د. أكرم حمدان - خاصّ الأفضل نيوز
منذ أيام وعلى الرغم من الحراك الذي بدأ يلوح في أفق الخماسية الدولية، حول الملف اللبناني، وما قيل عن أفكار ومقترحات جديدة حول الاستحقاق الرئاسي اللبناني، إلا إن ما قاله "مايسترو" الاستحقاق داخلياً -رئيس مجلس النواب نبيه بري ، حول تأثير استمرار الشغور الرئاسي على الانتخابات النيابية المقبلة بعد سنة ونصف السنة، يستحق التوقف عنده والتأمل فيه وقراءته جيداً.
فقد تمنى بري عدم الوصول إلى هذه المشكلة، أي مشكلة الانتخابات، التي تنطلق برأي رئيس المجلس من " قانون الانتخاب المُختلف عليه بين مَن يريده ومَن لا يريده، والحاجة إلى إعادة النظر فيه، فالقانون النافذ لا يصلح للتطبيق لأننا ملزمون بانتخاب ستة نواب للاغتراب لم يصر بعد إلى تحديدهم وتوزّعهم على الطوائف والقارات".
وبمعزل عن المحاولات الجارية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وما إذا كانت ستصل إلى نتائج ملموسة في ظل الأجواء القائمة في المنطقة والإقليم واستمرار حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وتهديد قادة الاحتلال بتوسيعها بكل الاتجاهات، فإن الواقع الداخلي اللبناني والتركيبة التي يتشكل منها البرلمان اللبناني وتوسع رقعة التفكك داخل الكتل والتحالفات النيابية، تزيد من تعقيدات هذا الملف الذي تم تجاوزه في الانتخابات السابقة عام 2022.
ومن باب التذكير فقد تم تعليق العمل بالمادة 112 من قانون الانتخاب التي ألمح إليها بري والتي تنص حرفياً على أن : "المقاعد المخصّصة في مجلس النواب لغير المقيمين هي ستة، تُحدَّد بالتساوي ما بين المسيحيين والمسلمين موزّعة-أي المقاعد- كالتالي: ماروني - أرثوذكسي - كاثوليكي - سني - شيعي - درزي، وبالتساوي بين القارات الست"، على أن يجري الاقتراع في الخارج "على أساس النظام النسبي ودائرة انتخابية واحدة قبل 15 يوماً على الأكثر من الموعد المعيّن للانتخابات في لبنان"، بحسب المادة 118 من قانون الانتخاب.
وهذا يعني أن عدد أعضاء مجلس النواب سيصبح 134عضواً في الدورة الانتخابية التي سوف تلي الدورة الانتخابية الأولى التي ستجرى وفق هذا القانون.
إن الأسباب التي أدت إلى تعليق العمل بهذه المادة لا تزال قائمة، وربما ازدادت تعقيداً، فهناك من يرى أن الصعوبات التي تحول دون هذه الخطوة تتمثل بكيفية تحديد المقاعد ومن يحدد هذا المقعد لهذه الطائفة أو تلك وكيف سيُشارك النائب المنتخب في الاغتراب في التشريع إذا بقي في الخارج، وهل تبقيه عودته ليكون في عداد المشرعين النواب ممثلاً عن المغتربين أم يتحول إلى مقيم؟ وهل من الصحي أن يتمثل المغتربون بستة نواب بدل أن يكون المجلس بكامله ممثلاً لهم؟ وهل يجوز أن ننقل عدوى القانون الطائفي إلى بلاد الاغتراب بدل أن نحذوَ حذوَ الغرب في الانتخاب من دون القيد الطائفي؟.
كذلك هناك مشاكل فنية وتقنية تحول دون تطبيق فكرة النواب الستة خصوصاً مع اعتماد الدائرة الانتخابية الواحدة، حيث يُصبح لزاماً على المرشح في أستراليا مثلا أن يعيّن مندوبين في 200 دولة أخرى، كما أن هناك دولاً تمنع إجراء الانتخابات اللبنانية على أراضيها، ودولًا أخرى لا سفارات لبنانية أو قنصليات فيها.
كل ما تقدم والخلاف السياسي على قانون الانتخاب الذي يرى الكثير من القوى السياسية والبرلمانية الحالية، ضرورة تعديله وخصوصاً في موضوع الصوت التفضيلي وتوزيع الدوائر، مع التمسك بمبدأ اعتماد النسبية، يجعل مصير الانتخابات النيابية المقبلة في مهب المجهول ويُبرر التلميح الذي أشار إليه بري والذي لم يعلق عليه أحد حتى الآن.
فلننتظر لنرى...بعد الشغور الرئاسي..التمديد لمجلس النواب.