحب منها بعد أن بدأت ترتبط بالعدو الإسرائيليّ، وتنسحب من العلاقة مع سوريا، التي منعت "القوات المشتركة" للحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينيّة من تحقيق أي نصر عسكريّ، أو تقدّم باتجاه ما كان يسمّى "المناطق الانعزالية"، لكن رفض فرنجية الجد، سلوك "الجبهة اللبنانيّة" التي كان من أبرز أعضائها حزبي "الكتائب" و"الوطنيين الأحرار"، دفع ثمن الخيار السياسي، مع سوريا وعروبة لبنان ورفض التّقسيم، مجزرة ارتكبها حزب الكتائب بجناحه العسكري برئاسة بشير الجميل في إهدن، بقتل طوني فرنجية وزوجته وابنته ومناصرين له في ١٣ حزيران ١٩٧٨.
هذا التّاريخ الدموي الملتصق بحزب الكتائب، ومن ثم "القوات اللبنانيّة" التي خرجت من رحمه بقيادة بشير الجميل، الذي ارتكب مجازر لاحقة في الصفرا ضدَّ "الوطنيين الأحرار"، ونجا منها داني شمعون في تموز ١٩٨٠، فاغتيل في ١٣ تشرين الأول ١٩٩٠ على يد "القوات اللبنانيّة" برئاسة سمير جعجع، الذي حوكم على هذه الجريمة، كما على جرائم أخرى ومنها اغتيال الرئيس رشيد كرامي في أول حزيران عام ١٩٨٧.
ففي حزيران اغتالت "القوات اللبنانيّة" كرامي وطوني فرنجية، وهو شهر العار لها، الذي كانت خلاله وفي ٤ حزيران ١٩٨٢، شريكًا فعليًّا في الغزو الصهيوني للبنان، فوقف بشير الجميل مع وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون يخطّطون لاجتياح لبنان، كما كانا معًا على سطح مؤسسة كهرباء لبنان في منطقة الأشرفية - مار مخايل، يتفرّجان على بيروت المحاصرة، تحترق وتُدمّر بقذائف جيش الاحتلال الإسرائيلي.
فحزيران الثّمانينات من القرن الماضي، كما السنوات التي سبقت تؤكد على تاريخ "القوات اللبنانيّة"، التي لا ترغب وتمنع وصول رئيس "تيار المردة" إلى رئاسة الجمهورية،لأنه مدعوم من "محور المقاومة"، وهي التي وصل مؤسّسها بشير الجميل رئيسًا للجمهورية، في ظل الاحتلال الإسرائيليِّ ودعمه، ويتحدّث جعجع ومعه رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، وأطراف في "الفريق السيادي"، عن أنّهم يريدون رئيسًا بمواصفات بشير الجميل، المتعاون مع العدوِّ الصهيونيّ، والذي يُقيم علاقات مع أنظمة عربية أقامت علاقات مع الكيان الصهيونى، الذي كان يخطّط قادته كي يكون لبنان الدولة الثانية بعد النظام المصري برئاسة أنور السادات، التي توقّع "السّلام" مع هذا الكيان الغاصب، الذي فاجأته المقاومة هذه في لبنان فقتل رئيس النظام الذي اختارته قبل تسلّمه الحكم لهذه الأسباب لا ترى "القوات اللبنانيّة ومن تتحالف معهم، في لبنان والخارج سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية، لأنه في الموقع المُعادي لإسرائيل، وهو ما عبّر عنه في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، كما في مواقفه على مدى عقود، أثناء الوجود السّوري وبعد خروج الجيش السوري، وقبل المقاومة بقيادة "حزب اللّه" وأثناء تصديه للاحتلال الإسرائيلي.
وصحيح أن جعجع يقيم اتفاقًا مع عون، ليصل إلى رئاسة الجمهورية، لأن جذوره كانت مع "القوات اللبنانيّة" ومن فريق بشير الجميل، لذلك هو الأصلي في "١٤ آذار"، لكن الرئيس عون خذل جعجع، ولم يتراجع عن ثوابته التي آمن بها، في المشرقية المسيحيّة، والعداء لإسرائيل، وحق لبنان بالمقاومة.